بعد مرور نحو أسبوعين على الانقلاب العسكري في النيجر، كثفت الدول الغربية من ضغوطاتها على المجلس العسكري الذي يبسط سيطرته على السلطة في البلاد لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه. ويأتي هذا في وقت تزداد فيه المخاوف بشأن الوضع الاقتصادي للبلاد التي تعتبر من بين الدول الأقل نموا في العالم وفق البنك الدولي. ما هي الإجراءات التي اتخذتها “إيكواس” عقب الانقلاب بالنيجر؟ وهل لديها خطة للتدخل العسكري في البلاد، وما موقف دول الجوار وفرنسا من ذلك؟
انتهت مساء الأحد المهلة التي أعطتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) للانقلابيين العسكريين في النيجر من أجل إعادة محمد بازوم المنتخب إلى منصبه كرئيس للبلاد. فيما حذرت فرنسا على لسان وزيرة خارجيتها كاترين كولونا أنه يتوجب على الانقلابيين “الأخذ على محمل الجد” الخيار العسكري لمجموعة “إيكواس”.
وقالت كولونا السبت 5 آب/أغسطس في تصريح لإذاعة “فرانس أنفو”: تهديد دول مجموعة “إيكواس” باللجوء إلى التدخل العسكري في النيجر يجب أن يؤخذ على محمل الجد.
وسبق وأن أكدت هذه المجموعة التي تضم 15 دولة استعدادها للتدخل العسكري ضد الانقلابيين الذين يستولون على السلطة في النيجر منذ 26 يوليو/تموز الماضي.
وتلخص فرانس24 عبر بعض الأسئلة الخطوات التي يمكن أن تقوم بها مجموعة “إيكواس” بهدف فرض الشرعية الدستورية من جديد في هذا البلد الغني بمادة اليورانيوم ومواقف كل من فرنسا ونيجيريا البلد الذي يتمتع بأكبر كثافة سكانية في منطمة “إيكواس” والأكثر تطورا اقتصاديا.
-
ما هي الإجراءات التي اتخذتها “إيكواس” عقب الانقلاب بالنيجر؟
جاء رد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) سريعا على خبر إعلان الانقلاب على رئيس النيجر محمد بازوم وأعلنت كخطوة أولى فرض عقوبات اقتصادية ومالية على النيجر.
كما أمهلت الانقلابيين سبعة أيام (المهلة انتهت ليل الأحد الإثنين) قبل استخدام القوة من أجل إعادة الرئيس المنتخب بازوم إلى منصبه.
اقرأ أيضاباريس: السلطات الشرعية في النيجر وحدها مخولة بإلغاء الاتفاقيات الموقعة مع فرنسا
هذا، وصرح عبد الفتاح موسى، مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن بمجموعة “إيكواس” خلال اللقاء الذي نظم في أبوجا بنيجيريا الجمعة الماضي أنه “تم التطرق إلى جميع العناصر الممهدة لتدخل عسكري محتمل”.
وأصاف إن “مجموعة إيكواس لن تكشف للانقلابيين عن موعد التدخل وأين سيكون. هذه قرارات سوف تتخذ من قبل رؤساء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا”.
وتجدر الإشارة إلى أن الحل العسكري يعد الخيار الأخير لمجوعة “إيكواس” التي تفضل الحل الدبلوماسي.
تدخل عسكري محتمل في النيجر؟
لكن يبدو أن المحادثات وصلت إلى طريق شبه مسدود بعدما عادت البعثة التي أرسلتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إلى النيجر ليل الخميس الجمعة الماضي بدون أن تتمكن من لقاء قائد الانقلابيين الجنرال عبد الرحمن تشياني ولا بالرئيس المخلوع محمد بازوم.
-
من هم أعضاء “إيكواس” الذين سيشاركون بالعملية العسكرية المحتملة؟
وفق التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا هناك “العديد من الدول القوية التي أعلنت بأنها مستعدة للتدخل عسكريا إذا اقتضت الحاجة”.
من جهته، صرح مراسل فرانس24 في نيجيريا غوميس معيز، أن رئيس نيجيريا أجرى مكالمات هاتفية مع بعض رؤساءالمناطق التي لها حدود مع النيجر لكي يطمئنهم، خاصة وأن هناك علاقات وطيدة بين عائلات نيجيرية مع أخرى في النيجر وحركة اقتصادية كثيفة بين الجانبين.
اقرأ أيضا“العلاقة مع فرنسا” محل تساؤل على خلفية التوترات الإقليمية بدول غرب أفريقيا
وفي سؤال كيف ترى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تطور الأحداث، أجاب مراسل فرانس24 في نيجيريا قائلا: حتى الآن هناك اجتماعات على مستوى “إيكواس”.
وهناك توقعات بتنظيم قمة طارئة يشارك فيها رؤساء دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. لأن التدخل عسكريا في بلد عضو غير وارد في النظام الأساسي للمجموعة.
وأضاف أن القادة العسكريين نظموا عدة لقاءات من أجل “وضع خطط للتدخل العسكري الذي قد يحدث في الساعات أو الأيام القليلة المقبلة”، مشيرا أن الرئيس النيجيري يحتاج إلى “ضوء أخضر” من قبل مجلس شيوخ بلاده لإرسال قوات عسكرية إلى النيجر. فيما بدأت بعض الأصوات ترتفع في نيجيريا ضد التدخل العسكري ضد البلد الجار.
هذا، وكشفت جريدة “لوموند” الفرنسية أن بإمكان أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تجنيد ما يقارب 50 ألف عسكري من أجل التدخل في النيجر، من بينهم عسكريون من نيجيريا وساحل العاج والسنغال وبنين.
وبعض الدول من مجموعة “إيكواس” قد تربط ربما مشاركتها بصدور قرار أممي يسمح بالتدخل عسكريا في النيجر.
أما، مالي البلد الذي لديه حدود برية مع النيجر، فأعلنت بأنها لن تشارك في أية عملية عسكرية. نفس الشيء أيضا بالنسبة لبوركينا فاسو وغينيا. هذه الدول الثلاث عرفت كلها انقلابات عسكرية ما بين 2020 و2022.
هذا، وأعلن العسكريون الذين استولوا على الحكم في هذه الدول (مالي، بوركينا فاسو وغينيا) بأنهم سيردون بشكل “فوري” أي عدوان يستهدفهم أو يستهدف إحدى البلدان الثلاثة”.
قال مراسل فرانس24 في نيجيريا غوميس معيز: “لا نعرف متى سيتم التدخل. العسكريون أكدوا لنا أن نهاية المهلة الزمنية لا يعني بالضرورة بداية التدخل العسكري”.
من جهته، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مجددا السبت الماضي خلال حوار مع صحافيين جزائريين بثته القناة الرسمية الجزائرية “لقد حدث انقلابا عسكريا في النيجر ونحن مع الشرعية الدستورية ويجب العودة إلى هذه الشرعية”.
وأضاف أن بلاده “مستعدة لتقديم الدعم للنيجر لكي تعود إلى الشرعية الدستورية”، بدون أن يحدد أي موعد زمني لذلك. واكتفى فقط بالقول: “يجب العودة إلى الشرعية. وإذا احتاجوا إلى المساعدة، فنحن مستعدون”.
-
ما موقف فرنسا مما يجري في النيجر؟
في بيان نشرته الخارجية الفرنسية السبت الماضي، أكدت أن فرنسا “تدعم بقوة التزام وعزم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لإفشال محاولة الانقلاب”.
وجاء هذا التصريح عقب المكالمة الهاتفية التي أجرتها كاترين كولونا مع رئيس وزراء النيجر أحمودو محمدو.
وأضافت كولونا “فرنسا وشركاؤها يدعمون الجهود التي تبذلها دول المنطقة من أجل استعادة الديمقراطية في النيجر”.
وفي سؤال عن المساعدات المحتملة التي يمكن أن تقدمها فرنسا لهذه الدول، أجابت “نحن لم نصل بعد إلى هذه المرحلة”، مضيفة أن “رؤساء دول المنطقة هم الذين سيتخذون قرار أي تدخل محتمل وهم الذين سيحددون أيضا الإطار الذي ستتم فيه هذه العملية المحتملة”.
وفيما يتعلق بتواجد حوالي 15 ألف عسكري فرنسي في النيجر، أنهت كولونا قائلة “لغاية الآن إجلاء هؤلاء العسكريين ليس ضمن جدول الأعمال”.
من جهة أخرى، دعت مجموعة من الباحثين المتخصصين في شؤون منطقة الساحل في مقال نشرته يومية “ليبراسيون” الفرنسية إلى “تفادي حدوث سيناريو الحرب الذي قد يكون كارثيا”.
وكتبت: “حرب أخرى في منطقة الساحل لن تنتصر فيها سوى الجماعات الجهادية التي استغلت تراجع أداء دول المنطقة لتوسيع رقعة تواجدها في هذه المناطق”.
أما وزير الخارجية الإيطالي، فلقد صرح لجريدة “لاستامبا” أنه يجب “الابتعاد بأكبر قدر ممكن عن سيناريو الحرب. الحل الوحيد هو الدبلوماسية”.
وتجدر الإشارة إلى أن باريس علقت مساعداتها المالية للنيجر كرد أولي على الانقلاب. وبلغت قيمة هذه المساعدات في 2022 نحو 119.2 مليون يورو وفق الوكالة الفرنسية للتنمية.
طاهر هاني
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.