ويأتي هذا التطور في أعقاب ما قاله المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك- قبيل منتصف ليل يوم الخميس بتوقيت نيويورك- إن ممثلي الأمم المتحدة في غزة “أبلغوا بواسطة ضباط الاتصال في الجيش الإسرائيلي” أن كل الذين يعيشون شمال وادي غزة يجب عليهم الانتقال إلى جنوب غزة خلال 24 ساعة.
“حكم إعدام” بالنسبة للكثيرين
وقال دوجاريك إنه من المتوقع أن يغادر حوالي 1.1 مليون شخص شمال غزة، مضيفا أن الأمر نفسه ينطبق على جميع موظفي الأمم المتحدة وأولئك الذين يقيمون في مرافق الأمم المتحدة- بما في ذلك المدارس والمراكز الصحية والعيادات.
وقال السيد دوجاريك إن الأمم المتحدة تعتبر أنه “من المستحيل” أن يتم مثل هذا الانتقال دون عواقب إنسانية كارثية وتدعو إلى إلغاء الأمر.
وضمت منظمة الصحة العالمية صوتها إلى دعوة المتحدث باسم الأمم المتحدة لإسرائيل بإلغاء أمر الانتقال، والذي قالت إنه يرقى إلى “حكم إعدام” بالنسبة للكثيرين، حسبما قال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، طارق ياساريفيتش.
وتحدث ياساريفيتش إلى الصحفيين في جنيف، قائلا إنه تماشيا مع تقييم السلطات الصحية هناك، “سيكون من المستحيل إجلاء المرضى الضعفاء في المستشفيات من شمال غزة”.
كما كررت الأمم المتحدة دعواتها للإفراج الفوري عن الرهائن المحتجزين في غزة في أعقاب الهجوم الدامي الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، ولحماية المدنيين ووصول المساعدات العاجلة إلى القطاع المغلق، في الوقت الذي واصل فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثوه جهودهم الدبلوماسية.
“دفع الناس إلى حافة الهاوية”
وضم العاملون في المجال الإنساني التابعون للأمم المتحدة أصواتهم إلى هذه الدعوات يوم الجمعة، وحثوا الأطراف على إنقاذ أرواح المدنيين.
وحذر فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من أن أمر الانتقال “لن يؤدي سوى إلى مستويات غير مسبوقة من البؤس ويدفع الناس في غزة بشكل أكبر إلى حافة الهاوية”.
وفي مؤتمر صحفي في جنيف، أعرب المتحدث باسم منظمة اليونيسف، جيمس إلدر، عن أسفه لوصول الوضع الإنساني الآن إلى “مستويات مميتة”.
وشدد على أن قطاع غزة هو أحد أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان على هذا الكوكب والناس، بما في ذلك مئات الآلاف من الأطفال، الذين يجدون أنفسهم “بلا مكان آمن يذهبون إليه”.
وشدد المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ينس لاركيه أيضا على استحالة عملية الانتقال، متسائلا: “كيف سيحدث ذلك في وسط منطقة حرب، حيث وصل الناس بالفعل إلى وضع صعب؟”
كما شدد على الحاجة الملحة لوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة حيث إن جميع الإمدادات تستنزف بسرعة.
وقد أطلقت الأمم المتحدة، يوم الخميس، نداء عاجلا لجمع 294 مليون دولار لـ 77 شريكا إنسانيا لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا لـ 1.26 مليون شخص في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وعن هذا النداء، قال السيد لاركيه: “هذه استجابة للتصعيد الذي وضع المدنيين في وضع لا ينبغي لهم أن يكونوا فيه أبدا. الأولوية الأكثر إلحاحا الآن هي وقف التصعيد”.
النظام الصحي عند “نقطة الانهيار”
ونبّه السيد ياساريفيتش المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية على أن النظام الصحي في غزة وصل إلى “نقطة الانهيار”.
وقد تجاوز المستشفيان الرئيسيان في شمال قطاع غزة، المستشفى الإندونيسي ومستشفى الشفاء، طاقتهما الاستيعابية- 760 سريرا- وكانت المستشفيات في جنوب غزة “مكتظة” أيضا.
وأضاف أن ستة من المستشفيات السبعة الرئيسية في غزة تعمل بشكل جزئي فقط.
اختيار صعب
وشدد على أن نقل المرضى الضعفاء- مثل المصابين بجروح خطيرة والبالغين والأطفال وحديثي الولادة الذين يعتمدون على أجهزة دعم الحياة في العناية المركزة- سيكون بمثابة “عقوبة إعدام”.
وقال: “إن مطالبة العاملين في مجال الصحة بالقيام بذلك لهو أمر قاسٍ للغاية”.
ورسم السيد ياساريفيتش صورة قاتمة للغاية لواقع المرافق الصحية في غزة، قائلا إن العاملين الصحيين على الأرض وصفوا الجثث بأنها “تتراكم” حيث لم تعد المشارح تتسع للمزيد، ويتعين على سيارات الإسعاف والأطباء القيام “بعمل مروع” وهو الاختيار بين من يجب إنقاذه ومن يتم تركه.
الهجمات على الرعاية الصحية
وأضاف أنه حتى يوم الخميس، تم تأكيد وقوع 34 هجوما على مرافق الرعاية الصحية في قطاع غزة، منذ بداية الهجوم الحالي، مما أدى إلى مقتل 11 من العاملين في مجال الرعاية الصحية أثناء الخدمة.
وأضاف أن مركز عمليات الطوارئ في غزة، المدعوم من منظمة الصحة العالمية، تعرض لأضرار جسيمة.
وأشار أيضا إلى تقارير عن هجوم شنته حماس على مستشفى عسقلان في إسرائيل خلال نهاية الأسبوع الماضي، والذي قُتل فيه أحد المسعفين.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.