حصار أذربيجاني على إقليم ناغورني قره باغ… “في غضون أسابيع، سنعاني من مجاعة شاملة”

حصار أذربيجاني على إقليم ناغورني قره باغ… “في غضون أسابيع، سنعاني من مجاعة شاملة”


لا يزال الطريق الوحيد الذي يربط جيب ناغورني قره باغ بأرمينيا -وهو الإقليم المتنازع عليه منذ عقود بين أرمينيا وأذربيجان- مغلقا منذ شهر تموز/ يوليو بعد أشهر من الحصار. وتتحدث إحدى المقيمات في المنطقة عن صعوبات يواجهها سكان الجيب للحصول على الماء والغذاء فيما تم إحصاء وفيات بسبب هذا الإغلاق.

نشرت في:

7 دقائق

منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر 2022، أغلقت سلطات أذربيجان تدريجيا معبر لاتشين الذي يعد المنفذ البري لإقليم ناغورني قره باغ في أرمينيا.

ولا تزال منطقة ناغروني قره باغ التي تسكنها غالبية من الأرمن محل نزاع بين باكو ويريفان منذ سقوط الاتحاد السوفياتي وتسبب هذا الصراع في حربين: الأولى بين سنتي 1991 و1994 والثانية خلال سنة 2020. وخلال الحرب الأخيرة، تمكنت أذربيجان من السيطرة على الجزء الأكبر من المنطقة. ولكن تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار بوساطة روسية مع السماح بالتنقل الحر على مستوى معبر لاتشين.

وبعد أشهر من القيود في هذا المعبر، أعلنت أذربيجان في 11 تموز/ يوليو الماضي تعليق الحركة في المعبر. وهو ما أدى إلى تعطل كامل لقوافل المساعدات الإنسانية القادمة من أرمينيا في 26 تموز/ يوليو الماضي. ومنذ ذلك الحين، تنتظر شاحنات تنقل نحو 400 طن من الغذاء والمواد الأساسية أمام نقطة المراقبة التي أقامتها أذربيجان.


19 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية ما تزال عالقة في مدخل منفذ لاتشين البري، مقطع فيديو نشر في 13 آب/ أغسطس الجاري.

وأدى هذا الإغلاق إلى وضع إنساني حرج داخل إقليم ناغورني قره باغ. حيث باتت المحلات التجارية فارغة وأجبر الناس على الانتظار تحت درجة حرارة تصل إلى 35 درجة مئوية للحصول على الخبر والتزود بالماء الذي ينفد. كما أن الحصول على الكهرباء والغاز أصبح محدودا بما أنه من المفترض أنه يأتي من أذربيجان.

“المحلات التجارية أصبح خاوية تماما”

ماري أساتريان تعمل مساعدة في منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان (أومبودسمان Ombudsman ) في عاصمة إقليم ناغورني قره باغ شتيبانكرت. ومنذ عدة أشهر، توثق أساترتيان على حسابها في تطبيق إنستاغرام حيث تقوم بنشر صور ومقاطع فيديو تظهر صفوف انتظار أمام المخابز وحيث تجبر على السفر لمسافة تصل إلى 20 كيلو مترا للحصول على قوارير المياه فيما يتعاون السكان المحليون فيما بينهم.

طيلة اليوم، نكافح من أجل مجابهة الحرمان وتداعيات الحصار. كل يوم، يتوجب علينا الاطلاع على برنامج قطع إمدادات الكهرباء التي يتم نشرها صباح اليوم المعني بما أن قطع الكهرباء لا يحدث في نفس الوقت في منطقة بيتي أو في مقر عملي أو في المحلات… يجب إذا البحث حيث ستكون الكهرباء متوفرة وبالتالي نقوم بضبط جدول تحركنا حسب هذه المعطيات.


في هذا المقطع المصور الذي نشره مدافعون عن حقوق الإنسان في إقليم ناغورني قره باغ في 11 آب/ أغسطس الجاري. دخل رجل بيته حيث لم يكن هناك كهرباء أو غاز لإيقاد فرنه.

زد على ذلك أنه وإلى حد اللحظة، لا يمكن لنا عمليا شراء أي شيء من المحلات التجارية لأنها أصبحت خاوية تماما. تبقت لنا كمية قليلة من الخبز والتي تطبخ وتباع في المخابز. لماذا؟ لأنه لم يتبق لنا محروقات في البلاد لنقل الخبز إلى المحلات التجارية. ويجب على الناس السير على الأقدام إلى المخابز والوقوف في صفوف انتظار للحصول على الغذاء

يمكن أن تصل مدة الانتظار في الصفوف إلى خمس أو ست ساعات في معظم الحالات. الناس يفقون في صفوف انتظار منذ الليل وذلك لأنه أثناء النهار، يكون الطقس حارا جدا ولن يكون بإمكانهم الوقوف طويلا. بالتأكيد يوجد من يقف في الصفوف أثناء النهار، ولكن أنا وبما أنني أشتغل في المكتب، لا أتمكن من ذلك. في بعض الأحيان، يكون الأمر مجهدا بالنسبة لي للوقوف في صفوف انتظار. وفي بعض الأحيان، أتخلى عن فكرة شراء الخبز. في آخر مرة وقفت فيها بصف الانتظار. كان هناك 500 شخص مسجل لشراء الخبز. وبالتالي فإن الأمر كان انتظارا بلا نهاية.

أناس يقفون في صف انتظار لشراء الخبز خلال الليل طيلة عدة ساعات لتفادي ذروة الحرارة أثناء النهار في شتيبانكرت بإقليم ناغورني قره باغ. على الصورة في اليمن، تشير ماري أسارتيان إلى مكانها على يدها. صورة ماري أساتريان. © Mary Asatryan

يمكن لنا أيضا أن نجد بعد المزارعين النادرين الذين يأتون من القرى المجاورة لبيع غلالهم وخضرهم والتي قاموا بجمعها من حدائقهم. يتوجب على بعض الأشخاص السير لعشرات الكيلومترات لبيع بضاعة ما. وبالتالي، إذا ما حالفك الحظ واعترض سبيلك شخص يبيع غلالا فإنك ستحصل على وجبة لذلك اليوم. ولكن في معظم الأحيان، يكتفي الناس بالخبز كغذاء لهم.

وبالتالي، نعتقد أنه في غضون بضعة أسابيع، سنعاني من مجاعة شاملة هنا.

illustration%202 حصار أذربيجاني على إقليم ناغورني قره باغ... "في غضون أسابيع، سنعاني من مجاعة شاملة"
يتوجب على الناس السير لعدة كيلو مترات للحصول على قوارير مياه في إقليم ناغورني قره باغ. صورة ماري أساتريان. © Mary Asatryan

“على المدى الطويل، سيموت عدد أكبر من الناس”

في 15 آب/ أغسطس الجاري، أعلن مكتب الدفاع عن حقوق الإنسان في إقليم ناغورني قره باغ أن رجل يبلغ من العمر 40 عاما توفي بسبب الجوع. ولكن ماري أساتريان تقول إن الأمر لا يتعلق بحالة وفاة واحدة، مؤكدة أن في حال عدم رفع الحصار، سيتسبب الجوع ونقص الأدوية في موت أشخاص آخرين.

حدثت قصة مأساوية أخرى تتعلق بطفلين توفيا قبل نحو شهر. غادرت أمهما البيت الواقع في قريتهم (أغابيكلانح) للتنقل إلى مدينة مارتاكرت، وذلك بغية الحصول على بعض الغذاء. نام الطفلان في الأثناء. ومن ثم استيقظا ولم يجدا والدتهما وقررا السير للبحث عنا. وفي لحظة ما، شعرا بالتعب الشديد لأنهما كانا بالتأكيد جائعين. وعثرا على سيارة وركباها وناما فيها. ولكن الطقس كان حارا جدا ما تسبب في وفاتهما بسبب الحر والتعب. لقدا ماتا بسبب هذا الوضع. كانت هذه إحدى القصص الحزينة منذ بدء الحصار.


صورة للطفلين الذين توفيا بسبب الجوع والحر في إقليم ناغروني قره باغ خلال شهر تموز/ يوليو 2023.

كما أن عدد حالات الإجهاض القسري زادت بشكل كبير في الإقليم لدى النساء الحوامل. حيث يشعرن بضغط نفسي شديد. ودائما ما يتوجب عليهن السير على الأقدام. كما أن الطقس حار جدا. ولا يحصلن على غذاء جيد وغني بالفيتامينات. وهو ما يجعلن يخسرن أجنتهن.

إليكم قصة على سبيل المثال لامرأة في قرية هاتيرك بدأت بالنزف. لم تكن هنا سيارة لنقلها إلى المستشفى. وهو ما أدى إلى وصولها في وقت متأخر إلى هنا بعد أن فقدت الطفل الذي بطنها. أعتقد أن أسوأ تداعيات الحصار كانت على النظام الصحي وذلك لأنه لدينا الكثير من المرضى الذين لم يعد يتلقون ما يكفي من الأدوية ولم يتمكنوا من إجراء العمليات الجراحية المبرمجة. على المدى الطويل، سيكون هناك عدد أكبر من الوفيات.

في 16 آب/ أغسطس الجاري، اجتمع مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بشكل طارئ بدعوة من أرمينيا، وذلك لمناقشة الوضع في إقليم ناغروني قره باغ. فيما دعت عدة دول أذربيجان إلى إعادة فتح منفذ لاتشين البري.



Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *