كشفت أعمال الشغب التي تشهدها منذ أيام مدن فرنسية عدة على خلفية مقتل شاب برصاص الشرطة، عن قصور حسب خبراء، في سياسة تحديث الأحياء الشعبية رغم المنافع التي حققتها السياسات الحكومية المتعاقبة في هذا المجال. وأنفقت فرنسا بين العامين 2004 و2020 مبلغ 12 مليار يورو على برنامج “سياسة المدينة” الهادف إلى تحديث الأحياء الشعبية وتحسين أوضاع سكانها، كما خصصت 12 مليار يورو إضافي لبرنامج ثان ينفذ حتى العام 2030.
نشرت في:
سلطت أعمال الشغب المستمرة في عدد من المدن الفرنسية، على خلفية مقتل الفتى نائل، الضوء على السياسات الحكومية في مجال تحديث الأحياء الشعبية، في ظل حديث خبراء عن أن السياسة المتبعة في هذا المجال غير كافية رغم أنها مفيدة.
ومنذ اعتماد برنامج “سياسة المدينة” سنة 1990 الذي أتى يومها استجابة لأعمال عنف في فو-أن- فلان قرب ليون في وسط البلاد الشرقي، تراهن فرنسا بقوة على تحديث الأحياء الشعبية من أجل احتواء المشاكل والتوترات المحتملة.
لكن السياسات المتبعة في هذا المجال، تفتقر أحيانا إلى الطموح. والمثال على ذلك رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العام 2018 لتقرير يدافع عن سياسة للمناطق الحضرية تتمحور على التربية والعمل ومكافحة التمييز بما يتجاوز تحديث المدن المحض.
ويقول يوان ميو الأستاذ المحاضر في جامعة غوستاف إيفل قرب باريس “ثمة ميل إلى اعتبار أنه لا ينبغي استثمار مزيد من المال بما أن سياسة المدينة تطبق في هذه الأحياء”.
ودافع الوزير الفرنسي لشؤون المدينة أوليفيه كلين مؤكدا أن “سياسة المدينة تؤتي ثمارها ولا يمكن القول إنها غير فعالة”.
وكان كلين رئيسا لبلدية كليشي-سو-بوا قرب باريس حيث أثار مقتل مراهقين اثنين صعقا في محول كهربائي احتميا فيه هربا من مطاردة الشرطة سنة 2005، آخر موجة كبيرة من أعمال العنف في المدن. وترأس قبل دخوله الحكومة، الوكالة الوطنية للتحديث الحضري وهي الهيئة الرئيسية لتطبيق “سياسة المدينة”.
وفي أول برنامج لها بين العامين 2004 و2020 أنفقت الوكالة 12 مليار يورو استخدمت خصوصا في هدم صفوف الأبنية الشاهقة في الأحياء التي تحظى بالأولوية، لتشييد أبنية أصغر فيها.
وخصص 12 مليار يورو إضافي لبرنامج ثان ينفذ حتى العام 2030.
واعتمدت سياسة المدينة العام 1990 مع استحداث وزارة المدينة وهي أتت يومها استجابة لأعمال عنف في فو-أن- فلان قرب ليون في وسط البلاد الشرقي.
تمييز في الضواحي
يقول سامي زيغناني عالم الاجتماع في جامعة رين-1 في غرب فرنسا إن “أعمال الشغب في فرنسا بدأت في الثمانينات وأحدثت إدراكا فضلا عن إدراج بند مشكلة الضواحي”.
وتظهر أعمال الشغب التي أثارها مقتل الفتى نائل البالغ 17 عاما برصاص شرطي، أن هذه المشكلة متواصلة.
ويؤكد الشيوعي جيل لوبروست رئيس جمعية المسؤولين المنتخبين في المدن والضواحي “هذا ليس ناجما عن فشل سياسة المدينة بل هذا فشل للسياسات الحكومية حول مسألة الإسكان وكذلك فشل السياسة الوطنية لمعالجة انعدام المساواة”.
ويرى كثيرون أن ثمة “غضبا اقتصاديا” مرتبطا خصوصا بالتضخم.
ويشدد الشيوعي فيليب ريو رئيس بلدية غرينيي أفقر مدن فرنسا القارية “منذ العام 2005 ارتفع معدل الفقر بشكل كبير في غرينيي الواقعة قرب باريس وسرعت أزمة كوفيد والتضخم انعدام المساواة والظلم”.
ويضيف “سياسة المدينة هي السياسة الشاملة الوحيدة. فهي تشمل التربية والعمل والتدريب والثقافة فضلا عن الرياضة والعدل والصحة. لو لم تكن متوافرة لكان اقتضى استحداثها. إلا أنها فقدت زخمها راهنا. فيمكن إعداد الكثير من وثائق إكسل لكن ذلك لا يشكل سياسة عامة”.
وتقول ستيفاني فيرميرش مديرة الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي “التحديث غيّر وجه عدد لا بأس به من الأحياء لكن على صعيد المدرسة والتمييز والحصول على عمل والعلاقة مع الشرطة فلم يتغير الكثير”.
ويوضح يوان ميو أن “هناك أيضا وطأة التمييز النُظمي الذي يواجهه جزء من سكان الأحياء الشعبية. من تدقيق بحسب السحنة وصعوبة الإجراءات للوصول إلى خدمات قانونية والتمييز في الحصول على مسكن شعبي ما يخلف شعورا بالظلم”.
وتفيد ستيفاني فيرميرش “عمليا يذهب الشخص إلى المدرسة في الحي ومن ثم يدرك من خلال الأمثلة من حوله أن المدرسة لا تفتح الأبواب أمامه بعد ذلك”.
فرانس24/أ ف ب
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.