إلى جانب أعضاء المجلس الخمسة عشر، يدلي بكلمات في الجلسة وزير الخارجية الإسرائيلي والمراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة ونائبة رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة.
بناء على دعوة من الحكومة الإسرائيلية قادت براميلا باتن زيارة رسمية إلى إسرائيل مدعومة من فريق من الخبراء التقنيين من 29 كانون الثاني/يناير حتى 14 شباط/فبراير، “لجمع وتحليل والتحقق من التقارير المتعلقة بالعنف الجنسي المتعلق بيوم 7 تشرين/أكتوبر وما بعده”.
وأكدت المسؤولة الأممية في إحاطتها أمام مجلس الأمن أن المهمة تمت في ظل التقيد الصارم بمعايير ومنهجيات الأمم المتحدة المعمول بها، ووفقا لمبادئ الاستقلال والحياد والموضوعية والشفافية والنزاهة و”عدم الإضرار”، بما في ذلك ما يتعلق بضمانات السرية وحماية الضحايا وشهود العيان، مضيفة أن المهمة اتبعت نهجا يتمحور حول الناجين والضحايا ويراعي الصدمات.
وقالت: “استندت استنتاجاتنا إلى تقييمنا الخاص لمصداقية وموثوقية الشهود الذين التقينا بهم، والتحقق من المصادر، والإحالة المرجعية للمواد والمعلومات ذات الصلة، وتقييم ما إذا كانت هناك، في جميع الظروف، معلومات موثوقة كافية للتوصل إلى نتيجة”.
وأشارت إلى أن معيار الإثبات المطبق الذي تم اعتماده كان أحد “الأسباب المعقولة للاعتقاد”، بما يتفق مع ممارسة هيئات التحقيق.
وأكدت المسؤولة الأممية أنه “لم تكن هناك أي محاولة من جانب الأمين العام لإسكات تقريري أو إخفاء النتائج التي توصل إليها. بل بالعكس، تلقيت دعمه الكامل سياسيا ولوجستيا وماليا، كما أعطى تعليمات واضحة لنشر تقريري وإحالته على الفور إلى مجلس الأمن”.
وقالت إن تقرير الزيارة نُشر علنا في 4 آذار/مارس، باستثناء التفاصيل السرية والتعريفية من أجل حماية خصوصية الأشخاص الذين تحدثوا إليهم.
“مشاهد عنف لا توصف”
وأفادت الممثلة الخاصة للأمين العام للعنف الجنسي أثناء الصراعات بأن فريق البعثة عقد اجتماعات مع مجموعة من المؤسسات الوطنية الإسرائيلية بما في ذلك الوزارات المعنية، فضلا عن لقاء عائلات وأقارب الرهائن المحتجزين وأعضاء مجتمعات النازحين من البلدات الإسرائيلية، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات المجتمع المدني الإسرائيلية والأوساط الأكاديمية.
وقالت “على الرغم من أننا التقينا ببعض الشهود، وعلى الرغم من تواصلنا وجهودنا الاستباقية، إلا أننا لم نلتق بأي من الناجين من العنف الجنسي المرتكب أثناء هجمات 7 تشرين/أكتوبر نفسها. وعلى الرغم من أن معظمهم قد قُتلوا على ما يبدو، إلا أن لدينا معلومات موثوقة تفيد بأن عددا قليلا من الناجين ما زالوا على قيد الحياة ويتلقون حاليا العلاج من الصدمات الشديدة”. وأكدت أن ما شهدته في إسرائيل “كان مشاهد عنف لا توصف، ارتُكبت بوحشية صادمة، مما أدى إلى معاناة إنسانية شديدة”.
وأشارت إلى أن المعلومات التي تم جمعها ألقت الضوء على الهجمات العشوائية والمنسقة التي شنتها حماس والجماعات المسلحة الأخرى ضد أهداف عسكرية ومدنية متعددة، بهدف القتل وإلحاق المعاناة واختطاف أكبر عدد ممكن من الرجال والنساء والأطفال، الجنود والمدنيين على حد سواء، في أقل وقت ممكن.
وأضافت “وجدنا معلومات واضحة ومقنعة تفيد بأن العنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والتعذيب الجنسي والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة قد تم ارتكابها ضد الرهائن، ولدينا أسباب معقولة للاعتقاد بأن هذا العنف ربما لا يزال مستمرا ضد المحتجزين”.
لكنها شددت على أن “هذه النتيجة لا تضفي بأي حال من الأحوال الشرعية على مزيد من الأعمال العدائية. في الواقع، هي تخلق ضرورة أخلاقية لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية لإنهاء المعاناة التي لا توصف المفروضة على المدنيين الفلسطينيين في غزة وتحقيق الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن”.
وأضافت أن الرهائن الإسرائيليين والملايين من المدنيين في غزة يتقاسمون مصيرا مشتركا، “فمن أجل مصلحتهم المشتركة، لا بد من وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية الآن”.
حالات عنف جنسي في الضفة الغربية
وأكدت المسؤولة الأممية أن الهدف من زيارتها لم يكن تحديد مدى انتشار ظاهرة العنف الجنسي، مضيفة أنها لم تتمكن من تحديد ما إذا كان العنف الجنسي قد تم استخدامه كتكتيك من أساليب الحرب، أو بطريقة واسعة النطاق أو منهجية.
وأشارت إلى أنه بما أن مهمتها لم تكن تحقيقا وبسبب تحديات أخرى مختلفة، منها الوقت المحدود على الأرض والجناة المتعددين، “لم نحاول تحديد مصدر هذه الانتهاكات. وسيتطلب تحديد مصدرها إجراء تحقيق مستقل وكامل في مجال حقوق الإنسان من قبل هيئات الأمم المتحدة المختصة”.
وتحدثت الممثلة الخاصة للأمين العام للعنف الجنسي كذلك عن زيارتها للضفة الغربية والتي كانت لغرض مختلف حيث قالت إن “ما شاهدته في الضفة الغربية المحتلة كان مناخا من الخوف الشديد وانعدام الأمن، حيث يشعر النساء والرجال بالرعب والانزعاج الشديد بسبب المأساة المستمرة في غزة”.
وأشارت إلى أنه على الرغم من عدم تلقيها أي تقارير عن حالات اغتصاب، فقد تطرق من تحدثوا إليها إلى حالات عنف جنسي في سياق اعتقال الفلسطينيين الذكور والإناث، مثل عمليات التفتيش الجسدي، واللمس غير المرغوب فيه للمناطق الحميمة، والضرب بما في ذلك في الأعضاء التناسلية، والتهديد بالاغتصاب ضد النساء، والتهديد بالاغتصاب ضد أفراد الأسرة الإناث (الزوجات والأخوات والبنات) في حالة الرجال، وعمليات التفتيش غير الملائمة، والتعري القسري للمحتجزين لفترات طويلة.
وأشارت إلى الإبلاغ كذلك عن التحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب أثناء مداهمة المنازل وعند نقاط التفتيش، فضلا عن التهديد بالاغتصاب إذا تم الإبلاغ عن ظروف الاحتجاز أو الكشف عنها علنا بعد عملية الإفراج.
استبدال الرعب بالأمل
وشددت المسؤولة الأممية على أن الهدف النهائي لولايتها ليس “حربا بلا اغتصاب، بل عالما بلا حرب”. وأضافت “علينا أن نرتقي إلى مستوى التحدي في عصرنا. ولا ينبغي أن يعيق الاستقطاب والانقسام الجيوسياسي آفاق السلام والاستقرار”.
وقالت إنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يتخلى عن المدنيين وأسرهم في كل من إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، مضيفة أنه “يجب حماية ودعم الناجين من العنف الجنسي والأشخاص المعرضين للخطر. لا يمكننا أن نخذلهم. إن شعوب هذه المنطقة بحاجة إلى رؤية مستقبل سلمي أخيرا في الأفق السياسي. يجب أن نستبدل الرعب ووجع القلب بالتعافي والإنسانية والأمل”.
وتطرقت باتن إلى التوصيات التي وردت في تقريرها وأولها الاتفاق فورا على وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وإطلاق سراح جميع الرهائن فورا دون قيد أو شرط.
كما شجعت حكومة إسرائيل على أن تسمح دون مزيد من التأخير بزيارة مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وبإسرائيل- وإجراء تحقيقات كاملة في جميع الانتهاكات المزعومة التي حدثت في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
ودعت جميع الجهات ذات الصلة والمختصة، الوطنية والدولية، إلى تقديم جميع الجناة، بغض النظر عن رتبهم وانتماءاتهم، إلى العدالة على أساس المسؤولية الفردية والرئيسية والقيادية.
وشجعت حكومة إسرائيل على التوقيع على إطار عمل للتعاون مع مكتبها بهدف منع العنف الجنسي في حالات النزاع ومعالجته، بما في ذلك من خلال مشاركة قطاع الأمن والتدريب والرقابة، فضلا عن تعزيز القدرة على تحقيق العدالة والمساءلة في مجال جرائم العنف الجنسي أثناء النزاعات، فضلا عن اتخاذ تدابير صارمة للتخفيف من خطر العنف الجنسي وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة في سياق الاحتجاز والعملية العسكرية الحالية.
ودعت كذلك جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة إلى الالتزام بأعلى معايير سلامة المعلومات. وأعربت باتن عن الارتياع من الظلم الذي يتعرض له النساء والأطفال الذين قتلوا في غزة بسبب عدد لا يحصى من القنابل وإطلاق النار، معربة عن الغضب إزاء معدل القتلى والألم “حيث تمحى عائلات، وفي بعض الأحيان أجيال، بأكملها. ومع كل قنبلة تسقط، يصبح العالم أكثر ظلما ويصبح الطريق إلى السلام أكثر غموضا”.
فلسطين
المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور قال إن اجتماع مجلس الأمن يأتي فيما يحتفل المسلمون في أنحاء العالم بحلول شهر رمضان المبارك. وأضاف: “في غزة، الموت والمعاناة في كل مكان. الغذاء والأمل مفقودان. المذابح ضد المدنيين الفلسطينيين تستمر فيما نتحدث هنا. الكثيرون من الصائمين لم يجدوا ما يتناولونه في وجبة السحور، وقد لا يجدون ما يأكلونه في الإفطار”.
وأشار إلى انعقاد فعاليات لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة هذا الأسبوع بالمقر الدائم للمنظمة، وقال إن النساء والفتيات الفلسطينيات يتعرضن للقتل والتشويه ويتم تشريدهن وإصابتهن بإعاقات وتجويعهن وإذلالهن واحتجازهن. وقال إن “9000 امرأة فلسطينية قتلت بيد إسرائيل في غزة خلال الأشهر الخمسة الماضية وحدها وإن كل ساعة تُقتل اثنان من الأمهات”.
وحول موضوع الجلسة، قال منصور إن مجلس الأمن عقد بشكل عاجل جلسة لمناقشة تقرير صدر قبل أسبوع واحد فقط. وأضاف أن التقارير والتحقيقات بشأن الاعتداءات الجنسية ضد النساء والرجال الفلسطينيين صدرت على مدى سنوات وعقود، ولم تؤد إلى عقد جلسة واحدة بالمجلس لمناقشتها.
وقال إن الممثلة الخاصة براميلا باتن قالت في تقريرها إنها لم تسع إلى جمع معلومات أو التحقق من ادعاءات في سياق الأرض الفلسطينية المحتلة لتفادي ازدواجية العمل مع الجهات الأممية الأخرى. وانتقد عدم دعوة أي من تلك الجهات للمشاركة في جلسة المجلس اليوم لتستعرض ما توصلت إليه بشأن العنف الجنسي ضد الفلسطينيين.
وأكد استعداد السلطة الفلسطينية الكامل للتعاون مع جهات التحقيق في الأمم المتحدة لزيارة الأرض الفلسطينية المحتلة والتحقيق في جميع الانتهاكات. وقال إنه ينتظر من مجلس الأمن مطالبة إسرائيل بفعل المثل.
وقال إن الإفلات من العقاب هو ما يجعل الإبادة الجماعية ممكنة. وأضاف أن حقيقة أن وزير خارجية إسرائيل جاء إلى هنا “ليلقي محاضرة أمام بقية العالم، فيما ترتكب حكومته الفظائع، دليل على دعم العجرفة والإفلات من العقاب”.
وقال: “إسرائيل تريد أسلحتكم، تريد أموالكم ودعمكم السياسي ثم تهاجمكم وتستخف بكم وتهاجم مجلس الأمن وكل من يطالبون بوقف إطلاق النار”. وشدد على أن الوقت قد حان للتغيير الذي يبدأ بإنهاء الإفلات من العقاب.
وأكد ألا شيء يمكن أن يبرر العنف ضد المدنيين، بغض النظر عن دينهم أو جنسياتهم أو عرقهم أو توجهاتهم الجنسية، بما في ذلك العنف الجنسي الذي يعد أحد أكثر الأشكال المروعة للعنف.
إسرائيل
وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس حضر الجلسة برفقة أشخاص قال إنهم أفراد عائلات اختطف أفرادها في غزة، مشيرا إلى أن المختطفين “في خطر كبير”. وأوضح وزير خارجية إسرائيل أنه جاء إلى المجلس لتسليط الضوء على محنة هذه العائلات المتضررة من أفعال حماس وللاحتجاج، بأعلى صوت ممكن، ضد الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها حماس، “بإذن واضح من قادتهم الدينيين”، من أجل ردع وتخويف المجتمع الإسرائيلي، على حد تعبيره.
وأضاف: “لقد كان هؤلاء القتلة فخورين جدا بإساءة معاملة واغتصاب ضحايانا المساكين لدرجة أنهم التقطوا صورا ومقاطع فيديو حية لأفعالهم الفظيعة”.
وقال الوزير الإسرائيلي إن الجهة الوحيدة المسؤولة عن هذه الجرائم ضد الإنسانية هي حماس التي اخترق “قتلتها” الحدود وهاجموا الأبرياء الإسرائيليين المسالمين في منازلهم وكيبوتساتهم وقراهم ومدنهم. وتابع قائلا:
”وصل فتيان وفتيات من جميع أنحاء العالم إلى مهرجان نوفا، وهو مهرجان للسلام والسعادة. وقد تعرض المئات منهم للهجوم من جميع الجهات وتم التنكيل بهم وذبحهم بوحشية”.
وقال الوزير الإسرائيلي إنه “ووفقا لتقرير الأمم المتحدة، لم يكن هذا فعلا من أفعال الحرب. بل هو جريمة ضد الإنسانية على أعلى مستوى ممكن”، مشيرا إلى أنه لا ينبغي لأي إنسان أن يواجه مثل هذه الأفعال الفظيعة.
وقال يسرائيل كاتس إن جرائم حماس أسوأ حتى من الأعمال الإرهابية التي تقوم” بها القاعدة وداعش” والمنظمات الأخرى التي تم فرض عقوبات عليها هنا في الأمم المتحدة، مضيفا أن العديد من الدول أعلنت حماس منظمة إرهابية، بما فيها الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، شدد على ضرورة “إعلان حماس منظمة إرهابية ومواجهة أشد العقوبات الممكنة”.
ووجه وزير الخارجية الإسرائيلي رسالة للمسلمين بمناسبة شهر رمضان قائلا: “اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأبارك لإخواننا المسلمين: رمضان كريم. إن حماس لا تتحدث نيابة عن العالم الإسلامي، ونحن نطلب منكم إدانة جرائم العنف الجنسي التي يرتكبها هؤلاء الهمجيون باسم الدين الإسلامي. إنني أطالب مجلس الأمن بممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط على منظمة حماس للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن المختطفين”.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.