يؤكد حقوقيون في مصر أن العقد الماضي الذي حكمه وزير الدفاع السابق الذي يتولى رئاسة مصر حاليا عبد الفتاح السيسي كان الأسوأ في سجل حقوق الإنسان. وتحدثوا عن صعوبات جمة في الدفاع عن حقوق المساجين السياسيين. فيما تحتل مصر المرتبة 135 من أصل 140 دولة في التصنيف الدولي لدولة القانون الذي يضعه مركز “وورلد جاستس بروجكت”.
نشرت في:
“نحن في وضع بات فيه شعب كامل رهينة”. هذا ما صرح به مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت في تعليقه على وضع حقوق الإنسان في مصر في العقد الأخير.
قبل عشرة أعوام، طلب عبد الفتاح السيسي من المصريين “تفويضا” لإنقاذهم من “الإرهاب” ومن حكم الإسلامي محمد مرسي. اليوم، يترأس الرجل الذي كان وزيرا للدفاع برتبة مشير، دولة بات القانون فيها متاهة يعجز حتى الخبراء عن التعامل معها.
منذ عقود يتم “اعتقال ناشطين أو محامين” بسبب آرائهم أو نشاطهم السياسي في البلد العربي الأكثر تعدادا للسكان، على ما تقول المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان ماهينور المصري. لكن “اليوم يتم اتهام مواطنين عاديين بالإرهاب بسبب مقطع على تيك توك أو تدوينة على فيس بوك تدين غلاء المعيشة”، وفق المصري.
ويضيف مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت: “كل الناس تخشى أن يتم اعتقالها واحتجازها إلى أمد غير محدد”. ويتابع: “إنها أداة للحكم فعالة للغاية اذ انتقلنا من الرقابة الذاتية إلى وضع بات فيه شعب كامل رهينة”.
سامر الدسوقي واحد من الذين عانوا من قرارات قضاء بات خاضعا جراء تقديم العلاوات والترقيات أو قرارات نقل عقابية، لضمان ولاء القضاة بحسب ناشطين.
في الثامن من أيار/مايو 2022، أوقف الدسوقي في الشارع، على ما أفاد حسام بهجت وكالة الأنباء الفرنسية.
تؤكد أسرته أنه ليس إسلاميا ولا ينتمي إلى المعارضة الليبرالية. ولم يتمكن محاموه من الاطلاع على ملفه كما هو الحال في الكثير من القضايا التي تحال على محاكم أمن الدولة.
في تموز/يوليو 2022، قضت محكمة مختصة بقضايا الإرهاب في مدينته دمياط (شمال مصر) ببراءته من تهمة “الانضمام إلى جماعة إرهابية”.
وأعيد تقديمه للمحاكمة بالتهمة نفسها مرتين بعد ذلك في تشرين الأول/ أكتوبر وكانون الأول/ ديسمبر وتمت تبرئته كذلك في الحالتين. لكنه لا يزال قيد الحبس الاحتياطي. ففي كل مرة تسجل قضية جديدة برقم جديد ويُحبس مجددا.
حظر موسيقى ومهرجانات باعتبارها مخالفة لـ”قيم أسرية”
وتؤكد واشنطن أن مصر تنتهك حقوق الإنسان في جميع المجالات: من السجون إلى حرية التعبير مرورا بحقوق مجتمع الميم أو التعذيب.
ويقول بهجت: “مصر لم تكن أبدا ديمقراطية ليبرالية بالمعنى الحقيقي للكلمة ولكن في ظل السيسي” زادت الأمور سوءا.
من جهتها، نزلت ماهينور المصري إلى الشارع في 30 حزيران/يونيو 2013 للمطالبة برحيل الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي. بعد عشر سنوات، سجنت خلالها ثلاث مرات في عهد السيسي، لم تعد تشارك في أي مظاهرات.
ويؤكد حسام بهجت، أنه قبل الإطاحة بحسني مبارك في العام 2011 وبعدها، كانت الإضرابات والمسيرات أمرا عاديا. أما اليوم “فلا توجد مظاهرات على الإطلاق”.
ويتابع: “لا توجد أي صحيفة معارضة ولا أي وسيلة للتعبير عن رأي معارض بطريقة منظمة”. وتقول المنظمات الحقوقية إن “562 موقعا” إخباريا أو تابعا لحزب أو جمعية حٌجبت في مصر.
ولا تتوقف الرقابة عند هذا الحد. فقد منعت موسيقى الراب وموسيقى “المهرجانات” الإلكترونية بانتظام باعتبارها “مخالفة للقيم الأسرية”.
وبسبب مخالفتهن لتلك القيم كذلك، أوقفت نحو عشر من المؤثرات المصريات وأخضعن للمحاكمة. ويطالب نواب بانتظام بمنع نتفليكس للسبب نفسه.
في المقابل، تتحدث الدولة باعتزاز عن “استراتيجيتها لحقوق الإنسان”.
وباشرت الدولة كذلك “حوارا وطنيا” يشارك فيه، بحسب منسقه العام ضياء رشوان، “سجناء سابقون” و”يتناقشون بحماس مع أفراد يمثلون النظام”.
كما أصدر الرئيس المصري قرارات عفو رئاسي عن الكثير من المسجونين وألغى حالة الطوارئ.
لكن الناشطين الحقوقيين، الذين صدرت في حق كثيرين منهم قرارات بالمنع من مغادرة البلاد أو بتجميد حساباتهم المصرفية، يقولون إن هذا مجرد ذر للرماد في العيون.
قضاء عبر الفيديو
ويشير حسام بهجت إلى أن الإجراءات الاستثنائية التي كان ينبغي أن تزال مع إلغاء حالة الطوارئ، تم دمجها تدريجا ضمن القوانين العادية لتصبح “أداة للقمع”.
ويرى أنه “حتى في أوج الحكم السلطوي” في عهد الرؤساء السابقين كان هناك “إطار قانوني” لتغطية الانتهاكات وهو ما لم يعد قائما اليوم.
وتحتل مصر المرتبة 135 من أصل 140 دولة في التصنيف الدولي لدولة القانون الذي يضعه مركز وورلد جاستس بروجكت.
ويضطر المحامون المصريون، بحسب ما تشرح ماهينور المصري، إلى حضور جلسات تجديد الحبس الاحتياطي مع موكليهم عبر الفيديو إذ أن الإجراءات التي اتخذت لمواجهة جائحة فيروس كورونا لم ترفع أبدا.
وتقول: “نرى 20 محتجزا على الشاشة محاطين بحراس وبالتالي فهم لا يستطيعون التحدث عن ظروف احتجازهم إذا كانت لديهم أي شكوى”.
وفيما تلزم السلطات الصمت المطبق بشأن عدد السجناء، فتحت القاهرة خمسة “مراكز تأهيل” مزودة بمكتبات وورش ومصانع يفترض أن تحل محل السجون القديمة.
لكن منذ مطلع العام الحالي، أحصى الناشطون وفاة 16 موقوفا، من بينهم خمسة في هذه المراكز.
وتستند ماهينور المصري إلى تجربتها الشخصية لتقدير العدد. فعندما سجنت في العام 2016 كان في سجن النساء الذي احتجزت فيه 30 سجينة سياسية. لكن، عندما عادت إلى السجن في العام 2019 “كان قد خصص جناح كامل للسجينات السياسيات أي حوالي 200 سجينة”.
فرانس24/ أ ف ب
Share this content: