تستعد المعارضة التركية لخوض مواجهة سياسية جديدة ساخنة في الانتخابات البلدية، المقرر إجراؤها الأحد، والتي تعول عليها لاستعادة الثقة في المستقبل. وتراهن بهذا الشأن على الفوز برئاسة بلدية إسطنبول، الذي سيمنحها “القوة الكافية لتحدي أردوغان في السنوات المقبلة” وفق قراءة المحلل السياسي مراد يتكن.
نشرت في:
5 دقائق
تنتظر المعارضة التركية، المنقسمة والمصدومة بالفوز الذي حققه الرئيس رجب طيب أردوغان في انتخابات 2023، مواجهة جديدة في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها الأحد، والتي ستحدد نتائجها مستقبل رئيس بلدية إسطنبول الحالي أكرم إمام أوغلو الذي تنعقد عليه آمالها.
ومن الممكن أن تعزز الانتخابات البلدية سيطرة أردوغان بعد عقدين من حكم تركيا أو قد تُفضي إلى تغيير في المشهد السياسي المنقسم في الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي.
ومن المرجح أن تساهم الأزمات الاقتصادية الناجمة عن التضخم الجامح في تشكيل نتائج الانتخابات، وقد تتأثر النتائج أيضا بآمال الناخبين الأكراد والإسلاميين في التغيير السياسي وتقييمهم لأداء الحكومة.
وتعززت آمال المعارضة في إحداث تحول بعد نتائج الانتخابات المحلية في 2019 عندما هزمت حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان وفازت برئاسة بلدية المدينتين الرئيسيتين، إسطنبول وأنقرة، بعد 25 عاما من هيمنة الحزب والأحزاب الإسلامية التي سبقته عليهما.
لكن أردوغان نهض من عثرته العام الماضي واحتفظ بالرئاسة، كما فاز بأغلبية برلمانية مع حلفائه من التيار القومي على الرغم من مخاوف الناخبين من أزمة تكلفة المعيشة. وأحدثت تلك الانتصارات انقساما في تحالف واسع للمعارضة.
وتشير استطلاعات إلى تقارب في السباق على رئاسة بلدية إسطنبول بين مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو ومرشح حزب العدالة والتنمية، الوزير السابق مراد قوروم.
“مصير تركيا بين أيديكم”
قال مراد يتكن، المحلل في يتكن ريبورت “في 2019، عندما خسر أردوغان وحزب العدالة والتنمية إسطنبول، كانت هزيمة كبيرة وضربة لسمعة أردوغان. فحتى ذلك الوقت كان لا يهزم، ولا يقهر”، واصفا الفوز في إسطنبول بأنه مسألة جوهرية لأردوغان.
وأضاف “إذا فعل ذلك، فهذا يعني أنه سيكون قادرا على تدعيم سلطته وتوسيعها لتشمل الإدارات المحلية”. ويقول محللون إن أردوغان قد يسعى بعدها إلى تغيير الدستور لتمكينه من الترشح للرئاسة مجددا في 2028.
وقال بيرك إيسن أستاذ العلوم السياسية بجامعة سابانجي إن فوز إمام أوغلو سيبث الروح في صفوف المعارضة.
وأضاف “إذا تمكن مرشح المعارضة من الفوز في إسطنبول، فسيكون لدى حزب المعارضة الرئيسي على الأقل القوة الكافية لتحدي أردوغان في السنوات المقبلة”. وكانت تلك رسالة أراد إمام أوغلو إيصالها.
وناشد إمام أوغلو الشباب الأتراك في إسطنبول قائلا إن “مصير تركيا بين أيديكم”، مضيفا “يمكنك تغيير ما يجري من خطأ في تركيا بصوت واحد”.
ويقول منتقدون إن حكومة أردوغان قمعت المعارضة وقوضت حقوق الإنسان وبسطت سيطرتها على القضاء ومؤسسات الدولة الأخرى، وهو اتهام ينفيه المسؤولون.
وقال إيسن “الكفة تميل ناحية التحالف الحاكم”، مضيفا أن “إمام أوغلو يقاتل بمفرده”. وتقدم وسائل الإعلام الموالية للحكومة تغطية شاملة للأنشطة اليومية لحملة أردوغان الانتخابية، مع تغطية محدودة لحملات المعارضة.
الحرب في غزة حاضرة في الانتخابات
يبدو أن فرص أردوغان تتضاءل أمام تصاعد شعبية حزب الرفاه الإسلامي الذي يتخذ موقفا قويا ضد إسرائيل فيما يتعلق بالحرب في غزة، وكذلك بفعل عدم الرضا عن السياسات الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية المنتمي أيضا للتيار الإسلامي.
وتبنى أردوغان خطابا حادا ضد إسرائيل مع الحفاظ على العلاقات التجارية بين البلدين، مما أثار انتقادات من حزب الرفاه، مستغلا غضب الأتراك ورغبتهم في دعم الفلسطينيين بصورة أكبر.
وقال محمد ألتينوز نائب زعيم الحزب لرويترز “لو كنا، حزب الرفاه، في السلطة، لم تكن إسرائيل لتتمكن من مهاجمة غزة” داعيا إلى فرض حظر تجاري على إسرائيل.
وتشير استطلاعات إلى أن شعبية حزب الرفاه ربما تضاعفت إلى نحو خمسة بالمئة على حساب الأصوات التي كانت ستذهب لحزب العدالة والتنمية.
وقال يتكن المحلل في يتكن ريبورت “يتبنون موقفا أكثر تشددا في العداء لإسرائيل، وهذا ما يجعلهم يتمتعون بشعبية كبيرة بين الإسلاميين”.
وقد تعتمد فرصة أردوغان في استعادة إسطنبول أيضا على الناخبين الأكراد. ووفقا لاستطلاعات الرأي، فمن المتوقع أن ينحي الكثير من الأكراد الانتماءات الحزبية جانبا لصالح دعم إمام أوغلوا.
الوضع الاقتصادي وتأثيره على التصويت
بالنسبة للناخبين الآخرين، تمنح الانتخابات المحلية فرصة لإبداء الرأي في الأداء الاقتصادي للحكومة.
ويعاني الأتراك من ارتفاع الأسعار منذ سنوات، إذ لا يزال معدل التضخم السنوي يقترب من 70 بالمئة على الرغم من التحول الكبير في السياسة الاقتصادية بعد انتخابات العام الماضي ورفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 4150 نقطة أساس إلى 50 بالمئة.
وفي حين أن الاقتصاد سيكون أحد العوامل الحاسمة في قرارات الناخبين في جميع أنحاء البلاد، سينصب الاهتمام على إسطنبول والرسالة التي تقدمها بشأن الطريق الذي تسلكه تركيا.
وقال محمد علي كولات رئيس وحدة الأبحاث في (إم.إيه.كيه) “إذا خسر هذه الانتخابات، فإن أسطورة أكرم إمام أوغلو ستكون في ورطة كبيرة”. لكن فوزه سيغير الصورة. وتابع “سيصبح إمام أوغلو لاعبا مهما في السياسة التركية على مدى السنوات العشرين المقبلة ومن المرجح جدا أن يكون مرشحا في الانتخابات الرئاسية التالية”.
فرانس24/ رويترز
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.