مع اقتراب موعد انطلاق مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب28) المقرر في دبي بالإمارات العربية المتحدة ما بين 30 نوفمبر/تشرين الثاني و12 ديسمبر/كانون الأول، يشرح لنا خالد سليمان كاتب وصحافي مختص في شؤون البيئة والتغير المناخي، أبرز المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالمناخ والبيئة لفهم هذه القمة وكذلك ما تواجهه البشرية والأرض من تحديات آنية ومستقبلية.
نشرت في:
11 دقائق
ينطلق الخميس في دبي مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب28) والذي سيستمر حتى 12 ديسمبر/كانون الأول، بحضور الأطراف الموقِّعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيُّر المناخي.
ويأتي هذا الاجتماع الدولي الجديد ليضاف إلى سلسلة من القمم الأخرى التي أظهرت العديد من الدول من خلالها رغبة في مواجهة ظاهرة التغير المناخي والتدهور البيئي، الذي ساهم حسب عدة مختصين في الظواهر المناخية العنيفة التي ضربت عدة مناطق خلال السنوات الأخيرة.
ولعل من أبرز التحديات التي تواجه المشاركين في مؤتمر دبي هو الاستجابة إلى عدد من الأولويات التي أشار إليها سلطان الجابر مدير شركة النفط الحكومية العملاقة (أدنوك) الذي أثار تعيينه لرئاسة القمة جدلا بين المدافعين عن البيئة، ولخّصها بشكل أساسي في تسريع الانتقال نحو اقتصاد صافي الانبعاثات وإعادة تشكيل التمويل المتعلق بالمناخ.
اقرأ أيضانشطاء بيئيون ينتقدون تعيين الإمارات مدير شركة بترول أبوظبي رئيسا لقمة المناخ “كوب 28”
كما ستكون هذه القمة أول تقييم عالمي للتقدم المحرز منذ اتفاق باريس في 2015، الذي وضع هدفا للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية. ويقول علماء مناخ إن تحقيق هذا الهدف يعتمد على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
كما أشار الجابر خلال حوار أدلى به لوكالة الأنباء الفرنسية في بروكسل في يوليو/تموز الماضي، إلى أن على المؤتمر الدعوة لزيادة قدرة الطاقة المتجددة عالميا بثلاثة أضعاف لتبلغ 11 ألف غيغاوات ومضاعفة فعالية الطاقة وإنتاج الهدروجين إلى 180 مليون طن سنويا بحلول 2030.
لفهم أهداف هذه القمة والتحديات التي تواجه العالم والبشرية بالنظر لآثار التغير المناخي، نتوقف عند مصطلحات ومفاهيم ستكون في صلب نقاشات كوب28، من ذلك: الوقود الأحفوري، التمويه أو الغسل الأخضر Greenwashing، الاحتباس الحراري، إزالة الكربون، الحياد المناخي، التنوع البيولوجي، التنمية المستدامة، والتقييم العالمي GlobalStocktake.
لتسليط مزيد من الضوء على هذه النقاط، حاورنا خالد سليمان صحافي مختص بآثار تغير المناخ والقضايا البيئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومؤلف كتاب “حرّاس المياه.. الجفاف والتغير المناخي في العراق”، وهو يشارك في قمة المناخ 28 بصفته صحافيا دوليا متخصصا.
-
فرانس24: كيف يمكن تعريف الغسل أو التمويه الأخضر؟
خالد سليمان: الغسل الأخضر أو Greenwashing هو مشكلة وظاهرة نشهدها اليوم. فكثير من الشركات العالمية باتت تستخدم الشعارات الخضراء من أجل الترويج لبضاعتها ولتحقيق الأرباح، بدل أن تخدم هذه العناوين الخضراء القضية البيئية والمناخ العالمي والنظم البيئية المحلية والعالمية، بل على العكس هي تساهم في التدهور البيئي، لأن هذه الشركات في الأساس لا تلتزم بالشروط والقوانين والعوامل التي من شأنها خفض الأضرار والخسائر الناجمة عن التغير المناخي والتدهور البيئي. فلذلك، تم إطلاق هذه التسمية أي الغسل الأخضر على هذه الممارسات. هناك مؤسسات وأطراف كثيرة مهتمة بمناقشة هذا الموضوع في مؤتمر المناخ كوب28.
-
ماذا عن الوقود الأحفوري؟
يتكون الوقود الأحفوري من الغاز والنفط والفحم. ساهمت هذه العناصر الرئيسية الثلاثة منذ الثورة الصناعية وإلى غاية اليوم بشكل كبير في المزيد من توليد الكربون في الغلاف الجوي، ولم يتم لحد الآن خفض الوقود الأحفوري في جميع أنحاء العالم، بل بالعكس زاد إنتاج الشركات ومعه تفاقمت الظاهرة. فبالتالي، من المفترض أن يتم التوصل في مؤتمر المناخ 28 إلى اتفاق دولي من شأنه أن يضع حدا لحرق الوقود الأحفوري. إذا لم يتم وضع حد لهذه الظاهرة فسوف يستمر تركيز وتكثيف الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من التدهور المناخي والبيئي في نفس الوقت.
-
ما هي ظاهرة الاحتباس الحراري؟
تنجم ظاهرة الاحتباس الحراري بالتأكيد عن حرق الوقود الأحفوري. إذا تم وضع حد لحرق الوقود الأحفوري فسوف تقل الظاهرة، لكن بدون وضع حد لذلك فسيستمر الاحتباس الحراري على الأرض ما سيؤدي إلى مزيد من التدهور في النظم البيئية، التي تحمي التنوع الأحيائي ومصادر المياه، والتي تساهم أيضا في التساقطات المطرية وإلى ما ذلك من العوامل التي تحافظ على المناخ والبيئة.
-
ما الذي تعنيه عملية إزالة الكربون؟
ألاحظ أنه وبسبب كمية الكربون الموجودة في الغلاف الجوي حاليا (تخطى تركيز ثاني أكسيد الكربون في مايو/أيار 2022 عتبة الـ420 جزءا في المليون)، فحتى ولو تم خفض الوقود الأحفوري إلى الصفر فسوف نلامس زيادة بـ 1.5 درجة حرارة مئوية خلال الثلاثين عاما القادمة. فبالتالي، فإن كل المساعي اليوم تدخل ضمن المجهود العالمي لخفض حرق الوقود الأحفوري من أجل خفض الاحتباس الحراري، لكن إلى الآن ليست هناك وثيقة عالمية تلزم الدول بوضع حد لحرق الوقود الأحفوري. وتتم إزالة الكربون عبر وضع حد لحرق الوقود الأحفوري، ومن جانب آخر وضع حد لإزالة الغابات والغطاء النباتي وهما كفيلان بامتصاص والتقاط الكربون.
ضف إلى ذلك أنه وفيما يستمر حرق الوقود الأحفوري بالتزامن مع عملية إزالة الكربون فإن الاحتباس الحراري يستمر في الزيادة. يتم سنويا إزالة الغابات في ربوع العالم بما يعادل مساحة بلجيكا (30530.00 كيلومتر مربع) وهذه مساحة كبيرة جدا، إذا استمر الوضع بهذه الوتيرة فسوف نفقد المزيد من الغابات ما سيؤدي إلى تفاقم المشكلة البيئية.
اقرأ أيضاالمتحدثة باسم مصنع إزالة ثاني أكسيد الكربون في إيسلندا: “مشروعنا قابل للتطبيق في كل دول العالم”
إضافة لذلك، يمكن الإشارة إلى أن الحكومات في العالم تركز اليوم على دور التكنولوجيا الحديثة في إزالة الكربون، وهذا يتمثل في إنشاء أشجار اصطناعية وهي عبارة عن ماكينات عملاقة تقوم بالتقاط الكربون من الجو وتخزينه في جوف الأرض. لكن هذا الحل ليس مناسبا في ظل وجود حلول قائمة على الطبيعة، لأن الحلول الاصطناعية لن تؤدي إلى إزالة الكربون بنتيجة مرضية. ألاحظ أن الحلول القائمة على الطبيعة هي من الفقرات المهمة المدرجة للنقاش في مؤتمر كوب28.
-
ما هو الحياد المناخي؟
نقصد بالحياد المناخي أنه بقدر ما تولّد شركة ما من شركات العالم أو أية دولة من الدول من الغازات الدفيئة مثل الكربون وغازات الميثان والغازات التي تساهم في الاحتباس الحراري، فيجب عليها أن تساهم بنفس القدر في التقاط الكربون أو تخزينه، من خلال التشجير والسياسات المستدامة والاعتماد على الطاقة المتجددة، تحسين النظم البيئية، وما شابه.
-
ما معنى التنوع البيولوجي أو الأحيائي؟
بالنسبة إلى موضوع التنوع البيولوجي أو الأحيائي، فهو من أهم الفقرات المدرجة على جدول أعمال قمة كوب28، لماذا؟ لأننا نتحدث كبشرية بشكل عام وصحافيين ومؤسسات ومراكز علمية بشكل خاص منذ سنوات عن الانقراض السادس وهو واقع وهو على الطريق. خلال الخمسمئة سنة الماضية تم فقدان ملايين من الأنواع، وحسب الدراسات الأكاديمية فقد تم فقدان 78 ألف نوع من الأنواع وكل نوع طبعا يعد بالملايين، فما بالك بالأرقام الأخيرة التي تتحدث عن المليارات وليس فقط الملايين.
يجب الإشارة أيضا إلى أن الأنواع أي الكائنات الحية تساهم مساهمة كبيرة في إنتاج الغذاء وفي تغذية النظم البيئية وتخصيب التربة وما شابه. فالتربة مسؤولة عن توفير غذائنا من حبوب وبقوليات وخضار وكل شيء، لكن تدهور التربة وفقدان الكائنات الحية التي تعيش فيها يعد خسارة كبيرة في المصادر الغذائية، فمثلا: ديدان التربة أو دودة الأرض مسؤولة عن إنتاج 6.5 بالمئة من الحبوب والبقوليات في العالم، الذي يعتمد غالبية سكانه على الحبوب من قمح وشعير وأرز، لكنها تتعرض اليوم إلى الفقدان جراء سياسات الإفراط في استخدام التربة والكميات الهائلة من المبيدات الحشرية والمواد المخصّبة للأرض، تؤدي كل هذه الممارسات إلى فقدان التنوع الأحيائي في التربة على الأرض وفي جوفها أيضا.
ولو شكلت ديدان الأرض بلداً غنياً، لاحتلت المركز الرابع على مستوى العالم في انتاج الغذاء. انها عملية حسابية دققت فيها صحيفة غارديان البريطانية استناداً الى دراسة جديدة عن الدور الجوهري الذي تلعبه هذه الكائنات الصغيرة الناعمة في اطعام سكان العالمhttps://t.co/CYQBedFnOD
— Khaled Sulaiman (@ksulaiman) November 28, 2023
-
ما هي التنمية المستدامة؟
يتم الحديث كثيرا عن التنمية المستدامة وهي عبارة عن 17 نقطة بما فيها التنوع البيولوجي، حماية النظم البيئية، العدالة المناخية، خفض تأثيرات التغير المناخي على النساء والأطفال والمجتمعات المتضررة، وتقوية دور المجتمعات المحلية. وهي تعني عدم الإفراط في استخدام الموارد الطبيعية وهي ممارسات تستمر لغاية اليوم ما يؤدي إلى نتائج مدمرة على النظم البيئية. كما يمكن القول بأن التنمية المستدامة هي جوهر جميع المؤتمرات العالمية وخاصة قمم المناخ 28 و27 و26 وحتى مؤتمر باريس عام 2015، وقبله منذ بداية المؤتمرات.
لكن إلى الآن لم يتم شرح مفهوم التنمية المستدامة بشكل كاف وواف لإيصال الرسالة إلى المجتمعات. يمكن لنا كإعلاميين وصحافيين أن نتحدث بلغة أخرى نتجاوز فيها المصطلحات التي وضعتها الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى، يجب أن نوصل الرسالة إلى المجتمع وأن نقوم بدور توعوي بخصوص هذا المفهوم، رغم وجود أصوات تقول إن دور الصحافة ليس دورا توعويا، لكن نعم تساهم الصحافة بشكل كبير في توعية الناس بخصوص الموارد والنظم البيئية واستخدامها استخداما بناء وليس مفرطا.
-
ما هو التقييم العالمي وما أهميته؟
المؤتمر الوحيد من ضمن كافة مؤتمرات الأطراف، أنشأ مؤتمر باريس كوب21 مجموعة عمل وضعت جملة من الواجبات التي يجب أن تقوم بها الدول، تحديدا منها التي وقعت على اتفاقية باريس، بوضع تقييم عالمي وتقييم محلي فيما يخص المناخ والتغير المناخي. يجب على كل دولة أن تقوم بتطبيق وتنفيذ البنود التي تم الاتفاق عليها خلال مؤتمر باريس، على أن تقدم كل دولة خلال كل أربع أو خمس سنوات تقريرا إلى منظمة الأمم المتحدة تشرح فيها ما قامت به من أجل تحسين البيئة والنظم البيئية، وكافة النقاط التي تمت الإشارة إليها فيما يتعلق بموضوع التنمية المستدامة أيضا.
من دون وجود هذا التقييم العالمي لمسارات تغير المناخ وتقييم التغيرات التي حصلت خلال السنوات الأخيرة، لا يمكن لنا فعل أي شيء. فمثلا، بالنسبة إلى استخدام الطاقات المتجددة، فيجب الإجابة حول الدور التي تضطلع به المجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات، وأيضا حول موضوع تحسين التنوع الأحيائي، حماية التنوع البيولوجي وتحسين التربة، ومسألة المحافظة على الغطاء النباتي والنظم البيئية والمصادر المائية، وكل المصادر المتجددة تحديدا المياه والتربة والهواء، فمن دون هذا التقييم لا يمكن فعل أي شيء. وعادة ما يتم اتخاذ القرارات في مؤتمرات الأطراف بناء على التقييم الذي تم محليا وعالميا.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.