أعلن عسكريون الأربعاء الإطاحة بنظام رئيس النيجر محمد بازوم، في بيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الوطني في نيامي، باسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”. كما قرر منفذو الانقلاب إغلاق الحدود البرية والجوية “حتى استقرار الوضع”. فيما صدرت إدانات أفريقية ودولية واسعة للانقلاب. فيما توجه رئيس بنين باتريس تالون إلى النيجر لتأدية وساطة.
وسط تنديد أفريقي ودولي، أعلن عسكريون مساء الأربعاء أنهم أطاحوا بنظام الرئيس النيجري محمد بازوم.
وفي بيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الوطني في نيامي، باسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”، قال الكولونيل ميجور أمادو عبد الرحمن محاطا بتسعة جنود آخرين يرتدون الزي الرسمي “نحن، قوات الدفاع والأمن، المجتمعين في المجلس الوطني لحماية الوطن، قررنا وضع حد للنظام الذي تعرفونه”.
أضاف “يأتي ذلك على إثر استمرار تدهور الوضع الأمني وسوء الإدارة الاقتصادية والاجتماعية”.
وأكد “تمسك” المجلس بـ”احترام كل الالتزامات التي تعهدتها النيجر”، مطمئنا أيضا “المجتمع الوطني والدولي في ما يتعلق باحترام السلامة الجسدية والمعنوية للسلطات المخلوعة وفقا لمبادئ حقوق الإنسان”.
وأشار بيان العسكريين الانقلابيين أيضا إلى “تعليق كل المؤسسات المنبثقة من الجمهورية السابعة. وسيكون الأمناء العامون للوزارات مسؤولين عن تصريف الأعمال. قوات الدفاع والأمن تُديرالوضع، ويُطلَب من جميع الشركاء الخارجيين عدم التدخل”.
إضافة إلى ذلك، “يتم إغلاق الحدود البرية والجوية حتى استقرار الوضع” و”يُفرَض حظر تجول اعتبارا من هذا اليوم، من الساعة 22:00 حتى الساعة 05:00 (21:00 إلى 04:00 بتوقيت غرينتش) على كامل التراب حتى إشعار آخر”، حسبما جاء في البيان.
ما هي آخر التطورات في النيجر بعد إعلان الانقلاب على بازوم؟
واحتجز عناصر من الحرس الرئاسي الرئيس بازوم فيما منحهم الجيش “مهلة” لإطلاق سراحه، وكُلفت بنين في ضوء ذلك بتأدية وساطة.
في وقت سابق الأربعاء، فرق عناصر الحرس الرئاسي متظاهرين مؤيدين لبازوم حاولوا الاقتراب من المقر الرئاسي حيث يُحتجَز في نيامي، عبر إطلاق عيارات نارية تحذيرية، وفق مراسل في وكالة الأنباء الفرنسية.
إدانات أفريقية ودولية
وندد الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) “محاولة الانقلاب”، وهو وصف للأحداث الجارية أكده مصدر قريب من بازوم.
كذلك، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس “أي محاولة لتولي الحكم بالقوة”، داعيا إلى احترام الدستور النيجري.
ومساء، أعلن المتحدث باسم الأمين العام أن غوتيريس “تحدث” مع بازوم وأعربه له عن “دعمه الكامل وتضامنه”.
ما هي دوافع العملية الانقلابية في النيجر وهل هناك أطراف خارجية تقف وراءها؟
من جهتها، طالبت الولايات المتحدة الأربعاء بإطلاق سراح رئيس النيجر. وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان في بيان “ندين بشدة أي محاولة لاعتقال أو لإعاقة عمل الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في النيجر والتي يديرها الرئيس بازوم”.
ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء إلى “الإفراج الفوري” عن رئيس النيجر. وصرح بلينكن الذي يزور نيوزيلندا “تحدثتُ مع الرئيس بازوم في وقت سابق هذا الصباح وقلت له بوضوح إن الولايات المتحدة تدعمه بقوة بصفته رئيسا للنيجر منتخبا بشكل ديمقراطي”، مطالبا بـ”إطلاق سراحه فورا”.
وأعلن بلينكن أن استمرار المساعدات التي تُقدمها بلاده للنيجر مرهون بـ”الحفاظ على الديمقراطية” في الدولة الأفريقية.
كما صدرت إدانات عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للنيجر، والجزائر المجاورة.
وأعلن البنك الدولي أنه “يدين بشدة أي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة” أو “زعزعة استقرار” النيجر.
في الأثناء، توجه رئيس بنين باتريس تالون إلى النيجر لتأدية وساطة، وفق ما أعلن رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لـ”إيكواس”.
مساء، أشار مصدر مقرب من بازوم إلى أن تالون لن يصل قبل الخميس إلى نيامي ليجتمع بوفد نيجيري “سبق أن أجرى محادثات مع الطرفين”.
ونددت الأحزاب المنضوية في الاتئلاف الحاكم بـ”جنون انتحاري ومناهض للجمهورية”، مؤكدة أن “بعضا من عناصر الحرس الرئاسي احتجزوا رئيس الجمهورية وعائلته ووزير الداخلية” حمدو أدامو سولي.
انتُخب بازوم الذي يُعد من بين القادة الموالين للغرب الذين يتضاءل عددهم في منطقة الساحل، عام 2021 على رأس الدولة الغارقة في الفقر والتي تعاني عدم استقرار.
وكان عناصر الحرس الرئاسي قد أغلقوا صباح الأربعاء كل مداخل مقر إقامة الرئيس ومكاتبه. وبعد انهيار المحادثات “رفضوا الإفراج عن الرئيس”، وفق مصدر في الرئاسة.
وأضاف المصدر طالبا عدم كشف هويته أن “الجيش منحهم مهلة”.
وقالت الرئاسة في رسالة عبر تويتر الذي تغير اسمه إلى “إكس”، “انتابت لحظة غضب عناصر من الحرس الرئاسي.. وحاولوا بلا نجاح كسب دعم القوات المسلحة الوطنية والحرس الوطني”.
وأضافت أن “الجيش والحرس الوطني على استعداد لمهاجمة عناصر الحرس الرئاسي المتورطين في لحظة الغضب هذه ما لم يعودوا إلى صوابهم”. وتابعت “الرئيس وعائلته بخير”. فيما لم تكشف الرئاسة سبب غضب عناصر الحرس الرئاسي.
وأُغلِقَت كل الطرق المؤدية إلى المجمع الرئاسي في نيامي على الرغم من عدم تسجيل أي انتشار غير عادي للجيش أو أصوات إطلاق نار في المنطقة، بينما بدت حركة السير طبيعية، وفق مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.
استخدم المصدر المقرب من بازوم المصطلح ذاته في وصفه للأحداث وأضاف أن محاولة الاستيلاء على السلطة “مصيرها الفشل”.
ودعت “إيكواس” إلى إطلاق سراح بازوم فورا وبلا شروط، محذرة من أن جميع المتورطين يتحملون مسؤولية سلامته.
وندد الاتحاد الأوروبي على لسان مسؤول السياسة الخارجية جوزيب بوريل “أي محاولة لزعزعة الديمقراطية وتهديد الاستقرار في النيجر”.
عقود من الانقلابات
شهدت الدولة الواقعة في منطقة الساحل أربع عمليات انقلاب منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 ومحاولات عدة أخرى للاستيلاء على السلطة.
كان بازوم، وزير الداخلية سابقا، قريبا من الرئيس السابق محمد إيسوفو الذي تنحى طوعا بعد ولايتين.
واعتُبرت عملية تسليم السلطة التي جرت في نيسان/أبريل 2021، بعد الانتخابات التي فاز فيها بازوم عقب جولتين في مواجهة الرئيس السابق محمد عثمان، أول انتقال سلمي للسلطة في النيجر منذ الاستقلال.
النيجر: تاريخ حافل بالانقلابات
لكن شبح ماضي النيجر المضطرب بقي يطاردها. فوقعت محاولة انقلاب قبل أيام فقط من تنصيب بازوم في نيسان/أبريل 2021، وفق ما ذكر مصدر أمني حينذاك.
ووقعت محاولة ثانية للإطاحة ببازوم في آذار/مارس هذا العام “بينما كان الرئيس.. في تركيا”، حسب مسؤول نيجري أكد توقيف شخص. ولم تعلق السلطات علنا على الحادثة.
فقر وجهاديون
تشكل الصحراء ثلثي مساحة النيجر الواقعة في قلب منطقة الساحل القاحلة في غرب أفريقيا وتحتل مرتبة متأخرة في مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.
وتعد الدولة الأفريقية 22,4 مليون نسمة، وهو عدد يرتفع بشكل متسارع نظرا إلى بلوغ معدل الولادات سبعة أطفال لكل امرأة.
تعاني البلاد تحركين للجهاديين: الأول في الجنوب الغربي ينفذه عناصر قدموا من مالي المجاورة عام 2015، والآخر في الجنوب الشرقي ينفذه جهاديون مقرهم شمال شرق نيجيريا.
فر مئات الآلاف من منازلهم، ما تسبب بأزمة إنسانية وفاقم الضغط على الاقتصاد.
وتلقى الجيش النيجري تدريبات ودعما لوجستيا من الولايات المتحدة وفرنسا، علما بأن للدولتين قواعد عسكرية في البلاد.
وأصبحت النيجر العام الماضي مركزا للعمليات الفرنسية لمكافحة الجهاديين في الساحل، والتي أعيد النظر فيها بعدما انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو إثر خلافات سياسية مع البلدين.
واستعانت مالي بمجموعة المرتزقة الروسية فاغنر، حسب دول غربية، فيما تفيد مجموعات حقوقية بأن العناصر الروس تورطوا في ارتكاب فظاعات.
فرانس24/ أ ف ب
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.