منذ منتصف آب/أغسطس، خرجت عشرات المظاهرات في عدة مدن جنوبي سوريا، في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري. واندلعت هذه الاحتجاجات عقب إعلان الحكومة زيادة أسعار المحروقات بنسبة 200%. لكن المطالب ليست اقتصادية فحسب، إذ يطالب المتظاهرون أيضاً بإسقاط النظام ورحيل الرئيس بشار الأسد. تحدث فريق تحرير مراقبون مع أحد سكان السويداء ذات الأغلبية الدرزية، حيث بلغت الاحتجاجات ذروتها.
نشرت في:
5 دقائق
“الشعب يريد إسقاط النظام”، “سوريا لنا وليست لآل الأسد!”، “ارحل بشار”… تصدح شوارع مدن سورية عدة خاضعة لسيطرة النظام بهتافات مناهضة للرئيس بشار الأسد منذ 15 آب/ أغسطس. في مدينة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، رفع المحتجون الشعارات ذاتها التي رُفعت خلال الثورة السورية منذ 2011.
وتأتي هذه الموجة من الاحتجاجات في أعقاب قرار الحكومة في 15 آب/أغسطس زيادة أسعار المحروقات بنسبة 200%. في حين يتحمل السكان العبء الأكبر من العواقب المدمرة لاثني عشر عاما من الحرب، لا سيما على الصعيد الاقتصادي: أكثر من 90% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، ويبلغ الراتب الشهري لموظفي الخدمة المدينة الرسمية 12 يورو.
وفي اليوم التالي لإعلان الحكومة، دعا سائقو الشاحنات في مدينة السويداء إلى التظاهر والإضراب العام.
“يطالب المحتجون بإسقاط النظام، والإفراج عن المعتقلين وتطبيق القرار 2254”
مراقبنا شادي الدبيسي مواطن صحافي مقيم في السويداء ويشارك في الاحتجاجات.
سُجلت عشرات نقاط الاحتجاج بالمحافظة. تم قطع الطرقات وإغلاق مباني الفرق الحزبية ومقر حزب البعث بالمدينة. كما تم بخ بعض الجدران وتوزيع المناشير.
بالنسبة للهتافات المرفوعة من قبل المحتجين، يبدو وكأنه هناك إجماع من قبل المحتجين بالسويداء على إسقاط هذا النظام والإفراج عن المعتقلين وتطبيق القرار 2254 [فريق التحرير: قرار أممي يقضي بالوقف الفوري لإطلاق النار وإيجاد حلٍ سياسي للصراع].
هناك تأييد شعبي كبير للاحتجاجات. كما أيد شيخ عقل طائفة الدروز، الشيخ حكمت الهجري، مطالب المحتجين وحذر من المساس بهم.
حتى الآن لم يقم النظام السوري بقمع الاحتجاجات في السويداء ويبدو أن قوى الأمن غير قادرة على قمع هذه الاحتجاجات في ظل التأييد الشعبي الكبير لها والمشاركة الواسعة من جميع فئات المجتمع، من رجال الدين، والشباب، كما أن هنالك مشاركة نسائية واسعة.
وحظي الإضراب بتفاعل واسع في السويداء حيثُ تظهر الصور التي نشرها حساب السويداء 24، إحدى أبرز وسائل الإعلام المحلية، في 20 آب/أغسطس، عشرات المحلات التجارية المغلقة في وسط المدينة.
مدينة السويداء: أُغلِقت معظم الدوائر الحكومية، وأقفل التجار محلاتهم التجارية معلنين مشاركتهم في الإضراب العام اليوم الأحد
ورصدت السويداء 24، أسواق السويداء الخالية تقريبا من المارة والمحال التجارية وقد أقفلت أبوابها احتجاجاً على اقرارات السلطة الجائرة وتدهور الأوضاع المعيشية. pic.twitter.com/aXr1wjh6aq— السويداء 24 (@suwayda24) August 20, 2023
في 23 أغسطس/آب، أضرم المتظاهرون النار أيضا في لافتة طرقية كبيرة تحمل صورة الرئيس بشار الأسد.
وإلى جانب السويداء، خرجت احتجاجات في مدن أخرى. وفي جبلة، بالقرب من مدينة اللاذقية الساحلية، استجاب السكان أيضاً لدعوة الإضراب.
يُظهر مقطع فيديو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في 20 آب/ أغسطس انتشار العديد من عناصر الجيش والأمن السوريين في المدينة، وذلك بهدف إجبار الناس على إعادة فتح متاجرهم.
كما خرجت مظاهرات في درعا وحلب وضواحي دمشق. وفي نوى، في ريف محافظة درعا، قمعت القوات السورية بعنف مظاهرة ليلية سلمية في 20 آب/ أغسطس.
“لن تنتهي هذه الاحتجاجات طالما بقي الأسد في السلطة”
فراس قنطار فرنسي سوري ومؤلف كتاب “سوريا، الثورة المستحيلة”.
تعد هذه المناطق الأكثر إفلاتاً من القبضة الأمنية للنظام. وفي درعا، لا يزال رجال مسلحون من المعارضة المسلحة حاضرين بقوة. ولذلك لم يتمكن النظام من استعادة سيطرته على أراضي المدينة بالكامل. وفي السويداء، لم يشارك الأهالي في الحرب التي خاضها الجيش السوري والميليشيات الموالية للنظام. مدينة السويداء شاركت في الثورة منذ البداية، وهو أمر محرج للنظام لأنه ادعى دائمًا أن الأقليات تقف إلى جانبه. إنها صفعة على وجه النظام، وهو أمر مهم للغاية.
إننا نشهد تفكك مجتمع ودولة، مما يترك فراغًا رهيبًا، وعدم استقرار إقليمي مستمر منذ اثني عشر عامًا. ولن تكون هناك نهاية لهذا النزاع طالما بقي الأسد في السلطة. كما لا يمكن إيجاد حلولٍ بحضوره. إنه العقدة التي تحول دون نجاح أي محاولة للتقدم بعملية إحقاق السلام في البلاد. وعليه فإن هذه الاحتجاجات سوف تستمر.
ولقي نحو 306 آلاف شخص حتفهم في سوريا منذ بداية الحرب عام 2011، بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. وتعرض ما لا يقل عن 15281 شخصًا للتعذيب حتى الموت في السجون الحكومية، وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان غير الحكومية “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
وفي خضم الربيع العربي، ثار السوريون ضد نظام الحكم القائم في البلاد منذ أكثر من 50 عاما. وهو الآن متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بسبب القمع الدموي لحركة الاحتجاج واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
اقرأ أيضابدعوة من دمشق وبتوجيه من مواليها: المؤثرون الغربيون بسوريا في خدمة الدعاية الرسمية
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.