ماكرون يدافع عن قانون الهجرة الجديد ويرفض وقف الإعانات لعائلات شباب شاركوا في احتجاجات

ماكرون يدافع عن قانون الهجرة الجديد ويرفض وقف الإعانات لعائلات شباب شاركوا في احتجاجات



رد إيمانويل ماكرون على مطالب أحزاب يمينية بتشديد قانون الهجرة الجديد الذي سيطرح للمناقشة أمام البرلمان الخريف المقبل. وقال ماكرون في مقابلة صحافية نشرت الأربعاء إن فرنسا “كانت وستظل بلد الهجرة”، مضيفا أنه “سيستخدم جميع الوسائل التي يتيحها الدستور لتمرير القانون الجديد، بما في ذلك المادة 49.3”. كما رفض الاستجابة لمطلب المعارضة اليمينية التي دعته إلى إدخال مادة في القانون تجيز وقف تسديد العلاوات الاجتماعية لعائلات تورط أولادها في أعمال شغب.

نشرت في:

7 دقائق

لم يستبعد إيمانويل ماكرون إمكانية استخدام المادة الدستورية 49.3 لتمرير قانون الهجرة الجديد الذي تعتزم الحكومة الفرنسية طرحه للمناقشة أمام أعضاء مجلس الشيوخ ثم الجمعية الوطنية في الخريف المقبل.

وقال في حوار مطول أجراه مع مجلة “لوفيغارو”الأسبوعية خلال زيارته إلى كاليدونيا الجديدة ونشر الأربعاء “لن أرضخ لضغوطات الأحزاب السياسية وأرفض أن تعرقل قانون الهجرة الذي نسعى إلى تمريره. سأستخدم كل الصلاحيات التي يمنحها لنا الدستور”. وترفض الأحزاب اليمينية القانون الجديد بحجة أنه لا يقاوم بشدة الهجرة النظامية وغير الشرعية.

اقرأ أيضاجزيرة مايوت.. فرنسا تطبق عملية واسعة النطاق ضد الهجرة غير النظامية

وتأتي هذه التصريحات بعد تلك التي أدلى بها في 23 يوليو/تموز الماضي إذ قال إن “هناك أملا أن تساعد الكتل البرلمانية التي تنتمي إلى المعسكر الجمهوري (يقصد حزب الجمهوريون وحزب الوسط والحزب الاشتراكي) في بناء نص جديد وتوافقي حول الهجرة”.

لكنه أضاف أنذاك “وفي حال لم يحصل مشروع القانون الجديد للهجرة على المساندة من الغالبية العظمي في البرلمان، فالدستور يوفر طرقا أخرى للمصادقة عليه ولدي المسؤولية للقيام بذلك”.

ماكرون يرفض سحب العلاوات الاجتماعية من العائلات التي تورط أفرادها في المظاهرات

وشكل الحوار أيضا فرصة للرئيس الفرنسي لكي يرد على مطالب أحزاب اليمين (لا سيما حزب التجمع الوطني المتطرف وحزب الجمهوريون) اللتي دعته إلى أخذ إجراءات جديدة وصارمة لمعاقبة عائلات الشباب الذين شاركوا في الاحتجاجات العنيفة التي رافقت مقتل الشاب نائل في 26 يونيو/حزيران الماضي في ضاحية نانتير غرب باريس.

ومن بين هذه المطالب، وقف تسديد العلاوات الاجتماعية للعائلات التي تورط أفرادها في الاحتجاجات وأعمال العنف، فضلا عن ترحيل جميع المهاجرين المقيمين في فرنسا بشكل غير شرعي وتقليص الهجرة النظامية إلى حد كبير…إلخ. وغالبا ما تتهم أحزاب اليمين، لا سيما المتطرف الشبان المنحدرين من أصول مهاجرة، بالقيام بأعمال عنف.

لكن يبدو أن ماكرون لم يستجب لمطالب هذه الأحزاب إذ أعلن رفضه لسحب العلاوات الاجتماعية التي تقدمها الدولة للعائلات الفقيرة. وقال في هذا الشأن:” لا أريد الاختيار. يجب أن نساعد هذه العائلات ونوفر لها إمكانيات أكثر، لكن عليها بالمقابل أن تتحلى بمسؤولية أكبر إزاء أبنائها”.

وتابع: “سحب العلاوات الاجتماعية من هذه العائلات كما يطلب الجمهوريون قد يزيد المشكلة تفاقما وسيحول موضوع الهجرة إلى نقاش إيديولوجي”. واعترف ماكرون بوجود مشكلة “الاندماج” في فرنسا.

ماكرون: “فرنسا كانت دائما بلد الهجرة وستظل كذلك”

وقال في هذا الصدد: “أعمال الشغب التي عرفتها بلادنا لا علاقة لها مع موضوع الهجرة. إنه موضوع أوسع ومرتبط بالدرجة الأولى بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها بعض المدن وبمشاكل أخرى تتعلق بمسألة الاندماج في بعض الأحيان إضافة إلى مشكل الممارسة الديمقراطية في ظل تنامي مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأضاف “عندما ننظر إلى الأشياء بنوع من الدقة، فسنجد أن 90 بالمائة من الشبان الذين تم توقيفهم من قبل قوات الأمن فرنسيون. ليست لدينا احصائيات عرقية في بلادنا. فهناك شبان ينحدرون من أصول مهاجرة وآخرون لا”. وأردف: “فرنسا كانت دائما بلد الهجرة وستبقى كذلك”، مفرقا بين “الهجرة ومشكلة الاندماج الاجتماعي في فرنسا”.

وأثارت تصريحات ماكرون لأسبوعية “لوفيغارو” ردود فعل منددة من قبل بعض أحزاب المعارضة، لا سيما اليمينة منها. فقال كيفن مانفيو، النائب في حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف “الرئيس ماكرون يرغب في إبقاء الهجرة الكثيفة في فرنسا على حالها. فهو يريد فقط أن يوزع المهاجرين بشكل مختلف. يرسل بعضهم إلى الأرياف والبعض الأخر إلى المدن الفرنسية الأخرى”، منتقدا الخطة التي “ستتسبب بأضرار جسيمة لفرنسا” وفق هذا النائب.

هل سيعرف قانون الهجرة نفس مصير قانون إصلاح نظام التقاعد؟

أما عثمان نصرو، وهو نائب رئيس حزب “الجمهوريون” في منطقة “إيل دو فرانس” فصرح لقناة “بي إف إم” بأن حزبه سيقوم بكل ما في وسعه من أجل “عرقلة مشروع القانون حول الهجرة في البرلمان”، مضيفا أن “الرئيس الفرنسي لم يأخذ بعين الاعتبار اقتراحاتنا فيما يخص هذا الموضوع”.

وتابع: “لقد قلنا في حال أرادت الحكومة أن تفرض علينا قانونا جديدا حول الهجرة، وبالأحرى قانونا يسمح بتسوية الوضع الإداري لآلاف المهاجرين غير الشرعيين، فسنوظف كل ما لدينا من الإمكانيات التي يسمح بها القانون لعرقلة هذا المشروع بما في ذلك اقتراح مذكرة حجب الثقة ضد الحكومة”.

هذا، ويجدر التذكير بأنه كان من المفروض أن يطرح جيرالد درمانان، وزير الداخلية مشروع قانون الهجرة الجديد للمناقشة أمام البرلمان الفرنسي قبل العطلة البرلمانية. لكن تم تأجيله إلى الخريف المقبل لأسباب لم يكشف عنها.

تقليص مدة دراسة ملفات اللجوء السياسي

ومن بين أبرز النقاط التي يتضمنها المشروع الجديد للهجرة، تسهيل إبعاد المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية، خاصة أولئك الذين ارتكبوا جنحا، وذلك بتقليص سبل استئناف الحكم أمام المحاكم. ففي السابق مثلا، كان المهاجر غير الشرعي يملك الحق أن يقوم بنقض قرار الترحيل عشر مرات أمام المحاكم، لكن في حال تمت المصادقة على القانون الجديد، فلن يستطيع المهاجر غير الشرعي نقض قرار المحكمة إلا أربع مرات فقط.

ولم تتعدَّ نسبة المبعدين حاليا من فرنسا 10 بالمائة من أجمالي المقيمين فيها بدون بطاقة الإقامة وفق وزارة الداخلية الفرنسية.

أما المادة الثانية من القانون، فهي تنص على تغيير طرق منح اللجوء السياسي للأجانب في فرنسا وتقليص مدة دراسة الملفات من سنة أو أكثر حاليا إلى ستة أشهر فقط. ويراد من هذه المادة التسريع في إبعاد كل الذين لم يتمكنوا من الحصول على اللجوء السياسي في فرنسا بعد أن تتم دراسة ملفاتهم الإدارية.

كما يهدف القانون الجديد أيضا لتسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين الذين يمارسون وظائف في مجالات تفتقد إلى اليد العاملة في فرنسا كالمطاعم وقطاع البناء والنقل… عبر منحهم بطاقة إقامة مدتها سنة قابلة للتجديد.

وإضافة إلى هذا، سيتم أيضا خلق ما يسمى ببطاقة إقامة مخصصة “للمواهب” وللأشخاص الذين يملكون شهادات عليا، على غرار شهادات في الطب والصيدلة والاعلام الآلي شريطة أن يكونوا من خارج فضاء الاتحاد الأوروبي.

نحو نقاش ساخن في البرلمان الخريف المقبل

ومن المتوقع أن يحتدم النقاش في البرلمان الخريف المقبل عندما يأتي موعد مناقشة قانون الهجرة الجديد من قبل البرلمان.

وهناك مخاوف من نشوب أزمة سياسية جديدة كالتي تعرضت إليها الحكومة خلال المصادقة على قانون التقاعد بفضل المادة 49.3 من الدستور. إذ أعلن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف معارضته لجميع التصريحات التي أدلى بها ماكرون بخصوص قانون الهجرة. نفس الشيء أيضا بالنسبة لحزب “الجمهوريون” الذي يطالب بقانون أكثر صرامة وقوة.

Share this content:


اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading