لافروف: الصراع بين الأغلبية العالمية والاستعمار الجديد يولد نظاما عالميا مختلفا

لافروف: الصراع بين الأغلبية العالمية والاستعمار الجديد يولد نظاما عالميا مختلفا



جاء ذلك في كلمته أمام الجمعية العامة اليوم السبت، حيث قال السيد لافروف إن الولايات المتحدة وأوروبا اعتادتا على “النظر بازدراء إلى بقية العالم” وغالبا ما تقدمان وعودا وتتعهدان بالتزامات لا تفيان بها، واقتبس من الرئيس فلاديمير بوتين وصفه للغرب بأنه “حقا إمبراطورية الأكاذيب” حسب تعبيره.

انتهاك التعهدات

وشدد وزير الخارجية الروسي على أن القادة الغربيين “انتهكوا تعهداتهم التي تنص على عدم تعزيز أمنهم على حساب أمن الآخرين وعدم السماح بالهيمنة العسكرية والسياسية في أوروبا لأي دولة أو مجموعة دول أو منظمة”، وذلك من خلال توسيع عضوية تحالف الناتو نحو حدود بلاده.

وأشار إلى أن مقترحات روسيا في عام 2021 لإبرام اتفاقيات بشأن ضمانات الأمن المتبادل في أوروبا دون تغيير وضع أوكرانيا خارج التحالف “تم رفضها بوقاحة” وقال إن الغرب استمر في “عسكرة نظام كييف المعادي لروسيا بشكل منهجي”. 

ووصف التدريبات المشتركة الأخيرة بين الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك اختبار سيناريوهات استخدام الأسلحة النووية على أراضي الاتحاد الروسي، بالـ “غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة”.

“نسخة جديدة من السلام الأمريكي”

وأضاف وزير خارجية روسيا أن: “دول الناتو بقيادة واشنطن لا تقوم ببناء وتحديث قدراتها الهجومية فحسب، بل تحاول أيضا نقل المواجهة المسلحة إلى الفضاء الخارجي والمجال المعلوماتي”.

واتهم السيد لافروف واشنطن بالعمل على إنشاء “تحالفات عسكرية وسياسية صغيرة تابعة لها” في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما “يستهدف روسيا والصين ويهدف إلى انهيار البنية الإقليمية الشاملة التي تطورت حول دول الآسيان. وهذا يخلق خطر ظهور بؤرة متفجرة جديدة من التوتر الجيوسياسي – إلى جانب بؤرة التوتر الأوروبية الساخنة بالفعل”.

وأضاف: “هناك انطباع مستمر بأن الولايات المتحدة، و”الجماعة الغربية التابعة لها تماما، قررت إعطاء مبدأ مونرو طابعا عالميا. هذه الخطط وهمية بقدر ما هي خطيرة للغاية، لكن هذا لا يوقف أيديولوجيي النسخة الجديدة من السلام الأمريكي”.

“تقسيم مصطنع”

وقال السيد لافروف إن حلف الناتو أعلن صراحة أن الشراكة المتنامية بين روسيا والصين تمثل تهديدا له، ويرى أن توسع مجموعة البريكس أمر خطير. ومع ذلك، أكد أن الاتجاه السائد بين “أغلبية دول العالم” هو الرغبة في تعزيز السيادة والدفاع عن المصالح والتقاليد الوطنية و“عدم الرغبة في العيش تحت إملاءات أحد”.

وقال إنه ربما للمرة الأولى منذ تأسيس الأمم المتحدة، هناك فرصة لإرساء ديمقراطية حقيقية في الشؤون العالمية، لكن الولايات المتحدة “والجماعة الغربية التابعة لها تواصل توليد الصراعات التي تقسم الإنسانية بشكل مصطنع إلى كتل معادية وتعيق تحقيق الأهداف المشتركة”. 

وأضاف: “إنهم يبذلون قصارى جهدهم لمنع تشكيل نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب. إنهم يسعون جاهدين لإجبار العالم على اللعب وفقا لقواعدهم الأنانية الضيقة”.

وقال إن أحد المظاهر الواضحة “للغرور لدى الأقلية الغربية هو المحاولات المهووسة لإضفاء الطابع الأوكراني على أجندة المناقشات الدولية، مما يدفع إلى الخلفية عددا من الأزمات الإقليمية التي لم يتم حلها، والتي ظل الكثير منها مستمرا لسنوات عدة”.

المنطقة العربية

وفيما يخص المنطقة العربية، رحب السيد لافروف بالدور المكثف لجامعة الدول العربية وعودة سوريا إلى صفوفها. كما رحب ببدء عملية التطبيع بين دمشق وأنقرة، وقال إن هذه التطورات الإيجابية تعزز جهود مسار أستانا لتعزيز التسوية السورية على أساس استعادة سيادة البلاد.

كما أعرب عن أمله في أن يتمكن الليبيون من الإعداد لانتخابات عامة بمساعدة الأمم المتحدة في بلد عانى كثيرا “ولم يتمكن، بعد أكثر من 10 سنوات، من التعافي من عواقب عدوان الناتو، الذي دمر دولتهم وفتح الأبواب أمام انتشار الإرهاب في منطقتي الصحراء والساحل”.

ووصف التطور المأساوي للوضع في السودان بأنه “ليس أكثر من نتيجة أخرى لتجارب الغرب الفاشلة في تصدير العقائد الديمقراطية والليبرالية إلى هذا البلد”.

وقال وزير الخارجية الروسي إن الفلسطينيين ينتظرون منذ أكثر من 70 عاما وعد قيام دولتهم، “إلا أن الأمريكيين، الذين احتكروا عملية الوساطة، يبذلون قصارى جهدهم لمنع ذلك” حسب قوله.

ودعا جميع “الدول المسؤولة” إلى توحيد جهودها من أجل تهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة، مشيرا إلى أن التطبيع الكامل للوضع في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق دون حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

منع الانهيار النهائي

وقال السيد لافروف إن هناك حاجة إلى نوع جديد من الإصلاح في الأمم المتحدة، “حيث لا يوجد قادة وأتباع، ومعلمون وطلاب، ويتم حل جميع القضايا على أساس التوافق، مما يعكس توازن المصالح”. 

وقال إنه يتم صد الاتجاهات الإيجابية بين الدول النامية من خلال “المحاولات العدوانية المتزايدة من قبل الغرب للحفاظ على هيمنته على السياسة والاقتصاد والمالية العالمية”.

وقال: “اليوم، تقف البشرية مرة أخرى، كما حدث في كثير من الأحيان في الماضي، عند مفترق طرق. إن مسار تطور التاريخ يعتمد علينا فقط. من المصلحة المشتركة منع الانزلاق إلى حرب واسعة النطاق ومنع الانهيار النهائي لآليات التعاون الدولي التي أنشأتها أجيال أسلافنا”.

Share this content:


اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading