منذ بداية التصعيد الأخير في تشرين الأول/أكتوبر 2023، شهد الوضع في الضفة الغربية تدهوراً سياسياً واقتصاديا. وأسفر تصاعد الأعمال العدائية إلى زيادة الوجود العسكري الإسرائيلي، مما أدى إلى فرض قيود على الحركة وإنشاء نقاط تفتيش إضافية، مما حدّ من حرية الحركة بشكل كبير.
وللوضع الراهن آثار اقتصادية سلبية مخيفة- وفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة- حيث فقد عدد هائل من العمال وظائفهم، واضطرت الشركات إلى الإغلاق أو تقليص حجمها، فيما تواجه السلطة الفلسطينية نقصاً حاداً في التمويل، مما يؤثر على رواتب موظفي الخدمة المدنية.
أهمية زيادة الدعم
وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، انخفض الناتج المحلي الإجمالي لدولة فلسطين بنسبة 22 بالمئة. يعزى هذا الانخفاض إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك الإغلاقات في الضفة الغربية وتسريح أعداد كبيرة من العمال الفلسطينيين في إسرائيل. وارتفع معدل البطالة إلى 29 في المائة في هذه الفترة مقارنة بـ 13 في المائة فقط في الأشهر الثلاثة التي سبقت.
وهذا السياق، قالت نائبة المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في فلسطين، ماريكا جوديريان، إن الاحتياجات كانت مرتفعة بالفعل قبل هذه الأزمة الحالية وقد تفاقمت الآن بشكل كبير. وأضافت: “هناك حاجة ملحة حقاً للحصول على مزيد من التمويل لمساعدة هؤلاء الأشخاص المحتاجين والذين يعانون حقاً بسبب تأثير حرب غزة على الضفة الغربية”.
تفاقم المضايقات
وفقاً للتقييمات الأولية التي أجراها شركاء قطاع الأمن الغذائي، ارتفع انعدام الأمن الغذائي في الضفة الغربية من 350 ألف شخص – أي حوالي عشرة بالمائة من السكان – إلى ما يقدر بنحو 600 ألف شخص منذ اندلاع الأزمة الحالية. ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد في الأشهر المقبلة، بحسب البرنامج، الذي أفاد بأن أكبر عدد من الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي في نابلس والخليل.
محمد سواردم، صاحب متجر في الخليل حيث يمكن للمستفيدين استخدام القسائم النقدية الإلكترونية المقدمة من البرنامج. يقول إنه منذ اندلاع الحرب في غزة، أصبح الوضع في المدينة أسوأ بكثير وتزايدت المضايقات بشكل كبير. وأوضح قائلا: “على سبيل المثال، يرفع حظر التجول عن سكان شارع الشهداء يومين فقط في الأسبوع، وذلك لساعة واحدة في الصباح من السابعة إلى الثامنة، وساعة في المساء من الرابعة إلى الخامسة. بعد ذلك، لا يستطيع الناس العودة إلى منازلهم وسيتعين عليهم العثور على مكان للنوم. وإذا فاتتهم نافذة الصباح، فلن يتمكنوا من النزول من بيوتهم. لا يمكنهم التحرك إلا مرة واحدة كل ثلاثة أيام”.
مأساة حقيقية
تؤدي القيود المتزايدة على الحركة إلى عدم تمكن المزارعين في البلدات من بيع منتجاتهم، وعدم تمكن المشترين من الوصول إلى الأسواق. وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير في الضفة الغربية، في حين أن معدلات البطالة والفقر آخذة في الارتفاع أيضا.
وقال المزارع محمد أبوشوشه من أريحا، إنها لمأساة أن تتعفن الخضروات ويتم رميها في الضفة الغربية بينما الناس في غزة “يأكلون أوراق الأشجار والمجتمع الدولي يكتفي بالصمت والمشاهدة”.
يذكر أن برنامج الأغذية العالمي قام بتوسيع مساعداته للوصول إلى أكثر من مائة ألف شخص إضافي من الفئات الضعيفة في جميع أنحاء الضفة الغربية من خلال القسائم الإلكترونية في شهر كانون الثاني /يناير، بالإضافة إلى تزويد حوالي ثلاثة آلاف عامل من غزة العالقين في الضفة الغربية بمساعدة نقدية لمرة واحدة.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.