وقال إنه لا يريد أن يتصور ما قد يحدث إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على تأمين ممرات إنسانية إلى القطاع، مشددا على أن 2.4 مليون شخص “مهددون بألا تكون لديهم أبسط حقوق الإنسان من ناحية الغذاء والماء والدواء والصحة”.
هذا وقد أكد السيد عبد الجابر في حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة عدم وقوع ضحايا في صفوف موظفي البرنامج حتى الآن. وقال إن وضعهم صعب للغاية، ولكنه ” فخور جدا بهم لأنهم يبحثون عن طرق لمساعدة الناس المحتاجين قبل أنفسهم”.
المزيد في نص الحوار الذي حدثنا خلاله ممثل البرنامج في فلسطين عن تلقي خبر الأمر الذي أصدرته السلطات الإسرائيلية بمغادرة جميع سكان شمال قطاع غزة إلى جنوبه:
سامر عبد الجابر: صراحة، كان خبرا صعبا جدا بالنسبة لي، أولا لأن لدي فريق عمل في غزة ولدي علاقة مباشرة معهم وأعلم كم يتعبون على الأرض. فهم أول من فكرت به. ولكن عندما استوعبت حقيقة أننا نتحدث عن أن أكثر من مليون شخص مضطرون لإخلاء هذه المناطق، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والملاجئ، أصبت بالصدمة. كيف [سيحصل ذلك] وإلى أين يتجهون؟ هل سيؤمن وقف إطلاق النار؟ كان الخوض في هذه التفاصيل بالنسبة لنا ساعات صعبة جدا.
الحمد لله، جميع موظفينا يخير وأمان. لقد استغرق الأمر وقتا حتى تمكنا من التواصل معهم، ولكن بعد ساعات من التعب، علمنا بأنهم جميعا بخير.
الأمر الثاني هو كيف يمكن لنا أن نوصل المساعدات لجميع هؤلاء الناس الذين سيتحركون. كنا قد بدأنا العمل على وضع خطة استجابة مبنية على مساعدة حوالي 220 ألف شخص موجودين في 94 ملجئا تابعا للأمم المتحدة.
واستطعنا أن نؤمن المساعدات لهم وتعاملنا مع المخابز، ولكن فجأة كان علينا تغيير كل هذه الخطط، وطبعا لا يوجد ما يكفي من المواد الغذائية داخل قطاع غزة. لا توجد مياه [صالحة]. بدأت المجاري والمياه الجوفية تشكل مشكلة. المخابز بدأت تتوقف عن العمل. إنها صورة صعبة للغاية.
ما زلنا ننظر في كيفية عملنا داخل غزة ونقوم بالعمل على تأمين معابر لإدخال المساعدات. فالوضع صعب جدا وكارثي.
أخبار الأمم المتحدة: ذكرت بأن المواد الغذائية تنفد في غزة، ما هي المدة التي نتحدث عنها قبل نفاد المساعدات؟
سامر عبد الجابر: صراحة، لا أستطيع أن أجيبك بشكل صحيح، لأنه بالأمس كنا نقدر بأن هناك ما يكفي في الأسواق بغزة لأسبوعين أو ثلاثة أسابيع، ولكن الآن تضررت حتى المطاحن بسبب عدم الاستيراد وانقطاع الكهرباء ونقص الوقود اللازم لكي تعمل. فالوضع يزداد سوءا بشكل متسارع.
فجأة اليوم وجدنا أنفسنا فعلا في أزمة إنسانية. لم تتأمن حتى الآن خطوط إمداد واضحة، ولا يوجد ما يكفي من الطعام داخل قطاع غزة. الأماكن شمال القطاع التي أعلن عن ضرورة إخلائها قد تتضمن مستودعات ومخابز ومحلات وما إلى ذلك، ولا نعلم ما إذا كان أصحابها سيتمكنون من تحريك بضائعهم إذا نزحوا.
نريد أن يكون لدى موظفينا القدرة على إجراء مسح ميداني للاحتياجات، ولكن الموظفين أنفسهم في حالة نزوح صعبة.
ليس لدي تصور إلى متى ستكون هناك أغذية أو مياه. حتى بالملاجئ كانت لدينا صعوبة في إيصال الأكل والمياه قبل يومين.
استطعنا اليوم الوصول إلى الملاجئ في الجنوب، ولكن المخابز ستتوقف عن العمل.
أخبار الأمم المتحدة: ترتفع الأصوات من جميع المسؤولين في منظومة الأمم المتحدة للدعوة لفتح ممرات إنسانية إلى غزة، إلى أين وصلتم في محادثاتكم لتحقيق ذلك؟ هل هناك أي تجاوب؟
سامر عبد الجابر: نتأمل أن يكون هناك تجاوب. جميع المبادرات موضوعة على الطاولة. لقد قلنا إنه ليس لدينا مشكلة مع أي معبر إنساني، المهم هو إيجاد المعبر الإنساني الذي يلبي الاحتياجات لإدخال مساعدات عاجلة وآمنة إلى قطاع غزة.
نتأمل أن ينتج شيء ما من هذه المحادثات التي تحصل على جميع المستويات بالأمم المتحدة.
أخبار الأمم المتحدة: ما الذي يمكن أن يحصل في حال لم يتم الوصول لاتفاق على تأمين هذه الممرات الإنسانية إلى غزة؟
سامر عبد الجابر: لا أريد أن أتصور ما سيكون حجم الكارثة لأننا الآن في وضع صعب حقا، وإذا ما قارنا اليوم بالأمس، فهو أصعب. إننا نتكلم عن 2.4 مليون شخص مهددين بألا تكون لديهم أبسط حقوق الإنسان من ناحية الغذاء والماء والدواء والصحة. هذه كارثة.
أخبار الأمم المتحدة: أريد أن أتحدث قليلا عن موظفي برنامج الأغذية العالمي. كما أخبرتنا فإن أوضاعهم صعبة. ما شكل تواصلكم معهم، خاصة وأننا سمعنا تقارير تفيد بأن خدمة الإنترنت قد تنقطع في القطاع في الأيام المقبلة؟ وماذا يخبرونكم عن أحوالهم وعن عائلاتهم؟
سامر عبد الجابر: الاتصالات كانت صعبة في الأيام القليلة الماضية. فقدنا الاتصال بنصف فريقي اليوم – عندما بدأوا يرون الأنباء بأنهم سيضطرون للنزوح إلى المناطق الجنوبية – ما بين الساعة السابعة إلى الساعة الخامسة والنصف. لم يكن باستطاعتنا التواصل معهم لأنه لم تكن هناك اتصالات، وهذه مصيبة.
حتى لو كنا سنقوم باستجابة ما، كيف يمكن لنا أن نقوم بها إذا لم تتوفر الاتصالات على الأرض؟ فالوضع ليس سهلا. أعتقد بأنه إذا ما قطعت خدمة الانترنت، سيكون الوضع كارثيا أكثر، من حيث قدرتنا على التواصل ومعرفة ما هي الاحتياجات وإذا ما وصلت المساعدات وإلى أين نوصلها. ستكون العمليات اللوجستية صعبة جدا.
وبالنهاية يهمنا أمن وسلامة موظفينا، ويجب أن تكون لدينا القدرة على التواصل معهم لمعرفة مكان تواجدهم، وما إذا كانت عائلاتهم بخير وما هي احتياجاتهم.
لقد لجأوا اليوم إلى الملاجئ غير المجهزة، وعليهم تأمين الطعام والمياه والفرشات لهم ولأطفالهم، وقد لا يجدوا ذلك. فأصبح الشخص الذي يساعد، الموظف الإنساني، هو من يحتاج المساعدة. ولكن أقول لك، إنني فخور جدا بهم لأنهم يبحثون عن طرق لمساعدة الناس المحتاجين قبل أنفسهم. وأسأل الله أن يعينهم.
أخبار الأمم المتحدة: طبعا لهم منا التقدير والتحية. هل فقدتم أيا من زملائكم خلال الأحداث؟ هل هناك ضحايا في صفوف البرنامج في غزة؟
سامر عبد الجابر: الحمد لله ليس هناك ضحايا، وأدعو الله أن يكونوا هم وعائلاتهم بخير وسلامة وأن تستطيع الدبلوماسية أن تحل بعض المشاكل التي تحصل. أصعب قرار كان أن نخبر زملاءنا من برنامج الأغذية العالمي والأمم المتحدة بشكل عام بأن عليهم أن يتحركوا. ليس من السهل قرار أن يترك الفرد بيته. ليس من السهل أن يفكر بهذه اللحظات ما الذي يجب أن يأخذه وما الذي يتركه. هل نسي جواز سفره؟ هل نسي هاتفه الجوال؟ هل نسي حقيبة دوائه؟ هل سيعود إلى بيته أم لا؟ الأمر ليس سهلا. ولكن الحمد لله اطمئننا عليهم وهم بخير.
أخبار الأمم المتحدة: ما الذي تحتاجون إليه بشكل عاجل من المجتمع الدولي؟
سامر عبد الجابر: ما نحتاجه بسيط جدا، وهو أمران. أولا، تسهل وصول المساعدات الإنسانية، ومنها المواد الغذائية، والتي غزة بحاجة ماسة إليها. الأمر الآخر هو أمن وحماية الموظفين في القطاع الإنساني وشركائهم حتى نتمكن من الوصول إلى الناس الذي هم بحاجة إلى المساعدات، سواء كانت غذائية أو طبية وإمدادات المياه والوقود، أي شيء. المهم أن نستطيع الوصول للناس المحتاجين.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.