وخلال مؤتمر صحفي في مقر الأمم المتحدة بجنيف اليوم الجمعة، قال ممثل اليونيسف في جمهورية الكونغو الديمقراطية غرانت لييتي، إن العنف ضد الأطفال في شرق البلاد وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وأضاف:
“هناك عدد قليل من الأماكن الأسوأ، إن وجدت، التي يمكن أن يعيش فيها الأطفال. فالبلاد بها أكبر عدد من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة في العالم، التي تم التحقق منها من قبل الأمم المتحدة، وهذه الأرقام لا تمثل سوى غيض من فيض”.
رضيعان مفخخان
وقال ممثل اليونيسف إنه زار مؤخراً مركزاً للأطفال المفرج عنهم من الجماعات المسلحة في بيني بشمال كيفو. وذكر أنه رأى هناك توأما يبلغان من العمر عاماً واحداً كان قد قُتل جميع أفراد أسرتهما في هجوم شنته إحدى الجماعات المسلحة العديدة في شرق البلاد. “تم العثور عليهما مهجورين في قريتهما ومعلقين بحزام ناسف، ويعانيان من سوء التغذية الشديد”.
قال السيد لييتي: “عندما تم العثور عليهما، كانا يبلغان من العمر بضعة أشهر فقط. لقد كان هذا بالفعل كمينا مفخخاً. تواصلنا مع زملائنا في مكافحة الألغام الذين حضروا وتمكنوا من إزالة هذه الأجهزة بأمان”.
دق ناقوس الخطر
أدى تصاعد أعمال العنف والصراع في شرق البلاد أيضاً إلى أسوأ أزمة نزوح في أفريقيا، وواحدة من أسوأ الأزمات على مستوى العالم هذا العام.
فمن بين الانتهاكات الجسيمة الستة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة التي تتتبعها الأمم المتحدة، شهدت اثنتان منها زيادة حادة على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي تجنيد الأطفال من قبل الجماعات المسلحة وقتل وتشويه الأطفال.
وأكد السيد لييتي أن أكثر من 2.8 مليون طفل يتحملون وطأة الأزمة الإنسانية في شرق البلاد، وقال: “إنني موجود هنا، على ما آمل، لأدق ناقوس الخطر. يتعرض الأطفال للاغتصاب والقتل بشكل يومي، وهم يخطفون ويجندون ويستخدمون من قبل الجماعات المسلحة”.
في شمال كيفو وحدها، تم الإبلاغ عن أكثر من 38 ألف حالة من العنف الجنسي أو القائم على نوع الجنس في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 37 في المائة مقارنة بالوقت نفسه من عام 2021.
وبالإضافة إلى أعمال العنف المدمرة، يواجه حوالي 1.2 مليون طفل دون سن الخامسة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية خطر سوء التغذية الحاد الوخيم. وقال ممثل اليونيسف إن البلاد تشهد أيضاً أسوأ تفش للكوليرا منذ أكثر من خمس سنوات وعدد المصابين بمرض الحصبة آخذ في الارتفاع، حيث تم تسجيل أكثر من 780 ألف حالة حتى آب /أغسطس من هذا العام.
وفقاً لليونيسف، تم إغلاق حوالي ألفي مدرسة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية خلال الأشهر الـ 12 الماضية نتيجة للتصاعد الأخير في أعمال العنف.
وأوضح السيد لييتي قائلا: “هناك مدارس تتعرض لهجوم مباشر، حيث يتم إطلاق النار عليها أو إحراقها، وفي بعض الأحيان يتم نهبها وتدميرها حرفياً. وهناك عدد أكبر بكثير من المدارس التي تستخدم من قبل النازحين داخلياً الذين ليس لديهم خيارات أخرى متاحة للمأوى. والفئة الثالثة هي التي لا تتعرض فيها المدارس للنهب، ولكن أصبح المعلمون أنفسهم من بين النازحين”.
قبول ما لا يقبل
تحتاج اليونيسف إلى 400 مليون دولار لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في الأشهر الستة المقبلة، إلا أنها لم تتلق سوى واحد في المائة من التمويل الإضافي لهذا النداء منذ الإعلان عنه في حزيران/يونيو.
وأكد السيد لييتي أن جمهورية الكونغو الديمقراطية هي “من أغنى الأماكن على وجه الأرض”، حيث إنها مليئة بالمعادن الاستراتيجية التي يستفيد منها العالم بأسره، وقال: “جميع هواتفنا المحمولة تعمل بالكولتان المستخرج من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية”.
وأضاف أن هناك “قبولا لشيء غير مقبول”، مشدداً على أن الحل الحقيقي لا يكمن في توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية ببساطة، وإنما في إيجاد حلول سياسية “حتى نتمكن من تحقيق عيش سلمي لسكان شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية”.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.