التقى المقرران خلال الزيارة بممثلين عن سلطات الأمر الواقع، والمجتمع المدني، والمجموعات النسائية، والزعماء الدينيين، وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وكيانات الأمم المتحدة والسلك الدبلوماسي، من بين مجموعات أخرى.
المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في أفغانستان، ريتشارد بينيت، ورئيسة الفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات، دوروثي إسترادا تانك، شاركا ملاحظاتهما الأولية في بيان صدر اليوم عقب الزيارة، قالا فيه إنه “يتم طمس” الحقوق والحريات الأساسية للنساء والفتيات في أفغانستان.
كما أعربا عن أسفهما العميق للتدهور المستمر في حالة حقوق الإنسان في البلاد، التي ابتليت بعقود من الصراع والانتهاكات التاريخية لحقوق الإنسان تؤثر على جميع أفراد المجتمع، ولا سيما النساء والفتيات والأقليات.
وأضافا في بيانهما: “منذ انهيار الجمهورية، قامت سلطات الأمر الواقع بتفكيك الإطار القانوني والمؤسسي، وحكمت من خلال أكثر أشكال كراهية النساء تطرفا، مما أدى إلى تدمير التقدم النسبي نحو المساواة بين الجنسين الذي تحقق في العقدين الماضيين. تفرض طالبان تفسيرات معينة للدين يبدو أن الغالبية العظمى من الأفغان لا يشاركونها”.
وجها لوجه مع طالبان
أشارت سلطات الأمر الواقع خلال اجتماعاتها مع الخبيرين إلى أن النساء يعملن في قطاع الصحة والتعليم والأعمال، وأنها تحرص على تمكين المرأة من العمل بمعزل عن الرجال وفقاً للشريعة.
وكررت سلطات الأمر الواقع رسالتها بأنها تعمل على إعادة فتح المدارس، دون تقديم جدول زمني واضح، وقالت إنه لا ينبغي للمجتمع الدولي أن يتدخل في شؤون البلاد الداخلية.
تجلي التمييز المنهجي
وشدد الخبيران على أن سلطات الأمر الواقع قد اتخذت العديد من الإجراءات التعسفية التي تنتهك حقوق الفتيات والنساء في التعليم والعمل وحرية التنقل والصحة والاستقلال الذاتي الجسدي واتخاذ القرارات وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والوصول إلى العدالة.
وقد ساهم ذلك في ارتفاع معدلات زواج الأطفال والزواج القسري، فضلاً عن انتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي مع الإفلات من العقاب.
وأضافا أن العديد من النساء شاركن شعورهن بالخوف والقلق الشديد، ووصفن وضعهن بالحياة “رهن الإقامة الجبرية”.
وقالا في بيانهما: “بما أن الفتيات والنساء يمنعن من الذهاب إلى المدرسة بعد الصف السادس، وكذلك التعليم الجامعي، ولا يمكن توفير الرعاية لهن إلا من قبل طبيبات، فقد يتم تمهيد المرحلة لوفيات متعددة يمكن الوقاية منها قد ترقى إلى حد قتل الإناث، ما لم يتم إلغاء القيود بسرعة”.
وشدد الخبيران على أن التمييز المؤسسي القائم على نوع الجنس في أفغانستان لا مثيل له في أي مكان في العالم. وشددا على أن هذه الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان تخفي مظاهر أساسية أخرى للتمييز القائم على النوع الاجتماعي تسبق حكم طالبان، وهي متجذرة بعمق في المجتمع.
“إذا أردنا القضاء على التمييز وكسر حلقات العنف، فإن العدالة بين الجنسين تتطلب فهماً شاملاً لسبب ارتكاب مثل هذه الانتهاكات. لا تحدث هذه الأعمال بمعزل عن غيرها. نوصي بأن يطور المجتمع الدولي المزيد من المعايير والأدوات المعيارية لمعالجة الظاهرة الأوسع للفصل العنصري بين الجنسين كنظام مؤسسي للتمييز والعزل والإذلال والاستبعاد للنساء والفتيات”.
كما عبر الخبيران الأمميان عن قلقهما البالغ إزاء ما يبدو أنه ارتكاب للاضطهاد الجنساني في أفغانستان بناء على الشهادات التي تلقياها، وهو انتهاك منهجي وخطير لحقوق الإنسان وجريمة ضد الإنسانية.
أوجه قصور النظام الدولي
قال الخبيران إن الحظر الأخير الذي يمنع النساء الأفغانيات من العمل لدى الأمم المتحدة في أفغانستان، مما أدى إلى تفاقم آثار مرسوم سابق بشأن منع النساء من العمل في المنظمات غير الحكومية، جعل وضع النظام بأسره لا يطاق.
وأوصيا بأن تتبع الأمم المتحدة نهجاً قائماً على حقوق الإنسان وأن تعيد التأكيد على أن حقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزام المطلق بالمساواة بين الجنسين، تقع في صميم كل ما تفعله المنظمة.
وأضافا: “يجب أن تلتزم الأمم المتحدة بالمعايير المعيارية التي وضعتها الدول الأعضاء على مدى عقود ومن خلال القيادة والعمل المتفاني لآلاف منظمات المجتمع المدني”.
وشدد الخبيران على ضرورة استمرار انخراط المجتمع الدولي بشأن الوضع في أفغانستان واتخاذ خطوات ملموسة لدعم المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وقالا: “لا يمكن للمجتمع الدولي أن يغض الطرف. يجب أن تظل قضية حقوق النساء والفتيات في أفغانستان ومشاركتهن الهادفة في أي مناقشة على رأس أولويات جدول الأعمال الدولي. يجب عدم استخدام النساء والفتيات كأداة لأغراض سياسية ولا ينبغي استخدام حقوقهن كأداة تفاوض”.
كما حثا سلطات الأمر الواقع على الامتثال لالتزاماتها بموجب الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي تعد أفغانستان دولة طرفا فيها، ولا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والوفاء بالتزاماتها تجاه حماية وتعزيز حقوق جميع النساء والفتيات.
*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهي جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.