وأكدت مديرة العلاقات الخارجية والاتصالات بالأونروا أن عدد النازحين الذين وصلوا إلى مدارس الأونروا تخطى عتبة الـ 137 ألفا، وأن الوكالة ليست مهيأة لاستقبال أكثر من 150 ألف شخص، فيما تستمر حركة النزوح على نطاق واسع مع احتدام القصف.
في الحوار الذي أجراه فريق أخبار الأمم المتحدة، تحدثنا مع السيدة الرفاعي في البداية عن آخر المستجدات على الأرض في قطاع غزة:
تمارا الرفاعي: آخر المستجدات هي نزوح أكثر من 137 ألف شخص في قطاع غزة إلى حوالي 83 مدرسة تابعة للأونروا بحثا عن الأمان، وهذا شيء نشهده عموما في الحروب أو النزاعات التي يتعرض لها القطاع. إذ يخرج سكان القطاع من بيوتهم حين يشعرون بالخطر ويتوجهون إلى مدارس الأونروا.
الجدير بالذكر هنا أن مدراس الأونروا هي في نهاية المطاف مدارس. لدينا 278 مدرسة في القطاع تستقبل 300 ألف طالب وطالبة، لكننا دائما ما نعد عددا من هذه المدارس لاستقبال النازحين في حال حدوث تصعيد مثل التصعيد الخطير الذي يحدث الآن.
أخبار الأمم المتحدة: هل يستطيع المدنيون الوصول إلى مدارس الأونروا في ظل القصف الحالي وكيف تصفين وضعهم؟
تمارا الرفاعي: وصل إلى مدارسنا هذا العدد الكبير وهو يدل على أنهم فروا بعائلاتهم بحثا عن الأمان في منشآت الأمم المتحدة عموما. يجب أن نتذكر أنه بالنسبة للكثير من الناس، خصوصا الذين يعيشون في مناطق النزاعات، هذا العلم الأزق هو دلالة على الأمان. هو علم يبحث عنه من يعيشون في حالة حرب بحثا عن الأمان لهم ولعائلاتهم. هناك تحركات كثيرة في غزة. يشهد زملائي ممن هم في غزة على حركة كبيرة جدا بينما التصعيد مستمر. ما يهمنا كوكالة أممية هو أن نكون على قدر المسؤولية وأن نستطيع أن نقدم الخدمات بالشكل اللائق لمن يهربون من هذا التصعيد.
لذلك أهم شيء في هذه المدارس أولا أن تبقى آمنة وألا تتعرض للقصف. حتى الساعة للأسف تعرضت 14 من منشآتنا للضرر، منها مدرسة واحدة، لكن لحسن الحظ لم ينتج عن ذلك أي ضحايا، مع العلم أننا فقدنا ثلاثة من طلاب مدارس الأونروا في اليومين الأخيرين وهو أمر جدا مؤسف. كما فقدنا اليوم زميلا من زملائنا في الأونروا تعرض بيته لدمار كبير ولقى حتفه للأسف، رحمة الله عليه.
ما يهمنا في المدارس هو حصول النازحين على الماء النظيف، ووصولهم إلى المراحيض، وحصولهم على الطعام وعلى المواد الأساسية التي يحتاجونها، بما في ذلك البطانيات والفرشات. يجب أن نؤمن لمن هرب من بيته، ولو بأبسط الإمكانيات، مكان إقامة، وهذا ما نقدمه في المدارس.
أخبار الأمم المتحدة: مع إغلاق القطاع بشكل كامل واستمرار القصف، هل باستطاعتكم تقديم هذه المساعدات التي تتحدثين عنها؟
تمارا الرفاعي: بشكل عام، نحن مستعدون لإيواء إلى حد 150 ألف شخص. بما أننا وصلنا إلى 137 ألف شخص، فالوضع مثير للقلق بشكل كبير. ورغم وجود بعض المساعدات الإنسانية التي نبقيها في مخازننا داخل القطاع، إلا أنه ومع الأعداد الكبيرة للناس الذين سيتوجهون للمدارس – خصوصا وأن للأونروا 278 مدرسة في القطاع وليست جميعها مجهزة لاستقبال النازحين لكن بإمكاننا أن نتخيل أنه إذا ما حصلت حركة نزوح كبيرة، فسينزح الناس إلى هذه المدارس، حتى لو لم تكن مجهزة، تحديدا لأنها مدارس أممية والناس تنظر إلى الأمان الذي قد تقدمه أو يجب أن تقدمه المنشآت الأممية تحت هذا العلم الأزرق.
التصعيد جدا خطير وما نراه حالة جدية للغاية، مع العلم أن الناس في قطاع غزة تعودوا نوعا ما للأسف على التصعيد وعلى النزاعات، فهذه هي الحرب السابعة على غزة على ما أعتقد منذ 2008، لكن الأخبار التي تردنا اليوم من زملائنا في القطاع تفيد بتصعيد خطير، والحركة التي نشهدها خلال يومين من قبل الناس الذين يبحثون عن مأوى آمن تشي بأن الوضع سيستمر وأننا سنتوجه قريبا بالطلب للدعم من الهيئات الأممية الأخرى ومن الدول المانحة وأننا سوف نناشد، كما ناشد الأمين العام للأمم المتحدة منذ يومين، من أجل التهدئة حتى نتمكن من القيام بمهمتنا الإنسانية.
الأمم المتحدة: ذكرتِ أن إحدى مدارس الأونروا تعرضت للقصف، هل أجريتم اتصالات بهذا الشأن لضمان عدم تكرار ذلك؟
تمارا الرفاعي: طبعا نحن نشارك جميع الأطراف في أي نزاع في أي مكان نكون فيه موقعنا على الـ GPS (نظام تحديد المواقع)، لذلك من بداية أي تصعيد سواء في غزة أو في مناطق عمليات الأونروا الأخرى، نقوم بالاتصالات للتأكيد على أن المنشآت الأممية هي محمية بموجب القانون الإنساني الدولي ولا يجب استهدافها بأي شكل من الأشكال.
أخبار الأمم المتحدة: هل لاحظتم أي وجود لمسلحين بالقرب من أو داخل منشآتكم؟
تمارا الرفاعي: دائما ما نعمل على أن تكون منشآتنا خالية تماما من السلاح، وهذا مبدأ نؤكد عليه ونتبعه ولدينا لجان كاملة تجوب على جميع منشآت الأونروا في غزة وفي مناطق عملياتنا الأخرى للتأكيد على أنها يجب أن تكون خالية من تماما من السلاح. ونؤكد دائما على الأطراف المعنية أنها لا تستطيع ويجب ألا تستخدم المنشآت الأممية كمركز للعمليات العسكرية.
أخبار الأمم المتحدة: السلطات الإسرائيلية طلبت من المواطنين في غزة المغادرة، ما هي الخيارات المتاحة لهم خاصة وأن مدارس الأونروا أصبحت ممتلئة إلى حد كبير؟
تمارا الرفاعي: يجب أن نتذكر أن قطاع غزة هو تحت الإغلاق منذ حوالي 16 سنة، وهذا يعني أن حركة الأهالي للخروج من قطاع غزة صعبة بالأساس، سواء عبر إسرائيل أو مصر. لذلك السؤال هو إلى أين سيخرج السكان إن لم يكن إلى مدارس الأونروا بحثا عن الأمان؟
تردنا أنباء بأن معبر رفح ما زال مفتوحا لمن يستطيع أن يعبر إلى مصر، ولكنهم طبعا سيواجهون تعقيدات أخرى حين يخرجون من غزة. لذلك حتى الساعة، نحن نفعل ما بوسعنا في الأونروا لإيواء واحتواء من نزح إلى مدارسنا، لكننا طبعا قلقون جدا من استمرار هذا التصعيد.
أخبار الأمم المتحدة: ذكرت أن أحد زملائنا توفي في القصف، ونطلب من الله الرحمة له، ماذا تفعل الأونروا لحماية موظفيها من هذا المشهد الذي نراه اليوم؟
تمارا الرفاعي: للأسف فقدنا أحد زملائنا اليوم، السيد جاسر أبو مرجونة، رحمة الله عليه، ونطلب من الله الشفاء لزوجته وابنه وابنته الذين ما زالوا في المستشفى. نحن واعون جدا لحقيقة أن موظفي الأونروا، الذين معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين، سواء داخل أو خارج غزة، هم من المدنيين ونشعر بالقلق على سلامتهم وعلى سلامة أسرهم، إلا أنهم أيضا يولون الأولوية للقيام بمسؤولياتهم سواء في المراكز الصحية التابعة للأونروا أو مراكز الإيواء أو مراكز توزيع الغذاء.
نحن الآن بصدد وضع خطة نحاول من خلالها التقليل قدر المستطاع من المخاطر التي قد يتعرض لها زملاؤنا، بما في ذلك حول ساعات التنقل وساعات الدوام في المراكز الصحية، وهي أصبحت الآن مقتضبة جدا، وكذلك عدد الموظفين المتواجدين في مكان واحد.
نشعر بالاحترام الشديد والإعجاب بتفاني زملائنا في الأونروا من مقدمي الخدمات الأساسية. زملاؤنا في الأونروا، على الرغم من أنهم هم أنفسهم من اللاجئين الفلسطينيين القلقين على عائلاتهم في أي تصعيد في غزة وفي أماكن أخرى، إلا أنهم لم يتوقفوا قط عن تقديم الخدمات في كل الأزمات. لذلك، كل الإعجاب وكل التقدير وكل الاحترام لزملائنا في غزة اليوم، وفي جميع مناطق عمل الأونروا عموما.
أخبار الأمم المتحدة: طبعا ولهم منا التقدير لهذا العمل الجبار الذي يقومون به. السؤال الأخير، هل لديك رسالة للأطراف المتحاربة؟
تمارا الرفاعي: نكرر رسالة السيد الأمين العام للأمم المتحدة منذ اليوم الأول والتي استنكر فيها مقتل المدنيين ودعا إلى حل سلمي للنزاع بين إسرائيل وفلسطين. يجب التذكر بأن الأونروا تقترب من الذكرى الـ 75 لإنشائها وهو عمر هذا الصراع الممتد والذي كان له تبعات على المنطقة. نحن نتحدث عن 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في المنطقة موزعين على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وغزة وسوريا ولبنان والأردن، وهم أشخاص عمر لجوئهم بعمر هذا النزاع. الأونروا مستمرة بتقديم خدماتها كحل مؤقت، ريثما نصل إلى السلام، وقد طال الانتظار.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.