وقد أصدرت بعثة الأمم المتحدة لرصد حقوق الإنسان في أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، تقريرا ركز على الاحتجاز التعسفي للمدنيين في سياق الهجوم الروسي الواسع منذ شباط /فبراير من العام الماضي.
وفي حديث للصحفيين في جنيف عبر تقنية الفيديو، قالت رئيسة البعثة ماتيلدا بوغنر، إن روسيا احتجزت مدنيين في المناطق التي احتلتها، ونفذت “ما بدا في بعض الحالات أنه اعتقالات أمنية، ولكن بطريقة لا تحمي المدنيين أو تمتثل للقانون الدولي”.
وأضافت: “لقد وثقنا 864 حالة فردية للاحتجاز التعسفي من قبل الاتحاد الروسي، وكثير منها يرقى أيضا إلى حالات الاختفاء القسري”.
وقد وجد التقرير أنه غالبا ما يتم احتجاز المدنيين أثناء ما يسمى بـ “التصفية” في الأراضي المحتلة بسبب الاشتباه بدعمهم لأوكرانيا، بمن فيهم المسؤولون العامون المحليون والمتطوعون الإنسانيون وأعضاء المجتمع المدني والقساوسة والمعلمون.
كما وثق التقرير إعدام 77 مدنيا بإجراءات موجزة أثناء احتجازهم التعسفي من قبل روسيا. وقالت رئيسة بعثة المراقبة إن المعتقلين احتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي في كثير من الحالات، وفي أماكن احتجاز غير رسمية، غالباً ما تكون الظروف فيها بائسة.
وأضافت: “في حوالي ربع الحالات الموثقة، تم نقل المعتقلين المدنيين إلى مواقع أخرى داخل الأراضي المحتلة أو ترحيلهم إلى روسيا. في كثير من الأحيان، لم يتم الكشف عن أي معلومات لعائلاتهم لفترات طويلة من الزمن”.
أكد معظم الذين تمت مقابلتهم في سياق التقرير على أنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، كما تعرضوا للعنف الجنسي في بعض الحالات.
وقالت السيدة بوغنر: “تم استخدام التعذيب لإجبار الضحايا على الاعتراف بمساعدة القوات المسلحة الأوكرانية، أو إجبارهم على التعاون مع سلطات الاحتلال، أو ترهيب أصحاب الآراء المؤيدة لأوكرانيا”.
اعتقالات في أوكرانيا
من جهة أخرى، أشارت المسؤولة الأممية إلى أن التعديلات التشريعية التي أُقرت العام الماضي في البلاد، وممارسات قوات الأمن الأوكرانية، أدت إلى خلق بيئة مواتية للاحتجاز التعسفي. فقد وثق التقرير 75 حالة احتجاز تعسفي من قبل قوات الأمن الأوكرانية، معظمها لأشخاص يشتبه في ارتكابهم جرائم متعلقة بالنزاع.
وقالت: “بموجب الأحكام العرفية، أعطت التعديلات التشريعية السلطات الأوكرانية سلطة تقديرية أوسع لاحتجاز الأشخاص لأسباب تتعلق بالأمن القومي. نظرا لنطاقها المفرط، يبدو أن الأحكام المعدلة تتجاوز ما هو مسموح به بموجب القانون الدولي، حتى أثناء حالة الطوارئ العامة، وقد سهلت الاحتجاز التعسفي”.
وأكدت السيدة بوغنر أن نصف المعتقلين تعسفيا تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة على أيدي قوات الأمن الأوكرانية.
أين التحقيقات؟
وقالت رئيسة بعثة المراقبة إنها ليست على دراية بأي تحقيقات تقوم بها السلطات الروسية فيما يتعلق بالاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري أو التعذيب أو سوء المعاملة الذي ارتكبته قواتها في أوكرانيا.
كما أعرب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه العميق من موافقة البرلمان الروسي على مشروع قانون- في مرحلة القراءة الأولى- قد يُعفي مرتكبي الجرائم الدولية في المناطق المحتلة من أوكرانيا من المسؤولية الجنائية، إذما ارتكبت لحماية “مصالح الاتحاد الروسي”.
وقالت السيدة بوغنر: “إن هذا الأمر من شأنه أن ينتهك التزام الدولة بالتحقيق في الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان ومقاضاة مرتكبيها”.
من جهة أخرى، أفادت الحكومة الأوكرانية بأ نها بدأت تحقيقات جنائية في كل ادعاء متعلق باحتجاز الاتحاد الروسي لمدنيين، وقد أدين 23 شخصا حتى الآن، من بينهم 19 غيابيا. وفي هذا الصدد قالت رئيسة بعثة المراقبة: “لسنا على دراية بأي تحقيقات جنائية مكتملة من قبل السلطات الأوكرانية مع قوات الأمن التابعة لها بشأن مثل هذه الانتهاكات”.
حول التقرير
واستندت النتائج الواردة في التقرير إلى 1136 مقابلة مع ضحايا وشهود وغيرهم، و274 زيارة ميدانية و70 زيارة لأماكن الاحتجاز الرسمية التي تديرها السلطات الأوكرانية.
وقد وثق مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان في أوكرانيا أكثر من 900 حالة احتجاز تعسفي لمدنيين، بمن فيهم أطفال وكبار سن، والغالبية العظمى من هذه القضايا ارتكبتها روسيا.
وشددت السيدة بوغنر على أن الانتهاكات الموثقة في التقرير لا تؤثر على الضحايا فحسب، بل لها آثار جسيمة على عائلاتهم ومجتمعاتهم، الذين لا يزال العديد منهم لا يعرفون مصير أحبائهم.
وحثت رئيسة البعثة كلا من روسيا وأوكرانيا على إطلاق سراح أي شخص محتجز بشكل تعسفي والامتثال الكامل لأحكام القانون الدولي، كما دعت روسيا إلى منح مراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة حق الوصول الكامل وغير المقيد إلى جميع المناطق التي تحتلها في أوكرانيا.
ووفقا لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فإن أوكرانيا منحت البعثة وصولا سريا- دون عوائق- إلى أماكن الاحتجاز الرسمية والمحتجزين، باستثناء مكان واحد، فيما لم تمنح روسيا مثل هذا الوصول، على الرغم من طلبات المكتب المتكررة.
Share this content: