قرر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الخميس تكليف محمد مصطفى بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة، وهو واحد من أكبر رجال الأعمال الفلسطينيين وحليف نادر لعباس شهد إعادة إعمار غزة خلال إدارة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) للقطاع. فيما يأمل الزعماء الفلسطينيون في أن يظهر الآن كشخصية لتوحيد الفصائل في ظل استعداده لإعادة إعمار القطاع بعد مرور خمسة أشهر على القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
نشرت في:
7 دقائق
عيّن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الخميس محمد مصطفى رئيسا للوزراء وكلّفه بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة.
ولد مصطفى في مدينة طولكرم بالضفة الغربية. وحصل على درجة الدكتوراة في إدارة الأعمال والاقتصاد من جامعة جورج واشنطن. وعمل في البنك الدولي بالعاصمة الأمريكية.
ويعتبر محمد مصطفى الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، رجل اقتصاد وأدار في السابق مجموعة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) وكذلك صندوق الاستثمار الفلسطيني التابع للسلطة الفلسطينية بأصول تبلغ حوالي مليار دولار لتمويل مشروعات في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية.
هذا، وقد عُين قبل عشر سنوات للمساعدة في قيادة جهود إعادة الإعمار في غزة بعد حرب سابقة بين إسرائيل وحركة حماس.
وتهدف السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا، والتي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية المحتلة وليس غزة بعدما فقدت السيطرة عليها لصالح حماس في العام 2007، إلى إعادة توحيد حكم الأراضي الفلسطينية بعد حرب غزة.
وكان رئيس الوزراء محمد اشتية، عضو حركة فتح التي يتزعمها محمود عباس، قد استقال هذا الأسبوع لتمهيد الطريق أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن المتوقع أن تجتمع فتح وحماس في موسكو هذا الأسبوع لمناقشة طريق المستقبل. ورغم أن مصطفى قريب من عباس، فهو ليس عضوا في فتح مما قد يجعله أقل إثارة للجدل.
وإلى ذلك، سيواجه مصطفى مهمة إدارية ودبلوماسية ضخمة بعد تحول مساحات كبيرة من غزة الآن إلى ركام ونزوح معظم سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة واحتياجهم إلى المساعدات. وتشهد الضفة الغربية أيضا أسوأ أعمال عنف منذ عقود.
وبالإضافة إلى مهمة الإشراف على مساعدات دولية متوقعة بمليارات الدولارات، سيحتاج مصطفى إلى التأييد السياسي من حركة حماس وأنصارها والتعاون من جانب إسرائيل التي تريد القضاء على الحركة.
ومن جهتها، دعت الولايات المتحدة إلى إجراء إصلاحات جذرية في طريقة الإدارة داخل السلطة الفلسطينية. وتريد واشنطن أن تلعب السلطة الفلسطينية دورا قياديا في حكم القطاع بعد الحرب.
وبالنسبة للخبير الاقتصادي الفلسطيني محمد أبو جياب فإن “الجميع في أزمة، فتح في الضفة الغربية في أزمة، وبكل وضوح أيضا حماس في أزمة في قطاع غزة”. وأضاف أن مصطفى (69 عاما) يمكن أن يمثل “المخرج” لكليهما.
7 أكتوبر”مؤسف للجميع” لكن “عَرَض لمشكلة أكبر…”
وكان الرئيس الفلسطيني عباس قد عين مصطفى رئيسا لصندوق الاستثمار الفلسطيني في عام 2015. وعمل نائبا لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية من العام 2013 إلى العام 2014، وترأس لجنة مكلفة بإعادة إعمار غزة بعد الحرب التي استمرت سبعة أسابيع وقُتل فيها أكثر من 2100 فلسطيني.
ففي كلمة ألقاها في دافوس يوم 17 يناير/ كانون الثاني، قال مصطفى “الكارثة والأثر الإنساني” للحرب الآن أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عشر سنوات.
ومن جانبها، تقول السلطات الصحية في غزة إنه تأكد مقتل 31 ألف شخص، ويعتقد أن آلافا آخرين مدفونون تحت الأنقاض.
أما إسرائيل فأكدت أنها لن تتعاون أبدا مع أي حكومة فلسطينية ترفض التبرؤ من حماس ومن هجومها الذي شنته في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وأسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، وفقا لإحصاءات إسرائيلية.
ووصف مصطفى في كلمته بدافوس هجوم السابع من أكتوبر بأنه “مؤسف للجميع”. وقال “لكنه أيضا عَرَض لمشكلة أكبر… يعاني منها الشعب الفلسطيني منذ 75 عاما بلا توقف”.
وأضاف “ما زلنا نعتقد إلى اليوم أن إقامة دولة للفلسطينيين هي السبيل للمضي قدما، لذلك نتمنى أن نتمكن هذه المرة من تحقيق ذلك، حتى يستطيع كل الناس في المنطقة العيش في أمن وسلام”.
ومصطفى عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة عباس والتي اعترفت بإسرائيل في بداية عملية السلام في العام 1993 على أمل إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، وهي الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.
“إصلاحات في العمق وذات مصداقية”
ومن جهته، رحّب البيت الأبيض الخميس بتعيين رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد مطالبا إياه بتشكيل حكومة تعمل على إجراء “إصلاحات في العمق وذات مصداقية”.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أدريان واتسون في بيان “نحضّ على تشكيل حكومة إصلاحية في أقرب وقت ممكن”، مشيرة إلى أنّ “الولايات المتّحدة ستتطلّع لأن تتمكن هذه الحكومة الجديدة من تنفيذ السياسات وإجراء إصلاحات ذات مصداقية وفي العمق”.
وكان مسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن قد أوضحوا في السابق إنهم ناشدوا عباس ضخ دماء جديدة، بما يشمل شخصيات من التكنوقراط ومتخصصين في الاقتصاد، إلى السلطة الفلسطينية بعد تجديدها للمساعدة في حكم غزة بعد الحرب. لكنهم قالوا إنهم لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم يمارسون الضغط من أجل الموافقة على أفراد بعينهم أو رفضهم.
“إعادة توحيد غزة والضفة الغربية”
وقال مصطفى إن السلطة الفلسطينية تستطيع القيام بما هو أفضل من حيث بناء مؤسسات أكثر كفاءة وحكم أكثر رشدا “حتى نتمكن من إعادة توحيد غزة والضفة الغربية”. لكنه أضاف: “إذا لم نتمكن من إزاحة الاحتلال، فلن تتمكن أي حكومة إصلاحية أو مؤسسات بعد إصلاحها من بناء نظام حكم جيد وناجح أو تطوير اقتصاد مناسب”.
وصرح في 17 يناير/ كانون الثاني بأن إعادة بناء المنازل وحدها ستحتاج إلى 15 مليار دولار.
وقال إنه سيواصل التركيز على الجهود الإنسانية على المدى القصير والمتوسط، معربا عن أمله في فتح حدود غزة وعقد مؤتمر لإعادة الإعمار.
وردا على سؤال عن الدور المستقبلي الذي يتوقعه لحماس، قال مصطفى أيضا إن “أفضل طريق للمضي قدما هو أن تكون (العملية) شاملة قدر الإمكان”، مضيفا أنه يود أن يتحد الفلسطينيون حول أجندة منظمة التحرير الفلسطينية.
هذا، ويأمل الزعماء الفلسطينيون في أن يظهر الآن كشخصية لتوحيد الفصائل في ظل استعداده لإعادة إعمار القطاع بعد مرور خمسة أشهر على القصف الإسرائيلي الذي أعقب هجوم الحركة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
فرانس24/ رويترز/ أ ف ب
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.