احتدم جدل واسع بين القاهرة وأمستردام إثر افتتاح الأخيرة معرض “كيميت” (أي الأراضي السوداء) منذ شهر أبريل/نيسان الماضي في محاولة لإبراز تأثير مصر القديمة على الفنانين ذوي الأصول الأفريقية بمتحف “ريكميوزيوم فان أودهيدن”. واعتبرت هيئة الآثار المصرية أن “المتحف يزيف التاريخ ويحاول السطو على الحضارة المصرية”. يأتي هذا في وقت تبذل هولندا جهودا كبيرة للتصالح مع ماضيها الاستعماري.
نشرت في:
4 دقائق
اعتبرت هيئة الآثار المصرية أن متحف كيميت الهولندي “يزيف تاريخ وحضارة مصر” لا سيما عندما يحاول إظهار تأثير مصر القديمة على الفنانين ذوي الأصول الأفريقية.
وعُرضت بالقرب من تماثيل نصفية قديمة صورة لبيونسيه في شخصية الملكة نفرتيتي، ومقطع فيديو لريهانا وهي ترقص أمام الأهرامات. وفي وسط القاعة، قناع ذهبي يوحي أنه كان لأحد الفراعنة، لكنه في الواقع منحوتة حديثة تمثل غلاف ألبوم لمغني الراب ناز.
وأثارت هذه القطع التي يتضمنها معرض “كيميت” (أي “الأرض السوداء”) في متحف “ريكميوزيوم فان أودهيدن” (المتحف الوطني للآثار) في ليدن حفيظة مصر التي أفيد أنها منعت علماء آثار من المتحف الهولندي من التنقيب في أحد المواقع المهمة.
اقرأ أيضالون بشرة كليوبترا يثير جدلا واسعا في مصر
وقالت هيئة الآثار المصرية إن المتحف يزيف التاريخ باعتماده مقاربة “الأفرونستريك” أي “الحركة المركزية الأفريقية”، منددة بـ “محاولة السطو على الحضارة المصرية”، بحسب وسائل إعلام هولندية.
المعرض يهدف إلى “إبراز تمثيل مصر القديمة”
ولاحظ متحف ليدن أن بعض التعليقات على الشبكات الاجتماعية بعد اندلاع الجدل اتسمت بكونها “عنصرية أو مسيئة”. وبالتالي، أدى ما كان من المفترض أن يكون احتفاء بـ”مصر في الهيب هوب والجاز والسول والفانك” إلى نشوب معركة ثقافية.
وفي المتحف الواقع على ضفة قناة مائية بالمدينة الجامعية، وُضعت بالقرب من بعض المعروضات الأثرية أغلفة ألبومات تُظهر تأثير مصر القديمة على فنانين كتينا تورنر وإيرث ويند أند فاير ومايلز ديفيس.
واعتبر أحد الزوار أن “لا معنى” لرد الفعل المصري على المعرض. وقال دانيال فوشارت (37 عاما)، وهو فنان كندي “ربما كانوا يحاولون تسجيل نقاط سياسية. ما مِن شيء بدا لي صادما”. وقال لوكالة الأنباء الفرنسية “ليس الأمر كما لو أن الحكومة الهولندية دفعت لبيونسيه لتصبح مصرية”.
العلاقة مع أفريقيا “معقدة” أكثر
وفي اتصال مع نفس الوكالة، رفض المتحف التعليق، لكنه خصص زاوية على موقعه الإلكتروني لـ “الضجة” في شأن المعرض. ووعد المتحف بحذف التعليقات المسيئة على حساباته عبر الشبكات الاجتماعية، مشددا على أن المعرض يهدف إلى “إبراز تمثيل مصر القديمة والرسائل الموسيقية لفنانين سود” و”إظهار ما يمكن أن يفيدنا به البحث العلمي وعلم المصريات عن مصر القديمة والنوبة”. وأشارت مصادر المتحف إلى أن أمين المعرض دانيال سليمان نصف مصري ومعجب كبير بالموسيقى.
اقرأ أيضااستهجان مصري واسع لمسلسل نتفليكس بسبب شعر كليوباترا …
وبدا أن المعرض الذي افتُتح في أواخر نيسان/أبريل ويستمر إلى أيلول/سبتمبر رُبط بمسألة أخرى مثيرة للجدل. فقد أعرب خبراء ومسؤولون مصريون عن استيائهم في نيسان/أبريل الفائت، بعد عرض “نتفليكس” وثائقيا عن كليوباترا جسدت فيه ممثلة ذات بشرة داكنة شخصية الملكة الفرعونية الشهيرة. وأكد المجلس الأعلى للآثار أن كليوباترا كانت “ذات بشرة فاتحة اللون وملامح هلنستية (يونانية)”.
“لدى المصريين ميلا قويا إلى الهوية العربية المصرية”
وبعد بضعة أشهر، منعت السلطات المصرية علماء آثار من المتحف الهولندي من دخول مقبرة سقارة بجنوب القاهرة، وفقا لصحيفة “إن آر سي أمستردام”، مع أن بعثات المتحف الهولندي كانت تعمل منذ أكثر من خمسة عقود في الموقع الشاسع المعروف بأهراماته خصوصا.
لكن الجدل يُظهر الصعوبات التي تواجهها دولة كهولندا التي بذلت جهودا في السنوات الأخيرة للتصالح مع ماضيها الاستعماري في اعتماد مقاربات جديدة تُسبب لها لاحقا مجموعة جديدة من المشاكل.
ورأى علي حمدان أن “لدى المصريين ميلا قويا إلى الهوية العربية المصرية” في حين أن علاقتهم بأفريقيا “معقدة” أكثر. لكن هذا المتخصص في الجغرافيا السياسية من جامعة أمستردام رأى أن “الأمر لا يتعلق فقط بما إذا كان المتحف يفهم الهوية المصرية جيدا أو بطريقة سيئة”.
وقال لوكالة الأنباء الفرنسية “هذان مشروعان مختلفان لفهم مصر القديمة. أحدهما مشروع ثقافي لهذا المتحف، والآخر مشروع سياسي للدولة المصرية التي تهتم كثيرا بتحديد من ينتمي إلى “المصرية”.
فرانس24/ أ ف ب
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.