السعودية تدعو وفدا من الحوثيين لمفاوضات سلام في الرياض وسط تقارب سعودي إيراني

السعودية تدعو وفدا من الحوثيين لمفاوضات سلام في الرياض وسط تقارب سعودي إيراني



وجهت السعودية الخميس دعوة لوفد حوثي من صنعاء لزيارة الرياض لمواصلة المحادثات بشأن وقف إطلاق النار. وهذه هي أول زيارة علنية للحوثيين إلى المملكة منذ تدخلها على رأس تحالف عسكري لمقاتلة الجماعة التي تدعمها إيران سنة 2015. وتأتي المفاوضات في ظل تقارب بين الرياض وطهران، بينما تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.

نشرت في:

6 دقائق

بعد نحو خمسة أشهر على زيارة وفد سعودي إلى صنعاء لبحث عملية السلام مع الحوثيين، وجهت الرياض الخميس دعوة لوفد من صنعاء لزيارة الرياض لمواصلة المحادثات بشأن وقف إطلاق النار. وتسجل هذه الزيارة بعد التقارب بين السعودية وإيران الداعمة للحوثيين، وهو ما أنعش الآمال بالتوصل إلى حل سياسي للنزاع الدامي.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية أن الدعوة تأتي استمرارا لجهود المملكة وسلطنة عمان “للتوصل لوقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن والتوصل لحل سياسي مستدام ومقبول من كافة الأطراف اليمنية”.

وذكرت قناة المسيرة التابعة للحوثيين في وقت سابق الخميس أن وفدا غادر صنعاء في طريقه إلى الرياض لمواصلة المفاوضات.

وغادر الوفد الحوثي على متن طائرة عمانية، حسبما أفاد مصدر ملاحي في مطار العاصمة اليمنية لوكالة الأنباء الفرنسية.

وقال المصدر إن “الطائرة العمانية أقلعت نحو الرياض وعلى متنها وفد حوثي يضم عشرة أشخاص بالإضافة إلى خمسة عمانيين”، فيما أفاد مسؤول حوثي بأن “مدة الزيارة خمسة أيام”.

وتأتي هذه الزيارة العلنية بعد نحو خمسة أشهر على زيارة وفد سعودي إلى صنعاء لبحث عملية السلام في البلد الفقير.

واليمن غارق في نزاع مسلح على السلطة بين الحوثيين والحكومة منذ منتصف العام 2014، تسبب بمقتل وإصابة مئات الآلاف، وبأسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

وفي وقت سابق الخميس، أفادت وكالة الأنباء “سبأ” المتحدثة باسم سلطات العاصمة اليمنية بوصول وفد عماني إلى صنعاء يرافقهم المتحدث الرسمي باسم الحوثيين وعضو الفريق المفاوض محمد عبد السلام المقيم في سلطنة عمان، التي تؤدي دور الوسيط في النزاع.

ونقلت عن رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط قوله، خلال لقاء مع الوفد العماني قبل إقلاع الطائرة، إنه “استجابة لوساطة سلطنة عمان الشقيقة سيتوجه الوفد الوطني برفقة الوفد العماني إلى الرياض لاستكمال المشاورات مع الجانب السعودي”.

وتابع “السلام كان ولا يزال خيارنا الأول والذي يجب العمل عليه من قبل الجميع”.

“صيغة نهائية”

وكان مسؤول في الحكومة اليمنية، مطلع على فحوى المحادثات بين الحوثيين والسعودية، قد أبلغ وكالة الأنباء الفرنسية أن الغاية من الزيارة “عقد جولة مفاوضات مع السعودية والتوصل لاتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الإنساني والاقتصادي”.

وتابع أن المحادثات تتركز على مسألة تسديد رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا عن طريق السلطة، وهي نقطة شائكة، وتدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء الذي ظل مغلقا لسنوات قبل أن يسمح التحالف العام الماضي بفتح أجوائه للطائرات إلى الأردن ومصر.

من جهتها، أفادت مصادر سياسية في صنعاء بأنه من المتوقع كذلك أن يناقش الحوثيون مع المسؤولين السعوديين “الصيغة النهائية” لوقف شامل ودائم لإطلاق النار، على أن يباشر أطراف النزاع بعد ذلك التفاوض مباشرة للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة وبدعم من السعودية وعمان.

“خطوة متقدمة”

وأنعشت زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء في نيسان/أبريل، والتقارب الأخير بين الرياض وطهران، الآمال بالتوصل إلى حل سياسي للنزاع الدامي في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ماجد المذحجي لوكالة الأنباء الفرنسية إن زيارة الوفد الحوثي للسعودية “أشبه بنقل العلاقة بين الحوثيين والسعودية من الغرف الخلفية إلى صالة المنزل، أي شرعنة هذه العلاقة ومنحها دفعا إضافيا”.

وتابع “على الصعيد السياسي، هي خطوة متقدمة لإنهاء الدور المباشر للسعودية في اليمن وإقرار الحوثيين بدورها كوسيط” إلى جانب كونها أحد أطراف النزاع.

نقص التمويل الإنساني

تراجعت حدة القتال في اليمن بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ في نيسان/أبريل 2022، ولا يزال قائما إلى حد كبير حتى بعد انتهاء مفاعيل الاتفاق في تشرين الأول/أكتوبر 2022.

لكن الأزمة الإنسانية في البلد الفقير لا تزال تتفاقم، مع تراجع المساعدات الانسانية بسبب نقص التمويل.

والخميس، طالبت 98 جهة دولية ومحلية بينها منظمات تابعة للأمم المتحدة في بيان بزيادة التمويل لمواصلة مساعدة “أكثر من 21,6 مليون شخص، أي 75 بالمئة من سكان اليمن”.

وأشارت هذه الجهات إلى أن “17 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي” في اليمن، وهذا العدد يشمل 6,1 ملايين شخص دخلوا بالفعل “مرحلة خطيرة في نقص الغذاء وسوء التغذية الحاد”.

وعلى الرغم من حجم هذه الاحتياجات الإنسانية، فإنه بحلول آب/أغسطس 2023، لم تتلق خطة الاستجابة الإنسانية سوى “31,2 بالمئة من إجمالي الاحتياجات البالغة 4,34 مليارات دولار” للعام 2023، مما أدى إلى “تخفيضات جذرية ومثيرة للقلق في المساعدات”، وفقا للبيان.

إلى جانب ذلك، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخرا من أن اليمن بات يعاني أحد أعلى معدلات التلوث بالألغام وغيرها من المتفجرات من مخلفات الحرب في العالم، بعد تسع سنوات من بدء النزاع في البلاد.

وقال مدير عمليات الشرق الأوسط في اللجنة فابريزيو كاربوني، في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية، إن أفقر دول شبه الجزيرة العربية أصبحت من بين أكثر ثلاث دول تضررا بالمتفجرات.

وحذر من أن انتشار المتفجرات “كبير للغاية، لدرجة أنه من غير الممكن إزالة” كل الألغام ومخلفات الحرب في حال انتهى الصراع اليوم.

 

فرانس24/ أ ف ب/ رويترز

Share this content:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *