كثر الحديث داخل إسرائيل والمجتمع الدولي عن مستقبل قطاع غزة بعد نهاية الحرب بين حماس وإسرائيل، لاسيما أن تل أبيب أكدت منذ البداية أن هدفها هو “القضاء” على حماس. ما ترك أسئلة أكثر من الأجوبة بشأن مستقبل القطاع سياسيا وأمنيا، ومصير سكانه الذين يتجاوز عددهم المليونين. الخبير الأمني والاستراتيجي الأردني عمر الرداد يطرح السيناريوهات الممكنة في هذا حوار.
نشرت في:
4 دقائق
ليس ما بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كما قبله. هذا ما تؤكده على الأقل كل المعطيات العسكرية والسياسية داخل إسرائيل بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس على الدولة العبرية. إذ يواصل الجيش الإسرائيلي حربا غير مسبوقة على قطاع غزة بهدف إنهاء سيطرة حماس السياسية والأمنية عليه والقضاء على قدراتها العسكرية “بشكل نهائي”.
وقد استبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تسليم القطاع لإدارة السلطة الفلسطينية، مؤكدا أن إسرائيل ستتولى الإدارة الأمنية للقطاع. هذا التصريح جاء بعد تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس عقب لقائه بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن السلطة مستعدة للعودة للقطاع في “إطار حل سياسي شامل”.
إقليميا، عبرت الدول العربية المجاورة وبالخصوص مصر والأردن عن رفضها القاطع لفكرة التهجير القسري للفلسطينيين من القطاع، خصوصا مع نزوح نحو مليون فلسطيني من شمال القطاع إلى الجنوب باتجاه رفح حيث المنفذ الوحيد للقطاع مع العالم الخارجي.
فرانس24 حاورت الخبير الأمني والاستراتيجي الأردني عمر الرداد بخصوص مآل سكان القطاع وإدارته بعد الحرب.
فرانس24: ما تفسيرك لتضارب وتغير التصريحات داخل الحكومة الاسرائيلية حول مستقبل القطاع؟
عمر الرداد: يرتبط تضارب المواقف الإسرائيلية بعمق الأزمة داخل إسرائيل بين المستويين السياسي والعسكري تجاه مستقبل غزة، في ظل سيناريوهات قاسمها المشترك فرض السيطرة على قطاع غزة بأية صورة ولو كانت تتعارض مع القوانين الدولية، ولا يخفى أنها ما زالت في إطارات ردات فعل متشنجة تستبطن رغبات بالانتقام.
نتانياهو استعبد تسليم القطاع لإدارة السلطة الفلسطينية متحدثا عن سيطرة أمنية على غزة، ما القصد برأيك؟
يحاول نتانياهو تقديم رؤى لمستقبل غزة تتسق مع طروحات اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يتخذ موقفا من السلطة الفلسطينية، ومع ذلك يبقى خيار تسليم السلطة المسؤولية في قطاع غزة هو الخيار الأكثر ترجيحا مستقبلا، لا سيما وأن الجامعة العربية والولايات المتحدة بالإضافة للمجتمع الدولي يؤيد عودة السلطة للحكم في غزة.
عملية تحويل غزة لمربعات أمنية تهدف لإحكام السيطرة عليها. ذلك سيكون إجراء مؤقتا لحين الاتفاق على مستقبل الحكم في غزة والسيطرة الأمنية عليها.
الجيش الإسرائيلي ركز عملياته في شمال القطاع، والآن بات معظم سكانه متكدسين في جنوبه، هل تزال عودة السكان إلى بيوتهم شمالا ممكنة؟
من المستعبد أن تتم إعادة نازحي غزة من الجنوب إلى بيوتهم في الشمال في المدى المنظور، وذلك لأن الجيش الاسرائيلي مارس تدميرا ممنهجا لكل قطاع غزة وخاصة الشمال. ويبدو أن إسرائيل تراهن على طول الأزمة وبما يخلق أوضاعا إنسانية صعبة تدفع أهالي غزة لمغادرة القطاع بما في ذلك مناطق جنوب القطاع التي يفترض أنها آمنة. أما حركة حماس فلم يعد أمامها سوى مواصلة التصدي للعملية الإسرائيلية داخل القطاع.
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش صرح الثلاثاء بأن “الحل الأسلم” هو توزيع سكان غزة على دول العالم، هل يعبر هذا التصريح عن وجهة الجناح المتشدد فقط داخل الحكومة؟
طروحات سموتريتش تنسجم مع أفكار اليمين بما فيها ضرب غزة بالنووي، ومقترحه بتهجير سكان غزة لدول العالم غير معزول عن تطرف هذا اليمين، وهذا المقترح يستهدف تحميل المجتمع الدولي مسؤولية سكان غزة وعبر حلول التهجير.
في كل الأحوال، لن يقبل الغزيون أي حكم يأتي على ظهر دبابة إسرائيلية. وهو ما تدركه السلطة الفلسطينية التي تؤكد أنها تتطلع لمرحلة انتقالية يتم خلالها تسليم إدارة القطاع لقوات عربية وتتسلم منها إدارة القطاع وهو ما أعلنت كثير من الدول العربية رفضه وتحديدا مصر والأردن.
بالنسبة إلى المجتمع الدولي، هل هناك ما يشبه “ضوء أخضر” لإسرائيل لفعل ما تريد بالقطاع؟
من الواضح أن المجتمع الدولي مشلول على خلفية التحولات الجيوسياسية. وانعكس ذلك في مجلس الأمن بعدم قدرته على اتخاذ قرارات بوقف القتال وحتى الهدن الإنسانية. كما انعكس بشل قدرة الأمم المتحدة ومنظماتها وتوقفها عن العمل الإغاثي في قطاع غزة. تم استثمار هذا الوضع من قبل إسرائيل في ظل دعم مفتوح تمارسه أمريكا وبريطانيا وفرنسا في المؤسسات الدولية.
عمر التيس
Share this content: