وثق مقطعا فيديو تم إرسالهما إلى فريق تحرير مراقبون مخاض امرأة نيجيرية في مركز احتجاز قرب العاصمة الجزائرية في 7 تموز/ يوليو على الأرض ودون معدات طبية. وتستخدم السلطات هذا المركز الواقع في منطقة دالي إبراهيم في إحدى ضواحي العاصمة لتجميع المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء قبل ترحيلهم إلى النيجر المجاورة. وتم فيما بعد نقل الوليد وأمه إلى المستشفى دون معرفة ما إذا سيتم ترحيلهما.
نشرت في:
6 دقائق
إنه مشهد تصعب على المرء مشاهدته: إذ تضع امرأة مولودها على الأرض دون مساعدة طبيب أو عمال صحة، فيما ملأت النسوة اللاتي كن بجانبها المكان بالصراخ والنحيب. تم توثيق المشهد باستخدام أحد الهواتف القليلة التي مرت خلف ظهر رجال الشرطة في مركز دالي إبراهيم لترحيل المهاجرين قرب العاصمة الجزائر.
وتم غسل الرضيع الوليد الذي كان حينها لا يزال مربوطا بالحبل السري مع أمه على يد عدة نسوة استعنَّ بقارورة ماء بلاستيكية. قبل أن تقوم امرأة ترتدي قميصا أزرقا بلفه في منديل ووضعه فوق بطن أمه.
على مقطع فيديو ثان، لم تعد الأم ولا رضيعها هناك. فيما أظهرت الكاميرا آثار الدماء على الأرض، نسمع عدة أصوات قلقة تتساءل في حيرة، إذ يقول الشخص الذي التقط الصور: “هل سقط الرضيع؟ أين الرضيع؟” قبل أن يوجه الكاميرا إلى شباك بقضبان حديدية يظهر مكانا قريبا خارج المركز حيث نرى رجالا بزي أمني وسيارة إسعاف تابعة للحماية المدنية الجزائرية.
واختار فريق تحرير مراقبون الاكتفاء بنشر صور ملتقطة من الشاشة لحماية هوية الأم ورضيعها والأشخاص الموجودين في المركز.
حسب مصدر دبلوماسي تواصل معه فريق التحرير، فإن المرأة تحمل الجنسية النيجيرية ووضعت رضيعا في 7 تموز/يوليو 2023 في مركز دالي إبراهيم للمهاجرين. وتم التكفل بها في المستشفى وتلقت زيارة في 8 تموز/يوليو من سفير بلادها في الجزائر.
“نتبول وننام على الأرض، الروائح الكريهة تخنقنا”
تم تصوير المشهد من قبل مواطنة كاميرونية أرسلت مقطعي الفيديو فيما بعد إلى صديقها “بول” (اسم مستعار) وهو كاميروني الجنسية أيضا. وأحاط هذا الأخير فريق تحرير مراقبون فرانس24 علما بالموضوع. وبعد أن كان مقيما في نفس هذا المركز المخصص للمهاجرين، يقول إنه تم ترحيله إلى النيجر خلال الأسابيع الماضية:
مررت بنفس هذا المركز لمدة أسبوع. الظروف داخله مروعة، لم يكن لدي لا ماء ولا طعام. نتبول وننام على الأرض، الروائح الكريهة تخنقنا. المركز ليس كبيرا ولا يضم سوى ست حجرات. وقد تكدس فيه ما بين 500 إلى ألف شخص.
يقوم الأمن الجزائري بمصادرة هواتفنا لأنهم يتخوفون من أن نحتفظ بتسجيلات نكشف من خلالها ظروف الإقامة في المركز.
ترحيل إلى الصحراء
لم ترد وزارة الداخلية الجزائرية على استفساراتنا بشأن مصير المرأة ووليدها عندما يخرجان من المستشفى.
إذا ما تم ترحيلهما إلى النيجر، فإنهما مهددان بعيش تجربة قاسية جديدة بدءا بالسفر نحو ولاية تمنراست أول نقطة على بعد نحو ألفي كيلومتر جنوب الجزائر العاصمة. ويردف “بول” قائلا:
نغادر مركز تجميع المهاجرين على متن حافلات: النساء من جهة والرجال من جهة أخرى. يتم مدنا ببعض الخبز وقطع الجبن هذا كل شي. يوجد رجال شرطة داخل الحافلة لمراقبتنا. يحملون أسلحة ومسدسات وعصيا. يتعرض كل من يشتكى خلال الرحلة إلى الشتم إذ يقول لهم الشرطيون: “اسكتوا أيها الزنوج، لسنا بحاجة إلى السود في الجزائر. عودوا من حيث جئتم”.
بعد رحلة عبر الحافلة في اتجاه تمنراست، يتم اقتياد المهاجرين فيما بعد عبر شاحنات في اتجاه الحدود الجزائرية مع النيجر ويتم تركهم في قلب الصحراء في “النقطة صفر”. ويجب عليهم فيما الوصول بإمكانياتهم الخاصة إلى مدينة “أسماكا” في النيجر، على بعد نحو عشر كيلومترات من الحدود.
اقرأ أيضا“ترحيل” المهاجرين في الجزائر.. “الوجهة هي الصحراء”
“غالبا ما تكون هناك نساء مع الرضع وفي بعض الأحيان نساء حوامل”
من بين المرحَلين، ليس من النادر أن توجد نساء أو أطفال حسب توضيح مختار دان يايي العضو في “ألارم فون الصحراء Alarm Phone Sahara” وهي تنسيقية لتوثيق الهجرة في النيجر، إذ يقول:
في عمليات ترحيل المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء من الجزائر، لا يتم التفريق بينهم. توجد باستمرار نساء مع الرضع وفي بعض الأحيان نساء حوامل من بين المرحلين الذين يصلون إلى النيجر. أتذكر بالخصوص أنني حضرت في شباط/فبراير الماضي وصول امرأة مع رضيع لم يتجاوز عمره ثمانية أشهر. تصل تلك النسوة إلى هنا في وضع مثير للشفقة.
في الصحراء، يكون الطقس شديد الحرارة، أو شديد البرودة والجفاف. كثير من الأشخاص لا يتحملون هذا العناء ويقضون نحبهم هناك، فقد عثرنا على جثث في الطريق. ولكن وبما أننا لا نملك تواصلا مع السلطات الجزائرية من الصعب توثيق عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم بشكل دقيق.
وباستثناء اتفاق يعود لسنة 2014 يتعلق بالمهاجرين من النيجر، لا ينظم شيء عمليات الطرد “غير الرسمية” التي تقوم بها الجزائر منذ سنة 2018. وتندد عدة منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ وقت طويل بالمعاملة التي يلقاها المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء في الجزائر وتشير إلى غياب إجراءات متفق عليها. حتى أن بعض الأشخاص يتعرضون للطرد على الرغم من أن إقامتهم هناك قانونية.
حسب المنظمة الدولية للهجرة تم ترحيل أكثر من 9 آلاف شخص من الجزائر في اتجاه النيجر منذ بداية العام.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.