في تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقا) لاقت رواجا واسعا، ندد سياسي هولندي من اليمين المتطرف من المعروفين بمواقفهم المناهضة للإسلام بوجود “سوق” في إثيوبيا يتم فيه بيع النساء المسلمات، مستشهدا بمقطع مصور. وعلى الصور، نرى تجمعا من الناس يحيطون بأشخاص جالسين على الأرض وملفوفين في منسوجات بيضاء. لكن مقطع الفيديو أخرج في الواقع من سياقه ويظهر في الحقيقة فتيانا صغارا في السنغال يشاركون في تقليد للاحتفال بالوصول لسن البلوغ ولا يتعلق الفيديو من قريب أو من بعيد بالرق.
نشرت في:
6 دقائق
عملية التحقق في سطور
-
نرى من خلال مقطع فيديو عشرات الأشخاص جالسين على الأرض وقد تم لفهم بنسيج أبيض، وادعى ناشره أنه يظهر “نساء مسلمات” أثناء بيعهن في سوق في إثيوبيا.
-
تحيل البحوث التي قام بها فريق تحرير مراقبون إلى أن المقطع المصور يتعلق في الحقيقة بفتيان صغار من إثنية “سيرار” يشاركون في عادة تقليدية بمناسبة المرور من مرحلة الطفولة إلى البلوغ بمدينة دجيلاس في السنغال.
-
يتطابق المشهد بشكل تام مع التقليد الذي نظم في شهر كانون الأول/ديسمبر 2022 وهو ما نتأكد منه عبر القيام بمقارنة العناصر البصرية مع مقطع فيديو آخر لنفس الحدث.
-
بالرغم من أن الرق ممنوع بالقانون في إثيوبيا، إلا أنه تم توثيق عمليات استعباد نساء في منطقة تيغراي وفق تأكيد منظمة العفو الدولية.
عملية التحقق بالتفصيل
في 27 آب/أغسطس الماضي، نشر سياسي هولندي من مؤسسي “الحزب من أجل الحرية” المصنف ضمن اليمين المتطرف في المشهد السياسي الهولندي مقطع فيديو يظهر عشرات الأشخاص يجثون على ركبهم على الأرض وقد تم تغطية أجسادهم بالكامل بنسيج أبيض وكتب النص التالي مع مقطع الفيديو “شاهدوا سوقا لبيع المسلمات في إثيوبيا”.
ويستشهد هذا السياسي الهولندي بحساب آخر على منصة إكس (تويتر سابق) يكتب باللغة السويدية والذي أرفق المقطع المصور بالتوضيح التالي “تم اختطاف تلك النسوة من قبل متطرفين إسلاميين وتم تحويلهن إلى جواري أو بيعهن لرجال آخرين مقابل المال”.
تم نشر المقطع المصور أيضا على تطبيقي إنستاغرام باللغة العربية وتيك توك باللغة الإنكليزية.
مقطع فيديو لاحتفال تقليدي بالبلوغ مخصص للفتيان في السنغال
للحصول على مقطع الفيديو الأصلي، بحث فريق تحرير مراقبون فرانس24 عن صور تظهر أحداثا بنفس الشكل والهيئة، أي صور لأشخاص ملفوفين في منسوج أبيض، يجثون على ركبهم على الأرض.
وتتشابه مقاطع فيديو تتعلق باحتفال تقليدي بوصول الفتيان لسن البلوغ مع ما يظهر في الصور المتداولة. ويطلق على هذه العادة اسم “ندوت Ndout” وهي تقليد يتم تنظيمه من طرف قبائل “سيرير” وهي مجموعة إثنية تتواجد بالخصوص في السنغال ولكن أيضا في غامبيا وموريتانيا. وخلال الحفل الختامي، يجثو فتيان صغار تمت تغطيتهم بمنسوجات بيضاء على ركبهم على الأرض وقد أحاط بهم أعضاء من منظمي التقليد.
مقطع فيديو من قناة موسى كالينغ على يوتيوب
وعبر مجموعة على فيس بوك مخصصة لقبيلة “سيرير sérère”، أكد أشخاص من السنغال أن اللغة المستخدمة في مقطع الفيديو هي اللغة المستخدمة من هذه القبائل التي يتحدثون بها بالأساس في السنغال وغامبيا. ولكن مستوى الصوت في مقطع الفيديو ليس كافيا ليتم التأكد بدقة من اللغة المستخدمة.
وأكد والد طفل شارك في هذا التقليد – تواصل معه فريق تحرير مراقبون فرانس24 عبر هذه المجموعة على فيس بوك- أنه تم التقاط هذه الصور في 26 كانون الأول/ديسمبر 2022 في بلدة دجيلاس وهي قرية تقع في غرب السنغال. وتظهر الصور الفتيان الصغار الذي خضعوا لعادة المرور إلى سن البلوغ وقد تجمعوا في ساحة بالقرية قبل أن يعودوا إلى عائلاتهم.
ومن خلال البحث عن صور لهذا الحفل التقليدي عبر استخدام الكلمات المفاتيح “دجيلاس” و”ندوت” (Djilass و Ndut) يمكن أن نحصل على مقطع فيديو نشرتها قناة “نديني فال تي في” Ndindy Fall TV ومقطع فيديو بثته قناة سيمال تي في Simal TV والتي يعود تاريخ كل منها إلى شهر كانون الأول/ديسمبر 2022. وتنشر هاتان القناتان على يوتوب مقاطع فيديو تتعلق بقبائل “سيرير”.
عادة “ندوت” في بلدة دجيلاس السنغال في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2022
إيان ديمبا تيني، صحافي في إذاعة “إي راديو سنغال IRadio Sénégal” هو من العارفين بثقافة قبائل “سيرير”، يؤكد أن هذه الصور تظهر بالفعل حفل تلقين البلوغ التقليدي. ويوضح تيني أن المنسوج الأبيض الذي يغطي أجساد الفتيان هو اللباس التقليدي لهذه القبائل.
وتقليد “ندوت” هو عادة تلقينية تهدف إلى الاحتفال بمرور الفتيان من مرحلة الطفولة إلى البلوغ لدى قبائل “سيرير”. ويتضمن هذا التقليد بالخصوص لدى الفتيان عملية الختان، أما الفتيات الصغيرة فيتم تقليديا رسم وشم أسود على لثاتهن.
وبالتالي، فإن مقطع الفيديو لا علاقة له ببيع مزعوم لنساء مسلمات في إثيوبيا.
توثيق حالات استعباد جنسي في إقليم تيغراي في إثيوبيا
في إثيوبيا، يمنع قانون البلاد الرق منذ أربعينيات القرن العشرين.
ولكن في شهر آب/أغسطس 2021، تم توثيق حالات استعباد جنسي وتعذيب لنساء وسيدات في إطار النزاع المسلحة في إقليم تيغراي الواقع في شمال البلاد.
وحسب تلك النسوة، فقد تم تنفيذ عمليات الاغتصاب من طرف جنود الجيش الفدرالي الإثيوبي والقوات الإريترية المتحالفة معها إضافة إلى أعضاء مليشيات منطقة أمهرة.
وكان فريق تحرير مراقبون فرانس24 قد وثق في مقال بشهر نيسان/أبريل 2021 مقطع فيديو يظهر طبيبا يجري عملية جراحية لأمراة تعرضت لاغتصاب وحشي في منطقة تيغراي في إثيوبيا.
في المقابل، لا توجد أية صورة تؤكد وجود أسواق للرق في إثيوبيا.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.