أثار مقطع فيديو كليب نشر الأحد يظهر أطفالا إسرائيليين ينشدون أغنية بالعبرية تحرّض على “إبادة كل شيء” في غزة، ردود فعل داخل إسرائيل وخارجها، خاصة وأن نشرها جاء عشية إحياء اليوم العالمي للطفل، وفيما تتعالى الأصوات الشاجبة لمقتل عدد هائل من الأشخاص في غزة بلغ حسب آخر حصيلة لحركة حماس 14854 قتيلا بينهم 6150 طفلا.
نشرت في:
9 دقائق
نشرت حركة “الجبهة المدنية” في إسرائيل الأحد 19 نوفمبر/تشرين الثاني، مقطع فيديو كليب لأطفال إسرائيليين تم إجلاؤهم من البلدات المحاذية لغزة، ينشدون أغنية تحث الجيش على “إبادة كل شيء” في القطاع الفلسطيني المحاصر، ما أثار جدلا وانتقادات واسعة.
“نسخة محدثة من تحفة غوري”
موقع “ذا جويش برس” ومقره نيويورك، قال إن الأغنية عبارة عن “نسخة محدثة من تحفة غوري، وقد غنّاها أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عاما، تم إجلاؤهم من البلدات المحيطة بغزة”. أضاف نفس الموقع بأن هذه الأغنية من إنتاج مجموعة روزنباوم للاتصالات، مع كلمات جديدة لعوفر روزنباوم وشولاميت ستوليرو. تم تغيير العنوان إلى: نحن أبناء جيل النصر”.
ووفق موقع “ميدل إيست آي” ومقره لندن، فقد ألّف الأغنية التي أثارت انتقادات وجدلا كبيرين، عوفر روزنباوم رئيس “الجبهة المدنية”، وهي حركة أنشئت بهدف “استعادة ثقة المواطنين في أجهزة الأمن”.
اقرأ أيضااليونيسف: غزة باتت “المكان الأخطر في العالم بالنسبة إلى الأطفال”
كما قال موقع “آي24 نيوز” إن هذه هي النسخة الجديدة من قصيدة “حريوت” التي ألّفها حاييم غوري ولحّنها ساشا أرغوف بعد عام من اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، وأن شولاميت ستوليرو شارك في كتابة القصيدة الحالية.
تعقيبا، قالت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية إن مجموعة مؤيدة للفلسطينيين تدعى “الانتفاضة الإلكترونية” قامت بترجمة الفيديو ومدته 3 دقائق، من اللغة العبرية إلى الإنكليزية. وقالت الصحيفة أن هذه المجموعة قد “شارك في تأسيسها الناشط الفلسطيني-الأمريكي علي أبو نعمة، الذي لطالما قارن دولة إسرائيل بألمانيا النازية”.
الإعلام الرسمي في إسرائيل يحذف الفيديو
وفي حسابه على منصة إكس، قال علي أبو نعمة إن موقع “سنوبس دوت كوم” ومقره واشنطن، قد “تحقق من ترجمة موقع الانتفاضة لأغنية الأطفال الإسرائيلية للإبادة الجماعية وتقريرنا عنها. وبالطبع خلصوا إلى أننا دقيقون تماما. هذا ما نفعله نحن”.
وأوضح موقع سنوبس دوت كوم في تقرير نشره الإثنين، بأن “الفيديو المعنون “أغنية الصداقة”، يظهر مجموعة من الأطفال يؤدون في إعادة تسجيل أغنية قديمة كتبها الشاعر الإسرائيلي حاييم غوري بعد حرب 1948 التي أفرزت تأسيس دولة إسرائيل، لكن مع تغيير في الكلمات التي باتت تشير إلى غزة. قام ديفيد شين، مخرج وكاتب مستقل، بترجمة هذه الكلمات الجديدة إلى اللغة الإنكليزية من العبرية لفائدة الانتفاضة الإلكترونية (الموقع الإلكتروني)”.
وتابع نفس المصدر، بأن الفيديو هو حقيقي فعلا وقد أنشأته مجموعة المناصرة الإسرائيلية “الجبهة المدنية“، التي تقوم غالبا بحملات عامة لدعم القوات الإسرائيلية. يرتدي الأطفال في الفيديو قمصانا سوداء تحمل نفس الشعار الأزرق الموجود على صفحة الجبهة المدنية على يوتيوب”.
ووفق موقع “ذا إلكترونيك انتفاضة دوت نت” فقد نشرت القناة الوطنية الإسرائيلية “KAN” هذه الأغنية على حسابها في منصة إكس، قبل أن تقوم بحذفها لاحقا “بعد وقت قصير بعد احتجاجات من المستخدمين الإسرائيليين وغيرهم”، مشيرا إلى أنه لا يزال بالإمكان العثور على نسخة مؤرشفة من التغريدة المحذوفة وأيضا صفحة من موقعها الإلكتروني.
هذا، وقال موقع “الانتفاضة الإلكترونية” في تقريره، إن ظهور هذه الوجوه البريئة للأطفال مع الأغنية التي تدعو إلى “الإبادة الجماعية” فيما يشن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية ضد الفلسطينيين في غزة، هو “غير مناسب”. ونقل الموقع عن بعض المستخدمين “قلقهم من أن ذلك سيساعد دعاية حماس.. فيما شعر آخرون بالاشمئزاز فعلا من رسائل الفيديو العنيفة والإبادة الجماعية” وتساءل عن سبب حذف المنشور لاحقا.
وعن أسباب حذف قناة Kan 11 لمقطع الفيديو، أوضح موقع “ذا جويش برس” بأن الهيئة المملوكة للدولة في إسرائيل، قد أزالت “مقطع الفيديو بعد أن وجد أحد الأشخاص في القناة بأن المشاعر القاسية التي عبّرت عنها الفتيات الست في الفيديو غير قابلة للعرض”.
كما أوضح موقع “ميدل إيست آي” أنه و”بعد اتهامات بالترويج للإبادة الجماعية، تم حذف الفيديو من الإنترنت وحسابات منصات التواصل بدون شرح”.
“خلال عام سنقضي عليهم جميعا”
نشرت قناة الجزيرة القطرية ترجمة للأغنية التي تقول بعض كلماتها: “ليل الخريف يهطل على ساحل غزة. الطائرات تقصف دمارا دمارا. هنا الجيش الإسرائيلي يعبر الخط. للقضاء على حاملي الصليب المعقوف. عام آخر لن يكون هناك شيء. وسنعود بالسلامة إلى وطننا. خلال عام، سنقضي عليهم جميعا. ثم نعود لحراثة حقولنا. وسنتذكر جميعا. جمال الكريستال ونقاءه……”.
ونقلت القناة تصريحات مؤلف الأغنية الجديدة عوفر روزنباوم لوسائل إعلام عبرية تحدث فيها عن أن “أطفال الكليب هم جيل النصر، هؤلاء الأطفال يقفون أقوياء، فخورين، ويحبون وطنهم، وليس لديهم سوى طلب واحد، لن يتكرر مرة أخرى: دولة إسرائيل مدينة لهم ولأسرهم ولجميع المواطنين بالأمن، ولن نحقق هذا الأمن إلا من خلال تحقيق نصر كامل في غزة بدون أي تنازلات”.
“حاييم غوري نفسه لكان استاء من الأغنية”
وفي سياق ردود الفعل الداخلية في إسرائيل، يلحظ موقع “ذا تايمز أو إسرائيل” بأن الأغنية قد تمت مشاركتها من قبل المؤيدين للفلسطينيين على منصات التواصل مرفقة بتعليقات مثل: “الأطفال الإسرائيليون يهتفون أغنية إبادة جماعية في غزة” وأيضا: “أهكذا يربون أطفالهم؟”.
ويوضح الموقع بأن الأغنية التي لاقت ترحيبا من أشخاص اعتبروها “مؤثرة” وأنها تهز المشاعر و”تقشعر لها الأبدان”، أثارت أيضا ردود فعل سلبية.
وينقل الموقع الإسرائيلي عن بعض المستخدمين قولهم مثلا: “الغثيان. هل أنتم قادرون على القيام بشيء آخر عدا عن تدنيس الأصلية (الأغنية)، والإضرار بالعلاقات العامة لإسرائيل؟”.
كما نقل “ذا تايمز أو إسرائيل” عن مستخدمين آخرين وصفهم الفيديو بأنه “جنون” وأنه “قمة الذوق السيء”، وقال الموقع إن حاييم غوري نفسه “الذي لطالما كان مناضلا يساريا، لكان بكل تأكيد استاء من الكلمات الجديدة للأغنية”.
كما أضاف نفس المصدر تغريدة لأحد مستخدمي منصة إكس في إسرائيل، والذي علّق على هذا الفيديو بقوله: “أتمنى فعلا أن الورثة […] سوف يلاحقونكم في العدالة وأن تكونوا مجبرين على سحب هذا الشيء”.
“لماذا يعلمون أولادهم الكراهية؟”
كما علّق مستخدمون كثر على منصة إكس من العالم والمنطقة العربية على هذا الفيديو. منهم الصحافي المقيم في الولايات المتحدة دان كوهين صاحب الفيلم الوثائقي “قتل غزة”، والذي نشر تغريدة قال فيها: “أطفال إسرائيليون يغنون: سنبيد الجميع في غزة. تم تحميل وحذف هذا الفيديو من قبل التلفزيون الحكومي. لماذا يعلمون أولادهم الكراهية؟”.
من جانبه، قال باتريك هيننغسن وهو كاتب ومحلل أخبار لدى مؤسسة “ذا يوكا كولومن” الإخبارية البريطانية، في تغريدة على حسابه في منصة إكس: “يحتاج الأمريكيون إلى فهم أن الصهيونية هي أيديولوجية عنصرية وإبادة جماعية، تماما مثل أي حركة أو طائفة للتفوق العربي”.
Americans need to understand that Zionism is a racist and genocidal ideology, just like any other ethno supremacy movement or cult… https://t.co/ZYjf5oSsU0
— Patrick Henningsen (@21WIRE) November 20, 2023
وقالت ليما وهي تعرف نفسها على حسابها في منصة إكس، على أنها مناضلة فلسطينية: “يجري تلقين الأطفال على طرق الحرب، وتعليمهم إعطاء الأولوية للتدمير والقتل، وتربيتهم على تأييد الحرب والإبادة الجماعية!”.
“هدية في يوم الطفل العالمي”
من جهته، كتب وسام العامري على منصة إكس: “أغنية لأطفال إسرائيل يدعون فيها لقتل أطفال غزة وإبادة كل سكانها.! هذه هدية أطفال اليهود لأطفال المسلمين في يوم الطفل العالمي ثم يحدثونك بعدها عن المدنيين والسلام وحقوق الطفولة وهذا الهراء الطويل. إذا تحدث الغرب عن حقوق الطفولة فالمقصود هنا أطفالهم وليس أطفالنا”.
أغنية لأطفال #إسرائيل يدعون فيها لقتل أطفال #غزة وإبادة كل سكانها.!
هذه هدية أطفال اليهود لأطفال المسلمين في #يوم_الطفل_العالمي ثم يحدثونك بعدها عن المدنيين والسلام وحقوق الطفولة وهذا الهراء الطويل.
إذا تحدث الغرب عن حقوق الطفولة فالمقصود هنا أطفالهم وليس أطفالنا.#يوم_الطفل pic.twitter.com/mTUkhytRZN
— وسام العامري (@wesamalamery) November 21, 2023
وتزامن نشر الأغنية المثيرة للجدل مع إحياء اليوم العالمي للطفل الإثنين، وأيضا مع الدعوات التي أطلقتها أكثر من جهة لإنقاذ الأطفال في القطاع الفلسطيني المحاصر.
فقد وصفت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) غزة الأربعاء بأنه “أخطر مكان في العالم بالنسبة للأطفال”. وقالت كاثرين راسل أمام مجلس الأمن إن ما يزيد على 5300 طفل فلسطيني قتلوا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
اقرأ أيضاماكرون يبدي استعداد بلاده لاستقبال أطفال جرحى من غزة “في حال كان ذلك مفيدا وضروريا”
ونشرت اليونيسف تقريرا تحت عنوان: “إسرائيل-فلسطين: مأساة الأطفال” يسلط الضوء على المعاناة التي يتكبدها أطفال غزة بسبب الحرب.
ومنذ شن حماس هجومها المباغت “طوفان الأقصى”، ترد الدولة العبرية بقصف مدمر على القطاع أوقع 14854 قتيلا بينهم 6150 طفلا، وفق آخر إحصاء للسلطات الصحية التابعة للحركة الفلسطينية.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.