السلطات الصينية تواصل عمليات إغاثة المتضررين جراء أمطار لم تشهد لها بكين مثيلا منذ نحو قرن ونصف

السلطات الصينية تواصل عمليات إغاثة المتضررين جراء أمطار لم تشهد لها بكين مثيلا منذ نحو قرن ونصف



تواصل السلطات الصينية الأربعاء عمليات إنقاذ وإغاثة المتضررين جراء الأمطار الغزيرة التي شهدتها العاصمة بكين ومقاطعة خوباي المجاورة، وأسفرت عن مقتل نحو 22 شخصا حتى الآن. وفيما أغرقت الفيضانات طرقا وقطعت خطوط اتصالات، تواجه مناطق أخرى في البلاد العاصفة دوكسوري التي كانت إعصارا قبل أن تتراجع قوتها. ويعتبر بعض العلماء أن الظروف المناخية القصوى التي شهدتها الصين والحرارة القياسية التي سجلتها هذا الصيف تعود إلى التغيير المناخي.

بعد أمطار هطلت على مختلف أنحاء العاصمة بكين في الأيام الماضية، تكثف السلطات في الصين جهودها من أجل البحث عن مفقودين وإغاثة المتضررين جراء تساقطات كانت الأكثر غزارة التي تشهدها البلاد منذ بدء تدوين مؤشرات الطقس قبل 140 عاما، وأدت إلى مقتل 22 شخصا على الأقل غالبيتهم في العاصمة.

ولم تسلم الصين مما اختبرته دول عدة حول العالم في الأسابيع الماضية، بخصوص الظواهر المناخية الحادة التي يعزوها علماء إلى تبعات التغير المناخي.

وقالت هيئة الأرصاد الجوية في بكين الأربعاء إن العاصمة الصينية شهدت “أشد تساقط للأمطار منذ 140 عاما” حين بدأت سلطات المدينة تدوين السجلات.

وأفادت أن “الكمية القصوى من المتساقطات المسجلة خلال هذه العاصفة، والتي بلغت 774,8 ملم، سجلت في خزان وانغجيايوان في تشانغبينغ”.

وأوضحت أن الكمية القياسية السابقة كانت 609 ملم وتعود إلى العام 1891.

وأفادت محطة “سي سي تي في” الرسمية الثلاثاء أن الأمطار تسببت بوفاة 11 شخصا وفقدان أكثر من عشرة في بكين.

وتراجعت غزارة الأمطار الأربعاء في بكين، وانتقل التركيز إلى محافظة خوباي المجاورة لها.

وتظهر لقطات من الجو في مدينة جاوجو في خوباي، شوارع تجارية وقد استحالت أنهرا من المياه الموحلة، وأراضي زراعية على مساحات تقدر بالكثير من الكيلومترات المربعة، وقد غمرتها المياه.

وقال ليو العامل في مصنع بجاوجو، إن المياه بدأت تتسلل إلى المدينة الصناعية اعتبارا من بعد ظهر الإثنين. وأوضح “حاولنا في البدء وقفها، لكن الأمر أضحى مستحيلا”.

وأضاف “لم نتمكن من إخراج أي من معدات المصنع أو مواده. بقينا محتجزين في داخله حتى منتصف اليوم (الأربعاء) حين تم انقاذنا”.

وشاهد مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية عمال إغاثة يحملون معهم على متن قوارب، كميات من الخبز ومياه الشرب والنودلز سريعة التحضير لإيصالها إلى سكان لم يتمكنوا من الخروج من مناطق غمرتها المياه أو فضلوا البقاء في أماكنهم رغم ذلك.

رفع مستوى الإنذار الأحمر

وفي مقاطعة فانغشان بالعاصمة، والواقعة عند الحدود بين المحافظتين، غمرت المياه متنزها بالكامل، وأطنانا من النفايات المتكدسة أسفل جسر بعدما جرفتها المياه من أماكن أخرى.

وقال لي “لم أر أمرا مماثلا خلال أكثر من 40 عاما”.

وقال ضابط في الشرطة إن المقاطعة كانت “خطرة للغاية” الثلاثاء.

ورأى الصحافيون كذلك عربة عسكرية مجنزرة في طريق العودة من المناطق الأكثر تضررا في المقاطعة. وعلى الجهة المقابلة، أمكنت رؤية سيارة إسعاف وأخرى للشرطة، إضافة الى قارب إنقاذ، في طريقها إلى مقاطعة جاوجو.

وأظهرت لقطات بثتها القنوات التلفزيونية الحكومية عناصر إنقاذ يستخدمون قوارب مطاطية في شوارع غمرتها المياه بينما كان عدد من السكان يتشبثون بسقالات من الحديد في انتظار الحصول على مساعدة.

وتضرب العاصفة دوكسوري التي كانت إعصارا قبل أن تتراجع قوتها، الصين من الجنوب الشرقي وصولا إلى الشمال منذ الجمعة عندما بلغت اليابسة في إقليم فوجيان الشرقي بعد مرورها في الفيليبين المجاورة.

وبدأت الأمطار الغزيرة تهطل على العاصمة ومحيطها اعتبارا من السبت.

وناهزت كمية المتساقطات خلال 40 ساعة فقط معدلها لكامل تموز/يوليو.

وحذر الإعلام الرسمي الأسبوع الماضي من أن ما يصل إلى 130 مليون شخص سيتأثرون بالأمطار في شمال الصين.

وأشار إلى أن الكثير من مناطق بكين ومحيطها غمرتها المياه، وتم إجلاء 974400 شخص من العاصمة ومحافظة خوباي، يضاف إليهم 42211 شخصا تم إجلاؤهم في شانشي الواقعة إلى الغرب.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية “شينخوا” أن السلطات رفعت مستوى الإنذار الأحمر من الفيضانات في بكين “بعدما تراجع جريان المياه في الأنهر الرئيسية الى ما دون مستوى الخطر”.

التركيز على عمليات الإغاثة

وفي ظل تراجع غزارة الأمطار، انتقل التركيز إلى عمليات الإغاثة. وأكدت “شينخوا” أن المئات من أفراد جمعية الصليب الأحمر توجهوا إلى المناطق الأكثر تضررا للقيام بعمليات رفع الأنقاض والتنظيف وإجلاء المصابين.

وأشارت “سي سي تي في” إلى أن اثنين من القتلى قضوا “أثناء تأدية الواجب في الإنقاذ والإغاثة”.

ولا يزال 13 شخصا في عداد المفقودين، بينما تم إنقاذ 14 آخرين.

إلى ذلك، وصل عدد القتلى في خوباي إلى تسعة، بينما لا يزال ستة أشخاص في عداد المفقودين. وفي محافظة لياونينغ الواقعة إلى الشمال الشرقي، قضى شخصان خلال عطلة نهاية الأسبوع.

ودعا الرئيس الصيني شي جينبينغ الثلاثاء إلى بذل “قصارى الجهود” لإنقاذ “المفقودين أو المحاصرين”.

وحض نائب رئيس الوزراء جانغ غوه كينغ على بذل كل الجهود للعثور على المفقودين، وذلك خلال تفقده موقعا لتنسيق عمليات الإغاثة في منطقة مينتوغو ببكين، وفق الإعلام الرسمي.

وقال جانغ إن “الأولوية القصوى للعمل الراهن هي إنقاذ حياة الناس، السباق مع الوقت للبحث عن المفقودين أو المحتجزين وخفض عدد الضحايا الى الحد الأدنى”.

وتستعد الصين لإعصار جديد هو “خانون” الذي يقترب من سواحل البلاد الشرقية.

ويعتبر بعض العلماء أن الظروف المناخية القصوى التي شهدتها الصين والحرارة القياسية التي سجلتها هذا الصيف تعود إلى التغيير المناخي.

وعانت الصين خلال الأشهر الماضية من ظواهر مناخية حادة راوحت بين موجات الحر القياسية والأمطار الغزيرة.

وقال ما جون، مدير معهد الشؤون العامة والبيئية غير الحكومي في بكين، إنه في حين تسببت العاصفة بالأمطار، أدى ارتفاع حرارة المحيطات الناتج عن التغيير المناخي، إلى المناخ الحاد كذلك.

وأوضح “عانت الصين من موجات حر غير مسبوقة منذ العام الماضي… هذه السنة، درجات الحرارة مرتفعة بشكل قياسي في شمال الصين”، مشيرا الى أن “موجات الحر هذه مرتبطة بالاحترار المناخي، وهذا ما تميل غالبية علماء المناخ للاتفاق حوله”.

فرانس24/ أ ف ب

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *