جاء ذلك خلال إحاطة قدمتها لمجلس الأمن اليوم الخميس، حيث قالت إن السوريين ما زالوا يواجهون “صراعا حادا ومدولا”، فيما عكس تصاعد العنف الأخير الحاجة الماسة إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.
وأشارت السيدة رشدي إلى مقتل وجرح مدنيين جراء الغارات الجوية الأخيرة التي شنتها أطراف موالية للحكومة على شمال غرب البلاد، فضلا عن الغارات المتعددة بطائرات بدون طيار من مناطق تسيطر عليها جماعة هيئة تحرير الشام الإرهابية على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
كما أشارت إلى حوادث عنف أخرى، بما في ذلك الضربات التركية والإسرائيلية، والحوادث الأمنية الأخرى في جنوب ووسط سوريا.
وشددت نائبة المبعوث الخاص على أن السوريين يواجهون أزمة إنسانية متفاقمة وأزمة اقتصادية حادة مع ارتفاع التضخم ونقص إمدادات الطاقة والوقود.
كما تتواصل مأساة المعتقلين والمفقودين والمختفين، وكذلك معاناة ملايين السوريين الذي نزحوا من ديارهم داخل وخارج البلاد، دون حدوث تحول ملموس في الظروف التي قد تجعلهم يعودون على منازلهم طوعا وبأمان وكرامة.
وأضافت: “كل هذه العوامل توضح لنا أهمية ترجمة الدبلوماسية المتجددة إلى حلول حقيقية تمس الاهتمامات المباشرة للشعب السوري، وبناء بعض الثقة بين الأطراف، والمضي قدماً نحو حل سياسي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254”.
أهمية العمل الجماعي
وقالت السيدة رشدي إن المناقشات التي أجراها المبعوث الأممي الخاص غير بيدرسون مع الجهات الفاعلة الرئيسية خلال الشهر الماضي تُظهر أن “الانتقال من النية إلى العمل الفعلي يتطلب مشاركة حقيقية ومرونة والتزامات من أكثر من مجموعة واحدة من الجهات الفاعلة”.
وأضافت: “حتى أكثر الخطوات تواضعا- لتحسين حياة السوريين والمضي قدما على المسار السياسي – ستتطلب تحركا من العديد من الأطراف المختلفة – ولكل منهم القدرة على التعطيل إذا تم استبعادها”.
وقالت نائبة المبعوث الخاص إن التحركات الدبلوماسية لم تسفر عن نتائج ملموسة بعد، لكن الفرصة لا تزال قائمة.
وقالت: “نتطلع إلى استمرار انخراطنا مع الأطراف السورية ومع الأطراف العربية، وأطراف [عملية] أستانا، والأطراف الغربية بشأن هذه القضايا، لتعزيز التنسيق والمضي قدماً نحو حل سياسي بقيادة وملكية سورية يعيد سيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا، وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري “.
عيد بلا فرحة
من جانبه، قال منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيثس إن العائلات في جميع أنحاء البلاد تحتفل بعيد الأضحى المبارك “فيما يقل الطعام على أطباقهم ويقل من الوقود في مواقدهم، وتقل المياه في منازلهم”.
أخبر السيد غريفيثس، الذي عاد يوم أمس الأربعاء من زيارة إلى سوريا، أعضاء المجلس أن الصراع الذي دام 12 عاماً والانهيار الاقتصادي المرتبط به دفع 90 في المائة من السكان إلى ما دون خط الفقر، حيث “تحتاج الأسر إلى تجميع دخلها من جميع الموارد لتغطية نفقاتها الأساسية، وغالباً لا تنجح في ذلك”.
ترجمة التعهدات إلى مساهمات
تعد خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا لهذا العام هي الأكبر في العالم حيث تبلغ قيمتها 5.4 مليار دولار أمريكي، إلا أنها لم تتلق حتى الآن سوى 12 في المائة من جملة المبلغ المطلوب.
وسيضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض مساعداته الغذائية الطارئة بنحو 40 في المائة في تموز /يوليو، حيث يواجه عجزاً تمويلياً قدره 200 مليون دولار.
وفي هذا الصدد، رحب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية بالتعهدات التي قُطعت في مؤتمر بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر، لكنه دعا إلى أن تتحول التعهدات بسرعة إلى مساهمات للحفاظ على استمرار عمل البرامج الإنسانية فيما تتفاقم الاحتياجات.
أهمية التعافي المبكر
وبينما أقر السيد غريفيثس بالاحتياجات الإنسانية الملحة، شدد على أهمية زيادة توسيع أنشطة التعافي المبكر، التي قال إنها “أفضل فرصة للمجتمع الإنساني لدعم مستقبل الشعب السوري”.
وأضاف أن أي تحرك نحو استجابة أكثر استدامة في البلاد سيتطلب نهجاً مختلفاً، “من المهم أن تتبع جداول زمنية أطول وبخطوط حمراء أقل من قبل المانحين”.
وحث منسق الإغاثة في حالات الطوارئ إلى إيجاد إجماع دولي أقوى حول أهمية برامج التعافي المبكر في سوريا.
المساعدات عبر الحدود
مع مشارفة انتهاء تفويض مجلس الأمن باستخدام آلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا، حث السيد غريفيثس المجلس على تزويد المجتمع الإنساني بتجديد لمدة 12 شهراً مما سيسمح له بالتخطيط والاستجابة للاحتياجات على أرض الواقع بشكا أفضل.
وقال إن الأمم المتحدة وشركائها يصلون إلى حوالي 2.7 مليون من الرجال والنساء والأطفال الأكثر ضعفاً بمساعدات منقذة للحياة في شمال غرب سوريا شهرياً، مضيفاً أن غالبية المساعدات تأتي من خلال معبر باب الهوى الحدودي.
شدد كبير مسؤولي الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة على إيصال المساعدات عبر الخطوط الأمامية لا يمكن أن تواكب حجم الاحتياجات، وشدد على ضرورة افساح المزيد من الوقت لتمكين آليات إيصال المساعدات عبر الخطوط لتشكل جزءاً أكبر من إجمالي المساعدات الإنسانية.
وقال السيد غريفيثس إن الاستجابة الإنسانية في سوريا “تمر بمنعطف حرج، وكذلك مستقبل سوريا نفسها”.
وأضاف: “هناك تحديات كبيرة وواضحة، ولكن بصراحة هناك فرص مهمة أيضا إذا تمكنا من زيادة التمويل المقدم للتعافي المبكر على أساس موثوق ويمكن الاعتماد عليه”.
وشدد على أن الأمم المتحدة لا يمكنها معالجة القضايا الإنسانية في البلاد إلا إذا استطاعت أن تجعل وجودها مبنيا على “الشراكة ودعم الأشخاص الذين عانوا لسنوات عديدة”.
التمويل هو الأساس
أما السفير السوري بسام صباغ، فعبر عن استيائه من عدم حصول أي تقدم في إيصال المساعدات الإنسانية عبر خطوط الصراع للأشخاص المحتاجين الذين لا يمكن الوصول إليهم عبر الحدود، “وذلك جراء عرقلة المجموعات الإرهابية لها.”
وقال السيد صباغ إن ما تم الإعلان عنه من تعهدات في مؤتمر بروكسيل هو اختبار جديد لإرادة الدول المانحة وجديتها في الوفاء بالتزاماتها.
وتساءل السفير السوري حول الشيء الذي سيمكن المجتمع الإنساني من الاستجابة للاحتياجات الإنسانية وقال:
“السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي يساعد على القردة على التنبؤ؟ الوفاء بتمويل الخطة أم فترة الاثني عشر شهرا؟ الجواب بكل وضوح هو تمويل الخطة. بدون التمويل لا يمكن القيام بأي شيء”.
وشدد السفير السوري على أن التدابير القسرية أحادية الجانب تؤثر على مختلف القطاعات الإنسانية في سوريا، وأن “كل ما يسمى بالاستثناءات” التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي “لم يكن لها أي أثر على أرض الواقع”، على حد تعبيره.
Share this content: