لذلك ترى منظمة الصحة العـالمية أنـه لا بد من بذل جهود مكثفة لمنع كافـة أشكال «تطبيب الختـان» انطلاقا من المبادئ الأخلاقية الأساسية للرعايـة الصحية، حيث إنه لا يمكن السماح بأن يتم التشويه الجنسي للإناث في المؤسسات الصحية، لأن ختان الإناث بكل أشكاله ودرجاته ضار للبنات والسيدات، وأن إجراءه بواسطـة الفريق الطبى لا يمنع هذه الأضرار، بل يساعد على استمرار هذه الممارسة.
وفقا لبيانات المسح الصحى للأسرة المصرية، الصادر مؤخرا عن المركز القومي للتعبئة والإحصاء، تشير النتائج إلى انخفاض نسب الختان بين البنات دون تسعة عشر عاما حيث انخفضت نسبة الختان هذا العام بحوالي 8 نقاط أقل من المستوى المسجل عام 2014. كما انخفضت نسبة الأمهات اللاتى لديهن نية ختان بناتهن فى المستقبل إلى 13% فقط، مقارنة بحوالى 35 % عام 2014، في العمر الذي تتم فيه ممارسة ختان الإناث للفتيات.
مراسلنا في مصر خالد عبد الوهاب يلقي الضوء في التقرير التالي على الشراكة بين منظمة الصحة العالمية والاتحادات الطلابية لمواجهة ختان الاناث.
في عام 2022، دربت منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان في مصر، 5000 مثقفة صحية (رائدات ريفيات) من 9 محافظات، على نشر الوعي في مجتمعاتهن بشأن الآثار السلبية الجسدية والنفسية لختان الإناث، وعدم وجود أي فوائد طبية للختان، وأن تلك الممارسة تعتبر جريمة وانتهاكا لحقوق الإنسان.
وتعمل المنظمة في مصر بالتعاون مع المجتمعات المحلية في مختلف المحافظات لزيادة الوعي الصحي وتسهيل وصول الناس إلى الخدمات الصحية التي يحتاجونها والتوعية بأهمية الصحة الإنجابية، خاصة ما يتعلق بمواجهة ختان الإناث والزواج المبكر، كما تقول الدكتورة نعيمة القصير ممثلة منظمة الصحة العالمية بمصر:
“في كل عام نرصد التقدم الذي حدث في ملف العنف، بشكل عام، وضد المرأة والفتاة بشكل خاص. ونحن في منظمة الصحة العالمية نرى أنه ليس فقط هناك التفاوت بين الدول في ملف العنف، ولكن هناك أيضا تفاوت بين الجنسين في نسبة العنف التي تزيد ضد النساء، سواء كن بالبيت أو العمل أو الأماكن العامة. لذا نعمل في منظمة الصحة العالمية مع جميع الشركاء من المجتمع المدني والوزارات المعنية وصناع القرار وصناع الأفلام والثقافة لتغيير السلوك كأفراد وجماعات نحو احترام المرأة وعطائها من أجل التنمية المستدامة في المجتمع. ومنظمة الصحة العالمية بمصر تعمل يدا بيد مع وزارة الصحة والجهات الأخرى لرفع قدرات العاملين الصحيين بالوحدات الصحية والمستشفيات لوقف العنف ضد النساء والفتيات، خاصة الممارسات الخاطئة كختان الإناث والزواج المبكر“.
وتعمل منظمة الصحة العالمية في مصر مع مختلف الجمعيات والاتحادات الطلابية من طلبة الطب والصيدلة والتمريض لنشر الوعي بالآثار السلبية الجسدية والنفسية والتوابع القانونية لجريمة الختان، كما تقول ساندي هاني، منسقة مشروع ختان الإناث في الاتحاد الدولي لطلاب الطب بمصر:
“نهدف في الاتحاد الدولي لطلاب الطب بمصر إلى تمكين طلاب الطب بالتوعية بالحقوق الجنسية والإنجابية، ونعمل في هذا الصدد لبناء كفاءات من طلاب الطب ومقدمي الخدمة الصحية مستقبلا بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل عام وقضية ختان الإناث بشكل خاص، للوصول لمجتمع خال من العنف ضد النساء بكل أشكاله”.
ويشمل هذا الجهد طلاب التمريض كما قالت الشابة سماح فيصل التي تحدثت عن أهمية ذلك لإحداث تغيير حقيقي في المجتمع.
“أنا سماح فيصل مسؤولة مشروع الصحة العامة بالجمعية المصرية لطلاب وخريجي التمريض، حيث نقوم نحن كشباب التمريض، بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية، بأنشطة مختلفة تنصب على رفع الوعي بالتصدي لظاهرة ختان الاناث في عدد من المحافظات المصرية، لإعداد جيل من شباب التمريض لديه القدرة على قيادة التغيير في المجتمع”.
ويقول محمد شعبان رئيس الاتحاد المصري لطلاب الصيدلة إن واحدة من كل ثلاث فتيات في العالم تتعرض لجريمة الختان، مثمنا التعاون مع منظمة الصحة العالمية للعمل على وقف جريمة الختان:
“اللافت أن واحدة من كل ثلاث سيدات في العالم تتعرض لجريمة الختان، ونعم كاتحاد طلاب الصيدلة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومؤسسات حكومية وغير حكومية، ندعو دائما في اليوم العالمي للتوعية بمواجهة ختان الإناث للوقوف صفا واحدا للاستمرار في عمليات تجريم ووقف الختان، للحفاظ على صحة أطفالنا. كما ندعو مقدمي الخدمة الصحية لرفض أي انتهاك لأي حق من حقوق المرأة، وأن يكون الجميع مفتاحا للتغيير للأفضل”.
وقد صدق البرلمان المصري على القانون رقم 10 لسنة 2021 (المادة 242 و 242 مكرر) حيث يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات كل من أجرى ختانا لأنثى بإزالة أي جزء من أعضائها التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو قام أو ألحق إصابات بتـلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنوات.
وقد رصدنا في هذه اللقاءات مع مجموعة من الفتيات والسيدات آراءهن وتجاربهن مع جريمة الختان:
“أنا لن أنسى هذا اليوم فهو محفور في ذاكرتي باليوم الأسود”.
“تعرضت أنا وابنة خالي للختان، أصابني نزيف شديد وانتابت ابنة خالي صدمة عصبية حادة”.
“كنا نستقي معلومات مغلوطة من أهالينا بأن الختان عفة”.
“أنا كمسيحية أقول إن الختان غير موجود في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ولا يوجد نص صريح بإباحته”.
“وانا كمسلمة قرأت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يختن السيدة فاطمة”.
“لو عاد الزمن بأهلي وأدركوا خطورة وأضرار الختان ما أقدموا عليه”.
“لما بلغت سبعة عشر عاما تطوعت وحصلت على دورات للتوعية بأضرار الختان ونقلت ذلك لأهلي وجيراني”.
“نجحت في إقناع والدتي ألا تقدم على ختان أختي التي بلغت الآن ثمانية عشر عاما”.
“أنا شخصيا حينما أتزوج لن أفكر أن أقدم على ختان بناتي مهما كلفني ذلك الأمر”.
تخلف جريمة ختان الاناث الأضرار والمضاعفـات الجسديـة والنفسية كالشعور بالخزى وتشويه صورة الذات والخوف من الزواج. وأدى انتشار التعليم فى مصر إلى تخلى كثير من الأسر عن ختان بناتها منذ منتصف القرن الماضى.
وتشــير النتائج إلى انخفاض نسب الختــان لتصل إلــى 82 % بيــن الســيدات اللاتى أتممــن المرحلــة الثانويــة من التعليم، مقارنة بالســيدات اللاتى لم يسبق لهن الذهاب إلى المدرسة إذ وصلت النسبة بينهن إلى (95%).
خالد عبد الوهاب لأخبار الأمم المتحدة.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.