كان خالد منصور متحدثا باسم برنامج الأغذية العالمي آنذاك عندما دمر التفجير الانتحاري باستخدام سيارة مفخخة مقر الأمم المتحدة في فندق القناة في العاصمة العراقية.
عشر دقائق هي التي فصلت منصور عن مقر الأمم المتحدة في بغداد حيث كان في طريق عودته إلى هناك عندما سمع صوت الانفجار المدوي ليدرك بعدها هول الصدمة حيث أزهق الهجوم الإرهابي أرواح 22 من موظفي الأمم المتحدة من بينهم سيرجيو فييرا دي ميلو، الممثل الخاص للأمين العام في العراق آنذاك. كما أصاب أكثر من 150 آخرين معظمهم من عمال الإغاثة الذين جاءوا إلى العراق للمساعدة في إعادة إعمار البلاد.
قال منصور لأخبار الأمم المتحدة إن أول ما فعله وزملاؤه الناجون في ذلك اليوم، 19 آب/أغسطس 2003، هو البحث عن زملائهم المصابين والضحايا في كل مكان والتواصل مع عائلاتهم ومواساتهم، مضيفا أنهم عادوا في الأيام التالية “للعمل بشكل محموم. ولم ندرك هول ما جرى إلا بعدها بثلاثة أو أربعة أسابيع”.
لحظة الإدراك
وقال منصور – الذي يعمل الآن كاتبا وصحفيا – إنه أدرك بعد مضي الأسابيع الأولى من وقوع الهجوم، أن التعامل مع الصدمة ليس بالتجاهل أو النسيان أو القفز نحو مهمة أخرى، وشعر بمدى “هشاشة الحياة”.
وأوضح أن هجوم بغداد جعل من يعمل في المهام الإنسانية للأمم المتحدة يدرك أن الصراع وصل إلى بابه بل ودمره، وأن “العاملين في الأمم المتحدة صاروا طرفا في الصراع، رغم أننا لم نكن أبدا طرفا في أي صراع”.
وتحدث منصور عن إدراك الادعاءات بشأن “تسييس العمل الإنساني”، والتحدي الذي يواجه العاملين في الأمم المتحدة بسبب مواقف البعض المبنية على أسس غير حقيقية ووضع كل وكالاتها ومنظماتها في سلة واحدة بغض النظر عن دور كل منها.
وقال إنه إلى جانب كل هذا “فإنك تدرك أنك حصلت على فرصة ثانية بعد عدة شهور من العلاج النفسي والتعامل مع المسألة، وأنك يجب أن تتعلم منها، وأن تحاول ألا تكرر بعض الأخطاء، وتكتشف أهمية التروي والتفكير وأن ليس كل النجاح هو صعود وترقي”.
الرغبة في المعالجة
بعد صدمة مؤلمة كهذه يكون طريق التعافي صعبا، لكن خالد منصور استمد قوته من الأهل والأصدقاء، فضلا عن الدعم المؤسسي حيث دعمت الأمم المتحدة كل الناجين من الهجوم لعبور تلك المحنة.
وقال منصور إنه من المفيد بعد صدمة كهذه “تلقي العلاج النفسي بدلا من العودة مباشرة للعمل والانشغال دون توقف”.
وأضاف أن من يستطيع “عبور هذا الصراط لن يكون بالضرورة أقوى، ولكنه سيكون أغنى. فسيكون أكثر تقديرا للضعف الإنساني وأقل غرورا وادعاءً وأكثر نقدية وأقل يقينا”.
وهناك تحول آخر – كما يصف منصور – من الغضب العارم تجاه كل شيء إلى الحزن على من فقدوا حياتهم بشكل عبثي، وأن هناك أوضاعا سياسية واقتصادية تدفع الناس إلى أن يكونوا إرهابيين، ثم “الرغبة في معالجة ما يمكن معالجته”.
وتكريما لضحايا تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد، خلدت الأمم المتحدة ذكراهم بإعلان يوم 19 آب/أغسطس يوما عالميا للعمل الإنساني للدعوة إلى ضمان سلامة العاملين في مجال المساعدة الإنسانية وأمنهم.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.