- ميليسا هوغينبووم
- مراسلة بي بي سي للشؤون العلمية
هل ترغب في أن يكون تفكيرك أسرع وانتباهك أكثر حدة؟ تقول الدراسات إن تحفيز الدماغ بأجهزة خاصة باستخدام النبض الكهربائي يمكن أن يأتي بنتائج إيجابية.
إلا أن بعض الشركات تبيع الآن هذه الأجهزة عبر شبكة الإنترنت، ما أدى لظهور دعوات تطالب بوضع قيود تنظيمية على هذه التكنولوجيا.
وقد تبدو هذه التكنولوجيا بعيدة المنال، إلا أن الباحثين يرون أنها ستكون واعدة.
وتقوم عملية التحفيز المباشر المتدفق “تي دي سي اس” بتحفيز الخلايا العصبية في الدماغ، من خلال تمرير تدفقات كهربية ضئيلة بشكل مباشر إلى فروة الرأس.
ولا تنطوي هذه الطريقة على أي مشكلات، حتى إن الجيش الأمريكي يستخدمها في محاولة لتطوير أداء طياريه ممن يتحكمون في الطائرات بدون طيار.
وترى الدراسات الأولية أن التحفيز الكهربائي يمكن أن يزيد من مستوى الانتباه، ويكون له تأثير إيجابي على من يعانون من القصور المعرفي والاكتئاب.
وأظهرت تلك الطريقة أيضا دورا في تحسين الأداء في العمليات الحسابية، وأدى تطبيقها إلى استمرار ذلك التحسن لستة أشهر.
ويشرف روي كوهين كادوش، الأستاذ بجامعة أكسفورد، على هذه الدراسة، كما أنه يستخدمها في معرفة الطريقة التي يمكن من خلالها تحسين الوظائف المعرفية.
وقال كادوش: “أظهرت الدراسة أننا إذا عرّضنا الجزء الأيمن من الدماغ لطاقة كهربائية، فيمكننا حينها أن نحدث تغييرا على إحساس الخلايا العصبية التي تنقل المعلومات إلى الدماغ، ومن ثم يمكننا تحسين القدرات المعرفية للعديد من الوظائف النفسية.”
وقد تكون مثل هذه الدراسات هي السبب وراء استغلال شركات الإعلانات لهذه التكنولوجيا والترويج لها كطريقة تساعد مستخدمي الألعاب لإحراز مراحل متقدمة.
وتعمد تلك الإعلانات الترويجية إلى شد انتباه الجمهور إلى هذه الأجهزة بعبارات من قبيل: “جهاز جديد لمستخدمي الألعاب يوضع على الرأس… حفز عقلك!”، وأخرى تروج له: “هل يمكنك زيادة سرعة تعلمك بنسبة بين 20 إلى 40 في المئة؟ هل أصبح بإمكانك تخفيف ألمك وتحسين شعورك؟ هل يمكنك أن تزيد من طاقتك وتخفف الضغط النفسي الذي تعاني منه من خلال طريقة “تي دي سي اس”؟ تقول الدراسات إن ذلك أصبح ممكنا؟”
“نتائج غير مقصودة”
إلا أن العلماء يرون أن تلك الأجهزة قد تكون ضارة إذا ما استخدمت بطريقة خاطئة.
وحذرت هاناه ماسلين، من مدرسة أكسفورد مارتن بجامعة أكسفورد: “إذا ركزت تلك الإعلانات على كون هذا الجهاز مفيدا لمستخدمي الألعاب، فإن ذلك يكون بعيدا تماما عن الغرض الذي خصص له من أجل مساعدة من يعانون من السكتات الدماغية، أو الاكتئاب.”
إلا أنه وفي معمل الدكتور كادوش، تستخدم طريقة التحفيز الكهربي في نطاق محدود لا يتجاوز عشرين دقيقة في المرة الواحدة، كما أنها لا تنفذ سوى على من خضعوا بالفعل لفحوصات طبية دقيقة.
وعلى أية حال، فإن الباحثين يستخدمون هذه الأقطاب الكهربية مع الدماغ، ويقولون إنها قد تحمل بعض النتائج غير المقصودة.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن تتأثر مناطق أخرى في الدماغ بدلا من المناطق المستهدف تحفيزها، وفي بعض الأحيان، قد يؤدي ذلك التحفيز إلى إحداث عجز في تلك المناطق غير المستهدفة بدلا من تحسين وظائفها، وذلك إذا ما كانت القطبية الكهربية للتحفيز معكوسة.
ويقول دكتور كوهين كوداش: “قد تستخدم نوعا من التحفيز الدماغي الذي لا يكون مفيدا لك، لذا فإنك بحاجة إلى معرفة الفترة التي يستغرقها تحفيز الدماغ، والتوقيت الذي ينبغي لك القيام بالتحفيز فيه، ومقدار التحفيز الكهربي الذي تستخدمه.”
ومؤخرا، حث فريق آخر من الباحثين على توخي “الحيطة والحذر” أثناء استخدام هذه الأجهزة التحفيزية عندما يكون الأمر متعلقا بالدماغ، وذلك لما له من مخاطر معروفة، بما في ذلك النوبات والتقلبات المزاجية.
ولأن الدماغ يستمر في النمو حتى سن العشرين، يرى نيك ديفيز، من جامعة سوانسي في ويلز والمشرف على هذا البحث، أن تحفيز الدماغ في هذه الفئة العمرية سيكون له تأثير أقوى.
ومما يزيد من قلق ديفيز أن الناس أصبحوا يصممون أجهزة تحفيز الدماغ بأنفسهم، وهو ما قد يسهل من “تداول هذه التكنولوجيا بين المراهقين الأذكياء.”
ويضم موقع “ريديت” للتواصل الاجتماعي منتدى نشطا حول هذه التكنولوجيا الجديدة، ويشتكي فيه المستخدمون من شعورهم “بالتهاب في فروة الرأس” أثناء استخدام هذه الأجهزة، وكتب أحدهم على صفحة المنتدى أيضا أن بعض المستخدمين “يشعرون بالعصبية بشكل متكرر” بعد استخدامهم هذه الطريقة.
ويعلق دكتور ديفيز على ذلك قائلا: “من يشعرون بذلك هم من يتعرضون لجرعات من تلك الطريقة أكبر مما يحددها الباحث أو الطبيب، ومن يكونون أقل إدراكا للمخاطر المحتملة التي تطرأ جراء استخدامها.”
استغلال أعمال الدعاية
وتعتبر تلك هي بعض الأسباب التي دفعت مدرسة أكسفورد مارتن بجامعة أكسفورد لأن تدعو إلى وضع قيود تنظيمية لهذه الأجهزة التي أصبحت تعرض للبيع لأغراض تجارية.
وترى ماسيلين، المشرفة على البحث، أنه نظرا لكون هذه الأجهزة تخضع لعمليات تسويق تستهدف مستخدمي الألعاب دون الإشارة إلى أغراضها العلاجية، فلا يوجد ما يستلزم إخضاعها للوائح تنظيمية.
وقالت: “إذا ما بدأنا في الحديث عن استخدام هذا الجهاز لأغراض علاجية، وأنه بإمكانه التخفيف من بعض الأعراض أو المساعدة في شفاء مرض معروف، فإن هذا الجهاز سيندرج بذلك تلقائيا ضمن قائمة الأجهزة الطبية والتشريعات التي تنطبق عليها.”
ولا يسعى فريق البحث إلى وضع قيود للحصول على تلك الأجهزة المحسنة للأداء الإدراكي، بل يرغب من مستخدميها أن يحصلوا على “المعلومات التي يحتاجونها لتقييم المخاطر التي ستواجههم بالمقارنة مع الفوائد التي ستعود عليهم من استخدام هذه الأجهزة.”
وتتمثل مواطن القلق الأخرى من هذه الأجهزة في أن القوانين العلمية التي تستند إليها هذه التكنولوجيا ليست جاهزة بعد لأن تطرح في السوق التجارية، وهو ما أثاره طبيب الأعصاب ستيفين نوفيلا من جامعة ييل بولاية كونيتيكت الأمريكية، إذ يقول إن الشركات تستغل أعمال الدعاية للترويج لمثل هذه الأبحاث دون أن تكون جاهزة علميا لطرحها للعالم، وذلك لأنها قد تبدو “متقدمة وجذابة”.
لذا، فإن نوفيلا يرى أن طرح هذه الأجهزة تسويقيا قد سبق طرحها علميا.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.