تشهد محافظة دير الزور في شرق سوريا معارك عنيفة منذ 27 آب/أغسطس الماضي بين قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة ومقاتلين عرب محليين. وأودت هذه المواجهات بحياة 71 شخصا في غضون أسبوع حسب آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان في 4 أيلول/سبتمبر الجاري. وبالنسبة إلى مراقبنا، تعبر هذه المعارك عن حالة الغضب العارم التي تضرب الغالبية العربية من تجاوزات قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي يهيمن عليها الأكراد.
نشرت في:
4 دقائق
تعد قوات سوريا الديمقراطية ”قسد” تحالفا عسكريا تأسس في سنة 2015 لمكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” بدعم من التحالف الذي تديره الولايات المتحدة في سوريا. وتأسست هذه القوات في البداية من مقاتلين أكراد ومجموعات مسلحة سورية وحدتها معارضة الرئيس بشار الأسد. فيما التحق بها فيما مقاتلون عرب سنة محليون تم انتدابهم من بين القبائل البدوية.
في 27 آب/أغسطس الماضي، أوقفت قوات “قسد” أحمد الخبيل (الذي يطلق عليه أبو خولة) وهو قائد المجلس العسكري في دير الزور وهو تنظيم مسلح عربي كان إلى غاية ذلك التاريخ منضويا تحت لواء “قسد”. وينحدر أحمد الخبيل من قبيلة العكيدات وهي أكثر القبائل المحلية تأثيرا في منطقة دير الزور وتتهمه قوات سوريا الديمقراطية بالفساد وتجارة المخدرات. فيما رد أنصاره بشن هجوم على قوات “قسد” بهدف طرد هذه الأخيرة من دير الزور.
زين العابدين هو أحد سكان المنطقة. ويحلل باستمرار الوضع الميداني في دير الزور عبر تغريدات في حسابه على تويتر، ويصرح قائلا:
في البداية، لم يبد السكان معارضة لهذا الاعتقال، وذلك لأن القائد العسكري أحمد الخبيل يملك سمعة جد سيئة بين السكان. ولكن الوضع سرعان ما تغير عندما تمرد عدد من أفراد قبيلته “البكير” (فريق التحرير، فرع من قبيلة العكيدات) ضد قوات سوريا الديمقراطية.
– في الفيديو عدد من مقاتلي عشيرة البكير ــ العگيدات، يتحدثون أمام عربة همر لــ قسد دمروها وأحرقوها، وجهوا بالفيديو سلامهم لعائلة السرحان التي أعدمت قسد SDF من أفرادها (3) أشخاص من بينهم طفل ميدانياً في قرية ضُمان، الفيديو يُشير لعملية ثأر قد تحقق. https://t.co/J2oWTubB6J pic.twitter.com/peDKtai8NR
— زين العابدين | Zain al-Abidin (@DeirEzzore) September 1, 2023
مقطع فيديو يظهر مقاتلين من قبيلة العقيدات يشيرون إلى عربة مدرعة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” أكدوا أنهم قاموا بتدميرها في بلدة دمان يوم 30 آب/ أغسطس 2023.
والتحقت عدة قبائل أخرى بالمعارك ضد قوات “قسد” وهي من بين الأكثر نفوذا في المنطقة على غرار قبيلتي البقارة والعكيدات. وهاجم أفراد من هذه القبائل مواقع تابعة لقوات سوريا الديمقراطية في عدة بلدات.
وألقى زعيم قبيلة العكيدات إبراهيم الهفل في 31 آب/أغسطس الماضي خطابا غير مسبوق مندا بـ”السياسات الهمجية” لقوات “قسد” ودعا زعماء قبائل منطقة دير الزور إلى الانتفاضة ضد هذا التحالف العسكري.
وكان هذا الخطاب بمثابة إعلان حرب ضد قوات سوريا الديمقراطية.
الشيخ ابراهيم الهفل شيخ مشايخ قبائل العگيدات، يحمل سلاح للدفاع عن الوجود العربي شرق سورية، ضد هجوم ميليشيات PKK/PYD الإرهابية، ولسان حاله: “ما ظل وراها ورا”
عائلة الهفل لها مكانة ليس فقد عند العگيدات إنّما عند كل العرب من حلب للأنبار وصلاح الدين#ديرالزور pic.twitter.com/5bQ75IShoX— Fadi فادي (@fadi0bed) September 2, 2023
في يوم السبت 2 أيلول/ سبتمبر الجاري، أعلنت قبيلة العقيدات أنها استعادت السيطرة على بلدة الذيبات معقلها في منطقة دير الزور، من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية. “بالنسبة لنا، إنها مسألة شرف ولكن يكون هناك رجوع إلى الوراء. و مطالبنا هي مطالب قبلية” يقول قائد هذه القبيلة أحمد الحاف في هذا المقطع المصور.
وكانت قبيلة البقارة قد نأت بنفسها عن المواجهات في البداية ولكنها التحقت بالمعارك فيما بعد. وهاجم أفرادها مواقع لقوات سوريا الديمقراطية في عدة بلدات خصوصا في شرق دير الزور.
والوضع أصبح معقدا جدا ذلك لأن القسم الأكبر من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية ينحدرون من قبائل عربية محلية. ومنذ بداية المعارك، تواصل القبائل العربية إطلاق دعوات لأفرادها الذين يقاتلون في صفوف قوات “قسد” حتى ينشقوا عنها.
إنشقاق 15 عنصر من ميليشيات #قسد_الإرهابية في جبل البصيرة وانضمامهم إلى ثوار العشائر العربية في ريف ديرالزور. pic.twitter.com/AGkTF0OBEc
— mazen007 التطبيع_خيانة# (@mazen00711) September 2, 2023
مقطع فيديو يظهر مقاتلي من قوات سوريا الديمقراطية في بلدة البصيرة في جنوب دير الزور أثناء إعلان الانشقاق عن “قسد” للانضمام إلى مقاتلي القبائل العربية، في 2 أيلول/ سبتمبر 2023.
لكن قبائل عربية أخرى بقت على ولاء لقوات سوريا الديمقراطية. إذ أعلنت مليشيا تدعى “حماة الجزيرة” التي تتكون من مقاتلين من قبيلة الجبور أنها التحقت بالمعارك إلى جانب قوات “قسد”.
والتقى وسيطان أمريكيان يوم الأحد 3 أيلول/سبتمبر الجاري مسؤولين من قوات سوريا الديمقراطية وقيادات محلية. وأكدت قوات “قسد” من جهتها أنها ليست على أي خلاف مع هذه القبائل والتي ساعدها عدد كبير منها في القتال ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
بالنسبة إلى وسيم نصر صحافي فرانس24 المتخصص في الجماعات الجهادية، فإن أحد أهم أهداف هذه الفصائل العربية يتمثل في التخلص من هيمنة القوات الكردية والتحول إلى مفاوض مميز لدى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، ويضيف نصر:
يبدو أن المعارك التي بدت في أولها أشبه بحرب نفوذ، مع إيقاف أبو خولة قبل نحو أسبوع ، تسير نحو التحول إلى مسألة قبلية وعشائرية إذ تحاول عشائر عربية التخلص من هيمنة مقاتلي “إي بي جي” ( وحدات حماية الشعب YPG) وذلك لأنها المحاور المباشر مع الأمريكان ولأن إبراهيم الحافل طلب أن يكون الأمريكان والتحالف الذي يقودونه بمثابة الحكم بينهم وبين الأكراد. وفي نفس الوقت، يحاول الأكراد وقوات “إي بي جي” دفع إبراهيم الحافل إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري، حتى تكون لوحدها المحاور مع الأمريكان. وبالتالي هناك ديناميكية ميدانية تحرك النزاع.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.