في نقاش مفتوح لمجلس الأمن الدولي حول القضية الفلسطينية، عقد يوم الخميس، أشار الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خالد خياري إلى استمرار تدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية خلال الشهر الماضي، الذي جرت فيه أيضا العملية الإسرائيلية في جنين والتي وصفت بأنها “الأعنف من نوعها منذ حوالي عشرين عاما”.
وقال إن ذلك أتى بالتزامن مع استمرار الخطوات الأحادية التي تقوض حل الدولتين، وغياب عملية السلام، والتحديات الاقتصادية التي تواجه الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية. ودعا جميع الأطراف إلى اتخاذ خطوات عاجلة “لوقف دوامة الانحدار، والانخراط معا للبحث عن مسار بنّاء إلى الأمام”.
ضحايا العنف
في الفترة ما بين 27 حزيران /يونيو و24 تموز /يوليو، قُتل 21 فلسطينياُ، من بينهم 5 أطفال، في الضفة الغربية المحتلة وأصيب 249 آخرون، على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية خلال المظاهرات والاشتباكات وعمليات البحث والاعتقال والهجمات والهجمات المزعومة ضد الإسرائيليين.
كما أصيب 20 فلسطينيا آخر، من بينهم امرأة وخمسة أطفال، على أيدي مستوطنين إسرائيليين أو مدنيين آخرين.
وبحسب مصادر إسرائيلية، قُتل عنصران من قوات الأمن الإسرائيلية، فيما أصيب 39 إسرائيلياً، من بينهم أربع سيدات وثلاثة أطفال وثمانية عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية، في عمليات إطلاق نار ودهس واشتباكات وإلقاء حجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة وعبوات ناسفة وحوادث أخرى على أيدي فلسطينيين.
وأكد السيد خياري أن أعمال الإرهاب واستهداف المدنيين أمر غير مقبول ويجب إدانته ورفضه من قبل الجميع، داعيا إلى محاسبة جميع مرتكبي أعمال العنف وتقديمهم إلى العدالة على وجه السرعة.
كما ذكّر إسرائيل بالتزاماتها في حماية الفلسطينيين وممتلكاتهم في الأرض المحتلة، وضمان إجراء تحقيقات فورية ومستقلة ومحايدة وشفافة في جميع أعمال العنف.
وقال الأمين العام المساعد إنه شعر بالفزع لاستمرار وقوع الأطفال ضحايا للعنف، وأضاف قائلا: “يجب ألا يكون الأطفال أبداً أهدافا للعنف، أو أن يتم استخدامهم أو إيذائهم”.
استمرار التوسع الاستيطاني
مع تصاعد العنف في الضفة الغربية، استمرت الخطوات الإسرائيلية لتوسيع المستوطنات، بحسب السيد خياري.
فقد هدمت السلطات الإسرائيلية أو استولت أو أجبرت أصحابها على هدم 44 مبنى مملوكا لفلسطينيين في المنطقة (ج) و12 في القدس الشرقية، مما أدى إلى تهجير 70 فلسطينياً، من بينهم 38 طفلاً، بسبب عدم وجود تصاريح بناء إسرائيلية، والتي يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها.
وشدد السيد خياري على أن الأمم المتحدة لا تزال منخرطة في اتصالات مكثفة مع جميع الأطراف، بما في ذلك على المستوى الإقليمي، للمساعدة في خفض التوترات ومنع تجدد اندلاع العنف، وأكد عزم المنظمة الدولية على مساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين لحل النزاع وإنهاء الاحتلال بهدف تحقيق حل الدولتين.
“احتلال استعماري”
مع وجود أكثر من 700 ألف مستوطن إسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، أكد السفير الفلسطيني أن السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال هو معالجة طبيعته “الاستعمارية الاستيطانية”، على حد تعبيره. وشدد على ضرورة ترجمة قرارات الأمم المتحدة إلى “خطة عمل تتضمن إجراءات تتخذها كل دولة محبة للسلام على وجه الأرض لثني إسرائيل عن ترسيخ احتلالها بدلا من إنهائه”.
وقال السيد منصور إن إسرائيل تقيد الفلسطينيين في جيوب منفصلة فيما توسع مستوطناتها لأنها تريد “أكبر قدر من الأراضي الفلسطينية مع الحد الأدنى من الفلسطينيين”، وأضاف: “إذا تمكنت من بناء المستوطنات الإسرائيلية وتدمير منازل الفلسطينيين دون عواقب، فستواصل القيام بذلك”.
كما سلط الضوء على الهجمات التي يقوم بها المستوطنون المسلحون على القرى الفلسطينية، حيث يحرقون المنازل والمحاصيل وينشرون الخراب في الشوارع بلا هوادة “لأنه لا أحد سيحاسبهم ولأنه ما من أحدا يوفر للشعب الفلسطيني الحماية الدولية التي يستحقها”.
إنقاذ الشعب الفلسطيني
ودعا السفير الفلسطيني المجلس إلى “إنقاذ هذا الجيل الفلسطيني من ويلات الحرب” كما ورد في ميثاق الأمم المتحدة.
ونعى الطفل فارس أبو سمرة البالغ من العمر 14 عاماً، الذي أصيب برصاصة في رأسه قبل ساعات على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في قلقيلية، وأكد أن الأطفال الفلسطينيين “يواجهون التهجير القسري والاعتقال التعسفي والحصار والجدران وتدمير المنازل والمدارس والقتل والتشويه” منذ الولادة.
وقال: “إذا كنا مسترشدين بسيادة القانون الدولي وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، فعلينا الالتزام بالعمل، ومحاسبة إسرائيل، والدفع باتجاه تحقيق السلام العادل والدائم. حيثما لا ندافع عن هذه المبادئ، يسود دعاة الحرب. وهم يعدوننا للحرب. يجب على الذين يريدون السلام الوقوف في وجههم. عليهم أن يعملوا الآن بجرأة وحزم”.
انتقاد للأمم المتحدة
بدوره، قال السفير الإسرائيلي جلعاد إردان لأعضاء المجلس إن اليوم هو أتعس يوم في التقويم اليهودي لأنه يصادف تدمير كلا المعبدين في القدس، لكنه أعرب عن امتنانه لأن “السيادة اليهودية عادت مرة أخرى إلى الوطن اليهودي، وقبل كل شيء إلى القدس، عاصمتنا الأبدية”، على حد تعبيره.
وانتقد السيد إردان الأمم المتحدة لعدم إدانتها صراحة ما أسماه “الإرهاب الفلسطيني” والتحريض على العنف، بما في ذلك من قبل السلطة الفلسطينية.
وقال إنه كان هناك أكثر من 4000 هجوم “إرهابي فلسطيني ضد إسرائيليين” منذ بداية هذا العام، مما أسفر عن مقتل 28 مدني، من بينهم أطفال، وإصابة المئات.
“عملية دقيقة”
وقال السفير الإسرائيلي إن جنين ومخيمها أصبحا “مرتعا للنشاط الإرهابي” وتحكمهما حركتا حماس والجهاد الإسلامي على حد تعبيره.
وشدد السيد إردان على أن العملية الإسرائيلية في جنين كانت “عملية دقيقة لمكافحة الإرهاب على مدى يومين” اضطرت بلاده إلى تنفيذها بشكل وقائي لتجنب عملية أوسع في المستقبل.
وقال: “على الرغم من الاستخدام الإرهابي المشين للمدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية وبنية تحتية مدنية حيوية كغطاء، بسبب جهود إسرائيل وحرصها، لم يكن هناك أي ضحايا مدنيين خلال العملية”.
وقال إن إسرائيل ضمنت وجود ممر إنساني ثابت وإمكانية وصول سيارات الإسعاف لرعاة الجرحى طوال العملية “وأي ادعاء بخلاف ذلك هو تلفيق”.
التوترات مع لبنان
وقال السفير الإسرائيلي إن “وكلاء إيران الإرهابيين يزدادون جرأة كل يوم”، وحذر من أن التوترات على الحدود مع لبنان “تصل إلى نقطة اللاعودة”.
وأضاف: “عندما ينفجر الوضع، وهو ما سيحصل للأسف إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية، ستكون العواقب وخيمة على المنطقة”.
قال السيد إردان إن حزب الله اتخذ عدة خطوات تحريضية ستكون “الشرارة التي تشعل المنطقة بأسرها”.
ودعا المجتمع الدولي إلى الوقوف إلى جانب بلاده أو “على الأقل الامتناع عن إدانة إسرائيل زورا” وهي تدافع عن نفسها، على حد تعبيره.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.