ترأس الاجتماع إيان بورغ، وزير الشؤون الخارجية والأوروبية والتجارة في مالطا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن لشهر نيسان/أبريل.
في عام 2015، اعتمد مجلس الأمن الدولي قراره التاريخيّ رقم 2250 حول الشباب والسلام والأمن، الذي يعترف للمرة الأولى بـ “الدور المهم الذي يمكن أن يضطلع به الشباب في منع نشوب النزاعات وحلّها”.
ومع اقتراب الذكرى السنوية العاشرة لهذا القرار الرائد، أكدت روز ماري ديكارلو أن “الاستثمار في الشباب هو استثمار في المستقبل”، مشيرة إلى أن خطة الأمين العام الجديدة للسلام تدعو بقوة إلى المشاركة النشطة للشباب في عمليات صنع القرار. وقالت إن الأمم المتحدة تكثف جهودها في هذا الصدد.
ووصفت ديكارلو سبب تركيز مناقشة اليوم على منطقة البحر الأبيض المتوسط بأنه “وجيه”، مبينة أن الشباب يشكلون 55 في المائة من السكان جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط. واستذكرت موجة المظاهرات التي اجتاحت المنطقة عام 2011 والتي كان الشباب في طليعتها، “احتجاجا على الحرمان من حقوقهم وانعدام الفرص الاقتصادية وفرص العمل”.
وقالت ديكارلو إننا شهدنا أيضا كيف استغلت الشبكات العنيفة والمتطرفة مثل هذه المظالم لجذب الشباب إلى صفوفها. ويشكل الشباب أيضا معظم أولئك الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط المحفوف بالمخاطر، هربا من الصراع والفقر وبحثا عن حياة أفضل.
وسلطت ديكارلو الضوء على التقديرات التي تشير إلى أن واحدا من بين كل أربعة شباب حول العالم يتأثر بالعنف أو النزاع المسلح. والشباب، وخاصة النساء، أكثر عرضة للإهمال وسوء المعاملة والاستغلال. وقالت “من المرجح أن يتم تجنيد الشباب من قبل الجماعات المسلحة عندما لا تكون لديهم فرص أخرى لكسب العيش”.
شباب غزة يتعرضون لمستويات غير مسبوقة من العنف
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات أيضا إلى أن أكثر من 90% من جميع الوفيات الناجمة عن الصراع المباشر تحدث بين الشباب الذكور، وفقا للسيدة ديكارلو، مشيرة إلى أن هذه الحقائق والأرقام تتجلى في الكارثة التي تتكشف في جزء من البحر الأبيض المتوسط، فقد أدى الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر والحرب في غزة إلى تدمير حياة العديد من الشباب.
وقالت إن سبعين في المائة من سكان غزة تحت سن الثلاثين عاما وقد تعرض جميعهم تقريبا لمستويات غير مسبوقة من الصدمات والعنف والمرض وانعدام الأمن الغذائي. وتم إغلاق جميع المدارس في كل أنحاء قطاع غزة، مما أثر على أكثر من 625 ألف طالب.
تدريب قادة المستقبل في ليبيا
وأكدت ديكارلو أن خلق مساحة سياسية للشباب للمشاركة بشكل هادف في مبادرات السلام والأمن أمر أساسي. على سبيل المثال، في أيلول/سبتمبر الماضي، أطلقت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مبادرة “تدريب قادة المستقبل في ليبيا”.
تتيح هذه المبادرة الفرصة لثلاثين شابة ليبية لتطوير مهاراتهن في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى التشريعات والسياسات لتعزيز مشاركة المرأة ومكافحة خطاب الكراهية. وفي شباط/فبراير، أحضر البرنامج هؤلاء الشابات إلى البرلمان الأوروبي، حيث ناقشن تأثير الصراع على الشباب في ليبيا.
بحر للسلام والأمل وليس الموت
ممثلة لتحالف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المعني بالشباب والسلام والأمن، تحدثت الشابة التونسية سارة المسعودي، قائلة شباب المنطقة منهكون “وقد طفح الكيل”. وأضافت: “بينما أتحدث إليكم الآن أكثر من 40 ألف فلسطيني من الشباب والأطفال والنساء والرجال إما قتلوا أو أنهم تحت الأنقاض”.
وأكدت على ضرورة مواجهة التحديات والحروب والنزاعات وانعدام الأمن، المستمرة لأجيال.
ولكن برغم هذه التحديات، أشارت سارة المسعودي إلى ما وصفته بـ “مساحة للإبداع” في خضم التحديات المستمرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، “وبالتالي فرصة لخلق القدرة على الصمود والسلام المستدام”.
وسلطت الضوء على خمسة تحديات قالت إنها تواجه شباب منطقة البحر الأبيض المتوسط:
أولا، تتعرض الفضاءات المدنية للهجوم واحتياجات الحماية ملحة.
ثانيا، يواجه الشباب حواجز منهجية فيما يتعلق بالمشاركة الهادفة في السياسة وعمليات السلام. وبالتالي فإن الشباب يتحدون الوضع الراهن ويرفضون المشاركة التي لا تلتزم لمبادئ القرار حول الشباب والسلام والأمن.
التحدي الثالث يكمن في الحركة في منطقة البحر المتوسط، مشيرة إلى أن الشباب يواجهون متطلبات شديدة التعقيد في السفر تتمثل في صعوبة الحصول على تأشيرات السفر الأمر الذي يحول دون مشاركتهم على المستويين الإقليمي والعالمي.
ولمواجهة هذا التحدي، تقول المسعودي إن الشباب يستخدمون قوة التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي للنهوض بالسلام: “إنهم يخلقون مجتمعات رقمية متعاونة وتتحدى الحدود والخوف”.
ومن ناحية أخرى، تقول سارة المسعودي إن سياسات واتفاقيات الهجرة تستمر في الإضرار بحقوق المهاجرين، منبهة إلى أن الناس الذي يعبرون واحدة من أكثر مسارات الهجرة دموية، البحر الأبيض المتوسط، يفتقرون إلى أنظمة سياسات الحماية.
ومضت قائلة: “نريد أن يكون البحر الأبيض المتوسط بحرا للأمل والفرص، حيث يتواصل الشباب مع أقرانهم في الشواطئ الأخرى. نريد يكون أن البحر الأبيض المتوسط بحرا للسلام وليس الموت”.
رابعا، الحاجة إلى معالجة المخاطر الأمنية.
وخامسا، توفير التمويل لعمليات الوقاية وبناء السلام.
معمل لخلق حلول تفيد العالم بأسره
تحدث في جلسة مجلس الأمن أيضا السفير ناصر كامل أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط وهو “مؤسسة حكومية دولية تضم 28 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي و15 دولة من الشواطئ الجنوبية والشرقية للبحر الأبيض المتوسط لتعزيز الحوار والتعاون”.
وقال السفير كامل إنه حان الوقت لتسليط الضوء على منطقة البحر الأبيض المتوسط ليس فقط بوصفها منطقة مليئة بالتحديات العالمية، وإنما معملا لإيجاد الحلول التي تفيد العالم كله.
ولهذا السبب، قال السفير ناصر كامل إن الاتحاد يعمل مع ومن أجل الشباب كي يتمكنوا من بناء مستقبل أكثر شمولا واستدامة، مشيرا إلى أن الاتحاد أطلق عام 2021 استراتيجية الشباب لعام 2030 وهي تستند إلى ثلاثة أعمدة وهي:
أولا، العمل البيئي والمناخي، وثانيا التعليم والتوظيف، وثالثا، الشمول الاجتماعي والمشاركة.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.