وسط نقص حاد في الذخيرة، انسحبت القوات الأوكرانية من بلدة أفدييفكا في شرق البلاد السبت، في خطوة تشكل انتصارا رمزيا لها، وتمهد الطريق لأكبر تقدم روسي منذ مايو أيار 2023 عندما استولت موسكو على مدينة باخموت. ووفق قائد الجيش الأوكراني الجديد أولكسندر سيرسكي فإن جنوده انسحبوا إلى مواقع أكثر أمنا خارج البلدة. تعد السيطرة على أفدييفكا أمرا أساسيا في هدف روسيا المتمثل في تأمين السيطرة الكاملة على الإقليمين اللذين يشكلان منطقة دونباس الصناعية، وقد تمنح الرئيس فلاديمير بوتين نصرا ميدانيا بينما يسعى لإعادة انتخابه الشهر المقبل.
نشرت في:
5 دقائق
في أكبر انتصار رمزي لروسيا بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنته كييف الصيف الماضي، أجبر الجيش الأوكراني إلى الانسحاب من مدينة أفدييفكا في شرق البلاد السبت، في خضم نقص متزايد في الموارد، وعرقلة المساعدات العسكرية الأمريكية.
وأعلن قائد المنطقة الجنرال الأوكراني أولكسندر تارنافسكي عبر تلغرام ليل الجمعة السبت أنه “وفقا للأمر الذي تلقيناه، انسحبنا من أفدييفكا إلى مواقع معدة مسبقا”.
واضطرت أوكرانيا إلى التخلي عن مدينة أفدييفكا مركز “القتال العنيف” في شرق البلاد التي باتت مدمرة إلى حد كبير، في حين عززت روسيا قواتها بمزيد من العناصر والذخيرة للسيطرة على أفدييفكا قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لبدء غزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير.
وأضاف تارنافسكي “في الحالة التي يتقدم فيها العدو عبر السير فوق جثث جنوده ولديه قذائف أكثر بعشر مرات (…) فإن هذا هو القرار الصحيح الوحيد”. وأكد أن القوات الأوكرانية تجنبت بالتالي تطويقا قرب هذه المدينة الصناعية المدمرة إلى حد كبير.
ويعد هذا أول قرار رئيسي يتخذه القائد الأعلى الجديد للجيوش الأوكرانية أولكسندر سيرسكي بعد تعيينه في هذا المنصب في 8 شباط/فبراير. وبرر ذلك بالرغبة في “الحفاظ” على حياة جنوده.
“خطوط أكثر ملاءمة “
وكتب سيرسكي على فيسبوك “قررت سحب وحداتنا من المدينة والتحول إلى الدفاع على خطوط أكثر ملاءمة”. وأضاف “أدى جنودنا واجبهم العسكري بكرامة وفعلوا كل ما هو ممكن لتدمير أفضل الوحدات العسكرية الروسية وألحقوا خسائر كبيرة بالعدو”.
وقبل إعلان الانسحاب من المدينة رسميا، أقر تارنافسكي بأن “العديد من الجنود” الأوكرانيين قد “أسِروا” بأيدي القوات الروسية التي لديها “فائض من حيث القوة البشرية والمدفعية والطيران”.
وأفدييفكا التي كان عدد سكانها يبلغ نحو 34 ألف نسمة قبل الغزو الروسي في شباط/فبراير 2022، لها قيمة رمزية مهمة. وباتت المدينة مدمرة إلى حد كبير، لكن لا يزال هناك نحو 900 مدني فيها، وفق السلطات المحلية، وتأمل موسكو بأن تؤدي السيطرة عليها إلى جعل القصف الأوكراني لدونيتسك أكثر صعوبة.
وقالت كييف إن الجيش الروسي يكثف هجماته رغم خسائره البشرية الثقيلة منذ تشرين الأول/أكتوبر، وهو وضع يذكر بمعركة مدينة باخموت التي سيطرت عليها موسكو في أيار/مايو 2023 بعد عشرة أشهر من القتال الذي كلفها عشرات آلاف القتلى والجرحى.
وتعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس بذل “كل ما هو ممكن” لإنقاذ قواته على الجبهة الشرقية، ولا سيما في أفدييفكا، مركز القتال، بعدما وصف كل من الجيش الأوكراني والإدارة الأمريكية الوضع بأنه “حرج”.
وبعد فشل الهجوم المضاد الكبير الذي شنته أوكرانيا في الصيف، صار الروس المبادرين بالهجوم على الجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبات في تجديد قواته ويفتقر إلى الذخائر.
ولأفدييفكا قيمة رمزية مهمة، فقد سقطت فترة وجيزة في العام 2014 في أيدي الانفصاليين المدعومين من موسكو، قبل أن تعود إلى سيطرة كييف، فضلا عن قربها من مدينة دونيتسك معقل أنصار روسيا منذ عشر سنوات.
قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لبدء الغزو الروسي، تواجه أوكرانيا تحديات عدة: هجمات القوات الروسية، وتعثر المساعدات العسكرية الأمريكية، ونقص المقاتلين والأسلحة والذخائر.
في المقابل، تعتد روسيا بنشر 600 ألف عسكري على الجبهة، وباقتصادها المكرس بالكامل للمجهود الحربي الذي فشلت العقوبات الغربية في إخراجه عن مساره.
يأتي الانسحاب من أفدييفكا في وقت يجري زيلينسكي جولة أوروبية. وقال من برلين إنه على اتصال دائم بالقيادة العسكرية التي ذكر أن مهمتها الرئيسة تتمثل في الحفاظ على حياة الجنود و”تقليل الخسائر”.
ووقع زيلينسكي اتفاقات أمنية ثنائية الجمعة في برلين ثم في باريس للحصول على مساعدات طويلة الأجل من ألمانيا وفرنسا لبلاده، مع تعهدات بتقديم دعم عسكري بحوالى عشرة مليارات دولار خلال العام 2024.
وسط هذه التطورات، أكدت السلطات الروسية أنها أحبطت هجمات عدة بطائرات بلا طيار أوكرانية ليل الجمعة السبت.
فرانس24/ أ ف ب
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.