تعتبر أفريقيا ودول الشرق الأوسط أكثر المناطق عرضة لتأثيرات التغير المناخي، فضلا عن أنها الأكثر افتقارا للمياه. وفي هذا الصدد يحذر الخبراء والمراقبون من موجات “هجرة مناخية” واسعة، وحركة نزوح وهجرة داخلية في المنطقة. ووفق البنك الدولي قد يصل عدد المهاجرين لأسباب مناخية إلى 216 مليون مهاجر، بحلول 2050، إذ ستضطر عائلات بكاملها إلى النزوح داخل بلدانها وسيشمل النزوح 19,3 مليونا في دول شمال أفريقيا الخمس (مصر والجزائر والمغرب وتونس وليبيا).
نشرت في:
6 دقائق
مع ندرة الأمطار وموجات الحر الشديدة والجفاف، قد يؤدي التغير المناخي إلى نزوح ملايين الأشخاص في أفريقيا والشرق الأوسط، أكثر مناطق العالم افتقارا إلى المياه وأكثرها تأثرا بالتغير المناخي، مع ما يرافق ذلك من خطر توسع للمدن مضر بالبيئة واحتمال اندلاع نزاعات على الموارد وتواتر الكوارث الطبيعية.
وعن بوادر التغيرات السكانية في المنطقة تشير التوقعات إلى أنه سيتم تسجيل “هجرة داخلية لحوالي 86 مليون شخص بحلول عام 2050 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات للحد من آثار تغير المناخ”. وفق ما أفاد الثلاثاء أحمد رضا الشامي، رئيس المركز الاقتصادي والاجتماعي للمملكة المغربية ورئيس اتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة في أفريقيا.
وجاء تصريح أحمد رضا الشامي خلال مؤتمر ممثلي المجالس الاقتصادية والاجتماعية الأفريقية، الثلاثاء، في كينشاسا، والتي أُعلن خلالها عن إطلاق دراسة معمقة حول “الهجرة المناخية” في القارة السمراء.
وسيكون الهدف من هذه الدراسة هو “تحسين المعرفة حول حجم الهجرات المناخية وعواقبها على السكان، للتمكن من استباق هذه الظاهرة وأخذها بعين الاعتبار في خطط التنمية”، وفق ما أوضح أحمد رضا الشامي خلال افتتاحه مؤتمر الجمعية العامة لاتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة في أفريقيا التي تنعقد على مدى يومين في عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية.
216 مليون مهاجر
ووفق أرقام أصدرها البنك الدولي في وقت سابق فإنه ما لم يتم العمل على الحد من التغيرات المناخية، فإنه وبحلول 2050 قد يصل عدد المهاجرين لأسباب مناخية إلى 216 مليون مهاجر، إذ ستضطر عائلات بكاملها إلى النزوح داخل بلدانها وسيشمل النزوح 19,3 مليونا في دول شمال أفريقيا الخمس.
وفي هذا السياق قال نقيب الفلاحين المصريين حسين أبو صدام لوكالة الأنباء الفرنسية “يهاجر الشباب من المناطق الريفية إلى الخارج أو إلى المدن الكبيرة للعمل”. ويرى أن عوامل مناخية تقف وراء هذه الهجرة.
اقرأ أيضاجزر فيجي: التغير المناخي بدأ يخلق نوعا جديدا من المهاجرين
مع أن مصر تعاني أساسا من “عدد سكانها الكبير ومن كونها أحد أكثر البلاد جفافا في العالم”، إلا أن الظواهر الجديدة المرتبطة بالتغير المناخي مثل “ظهور طفيليات جديدة” تجعل من الزراعة أقل ربحية من ذي قبل”، على ما يؤكد أبو صدام.
وتفيد مفوضية الأمم المتحدة السامية بشؤون اللاجئين، أن “90% من اللاجئين في العالم يأتون من مناطق معرضة بقوة لتأثيرات التغير المناخي”.
وأوضحت نائبة مديرة المنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب “إذا لم يستطع السكان توفير غذائهم وزراعة الأرض فلا سبيل آخر أمامهم إلا النزوح”.
وأشارت إلى أن الكوارث الطبيعية المتكررة في العام 2021 “دفعت ثلاثة ملايين شخص تقريبا إلى مغادرة ديارهم في أفريقيا والشرق الأوسط”. مضيفة “نتوقع أن يشهد الوضع تدهورا”.
ويتوقع خبراء في المناخ احتمال أن تفقد مصر، بحلول العام 2060، نصف إنتاجية القطاع الزراعي.
ويرى الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية الفرنسي في القاهرة فلوريان بونفوا وفق تصريحها لوكالة الأنباء الفرنسية أن “هناك أيضا الانجذاب لنمط الحياة في المدينة والخدمات المتاحة فيها”.
ومنطقة دول شمال أفريقيا الخمس معرضة للأخطار أكثر من غيرها لأن شواطئها كثيفة السكان ومهددة بفعل ارتفاع مستوى مياه البحر. فـ7% من سكانها يعيشون على ارتفاع أقل من خمسة أمتار من سطح البحر، وفق المؤسسة الأوروبية للمتوسط.
وعلى سبيل المثال شهدت مدينة درنة الساحلية في ليبيا فيضانات كارثية في شهر أيلول/سبتمبر الحالي، تسببت في مقتل آلاف الأشخاص.
اقرأ أيضاالمغرب: نقص المياه الناجم عن التغير المناخي يدفع سكان القرى للهجرة إلى المدن
وبشكل تلقائي، يتجه المواطنون إلى المدن الكبرى مثل القاهرة والجزائر وتونس وطرابلس ومحور الرباط-الدار البيضاء وطنجة.
غير أن البنك الدولي يحذر من أن “بؤر الهجرة المناخية” تلك معرضة هي نفسها لارتفاع مستوى مياه البحر.
في الإسكندرية على سبيل المثال، على ساحل المتوسط المصري، سيضطر مليونا شخص إلى الانتقال إلى مكان آخر، أي نحو ثلث سكان المدينة، وستفقد المدينة 214 ألف وظيفة إذا ارتفع مستوى البحر 50 سنتيمترا.
“نزاعات عنيفة“
ويحذر الخبير الاقتصادي عاصم أبو حطب من أن تجمعات كهذه “تزيد الضغوط على الموارد” وهو ما “قد يؤدي إلى نزاعات عنيفة”، على حد تعبيره، في منطقة يعتمد 22% من سكانها على الزراعة.
في السودان، أوقعت النزاعات بين القبائل حول الماء والكلأ والأراضي مئات القتلى منذ مطلع العام 2022 في ولايات عدة.
وبحسب اليونيسيف، تقع 11 دولة من أكثر 17 بلدا افتقارا للمياه في العالم، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في العراق على سبيل المثال، إذا لم تتخذ أي إجراءات بحلول العام 2050، و”في حال ارتفاع الحرارة بمقدار درجة مئوية وانخفاض الأمطار بنسبة 10%، سيفقد هذا البلد البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، 20% من مياهه العذبة” وفق البنك الدولي.
أما الأردن، أحد أكثر بلدان العالم جفافا، فقد اضطر إلى مضاعفة وارداته من المياه من اسرائيل هذا العام فيما يعاني قطاع غزة الخاضع لحصار إسرائيلي، من نقص مزمن في المياه منذ سنوات.
وتقول بوب إن المجتمع الدولي تعهد في مؤتمري كوبنهاغن وباريس للمناخ بـ”مساعدة الدول النامية على مواجهة تداعيات التغير المناخي” من خلال المساهمة في امداد هذه الدول “بطريقة مختلفة للزراعة وإدارة أفضل للمياه”.
في مطلع أيلول/سبتمبر حثت 24 دولة أفريقية على احترام هذه الالتزامات بأسرع وقت ممكن.
وستتجدد هذه الدعوة خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27) الذي ينطلق في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر في مصر. وتؤكد بوب أنه ينبغي “إيجاد مصادر بديلة للتوظيف وللدخ” للجم الهجرة المناخية.
فرانس24
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.