أدان قادة الدول العربية والإسلامية السبت “الجرائم” التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، خلال قمة عربية إسلامية استثنائية مشتركة في العاصمة السعودية الرياض. واقترحت بعض الدول مشروع قرار يتضمن تهديدا بقطع إمدادات النفط عن إسرائيل وحلفائها الغربيين لكن ثلاث دول عربية، من بينها الإمارات والبحرين رفضت المقترح.
خلال قمة مشتركة في العاصمة السعودية الرياض، ندد قادة الدول العربية والإسلامية السبت بـ” الجرائم” التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
ويأتي هذا الاجتماع الطارئ للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في ظل الحرب المتواصلة بين إسرائيل وحماس بقطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق نفذته الحركة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي داخل الدولة العبرية.
وشدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كلمته الافتتاحية، على أن بلاده “تؤكد تحميل سلطات الاحتلال مسؤولية الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني”.
وتابع “نحن على يقين بأن السبيل الوحيد لتأمين الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة هو إنهاء الاحتلال والحصار والاستيطان”.
اقرأ أيضاالقمة العربية-الإسلامية في الرياض: الرئيس الفلسطيني يتهم إسرائيل بشن “حرب إبادة” في غزة
أما الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي يقوم بأول زيارة إلى السعودية منذ توصل البلدين إلى اتفاق تقارب في آذار/مارس الماضي، فقد دعا الدول الإسلامية إلى تصنيف الجيش الإسرائيلي “منظمة إرهابية”.
ومن جانبه، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن ما يتعرض له الفلسطينيون هو “حرب إبادة”. وأضاف أن “شعبنا يتعرض إلى حرب إبادة على يد آلة الحرب الإسرائيلية التي انتهكت الحرمات وتخطت الخطوط الحمراء في غزة”.
“ممارسات لا إنسانية تعود بنا إلى العصور الوسطى“
ومن جهته، استنكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي معاناة سكان غزة من “ممارسات لا إنسانية تعود بنا إلى العصور الوسطى”.
كما حذر من توسع نطاق الحرب “مهما كانت محاولات ضبط النفس فإن طول أمد الاعتداءات، وقسوتها غير المسبوقة كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها.. بين ليلة وضحاها”.
وقال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني “لا يجوز الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار بل علينا اتخاذ خطوات رادعة لوقف جريمة الحرب المتواصلة بحيث تظهر أيضا ثقل ووزن الدول الإسلامية”.
أما الرئيس السوري بشار الأسد فدعا إلى وقف أي مسار سياسي مع إسرائيل ” لتكون عودته مشروطة بالتزام الكيان بالوقف الفوري المديد لا المؤقت للإجرام بحق كل الفلسطينيين مع إدخال المساعدات لغزة”.
اقرأ أيضاقادة الدول العربية والإسلامية يرفضون سياسة “العقاب الجماعي” ويدعون لوقف فوري لإطلاق النار في غزة
وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة ترفضان حتى الآن مطالب وقف إطلاق النار، وهو موقف كان موضع انتقادات شديدة خلال قمة السبت.
ومن جانبها، أطلقت منظمات إغاثة دولية مناشدات عاجلة للتوصل لوقف إطلاق نار في غزة مع نفاد إمدادات الماء والغذاء والدواء وتعرض أقسام في المستشفيات التي ما زالت تعمل، للقصف، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني وأطباء.
هذا، وكان من المفترض بالأساس أن تعقد الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي قمتين منفصلتين، غير أن وزارة الخارجية السعودية أعلنت باكرا السبت عقد “قمة عربية إسلامية مشتركة غير عادية” بشكل استثنائي السبت.
اختلافات رغم الجهود لـ”توحيد الصف”
وأفادت وزارة الخارجية السعودية في بيان بحسابها على منصة إكس، أن قرار دمج القمتين جاء “استشعارا من قادة جميع الدول لأهمية توحيد الجهود والخروج بموقف جماعي موّحد يُعبّر عن الإرادة العربية الإسلامية المُشتركة”.
لكنّ دبلوماسيين عربيين أبلغا وكالة الأنباء الفرنسية أن قرار الدمج جاء بعد عجز مندوبي دول الجامعة العربية في التوصل لاتفاق حول بيان ختامي.
إذ اقترحت بعض الدول، من بينها الجزائر ولبنان، مشروع قرار يتضمن تهديدا بقطع إمدادات النفط عن إسرائيل وحلفائها الغربيين وقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية التي تقيمها بعض الدول العربية مع إسرائيل، وفق الدبلوماسيين.
لكن ثلاث دول عربية، من بينها الإمارات والبحرين اللتين طبعتا علاقاتهما مع إسرائيل في 2020، رفضت المقترح.
ومن جهتها، قالت حركة الجهاد الإسلامي عشية المؤتمر الجمعة، إنها “لا تتوقع شيئا” من القمة، منتقدة القادة العرب على التأخر في عقد الاجتماع الطارئ.
وقال أمينها العام محمد الهندي في مؤتمر صحفي في بيروت “نحن في فلسطين لا نعلق أي أمل على مثل هذه اللقاءات التي خبرنا نتيجتها سنوات طويلة”.
وتابع “عندما يُعقد هذا المؤتمر بعد 35 يوما، فهذا ينبّهنا بمخرجات هذا المؤتمر. فلا وزن للعرب اليوم في المعادلة الدولية”.
وفي السياق، قالت المحللة المصرية في مركز الأهرام للدراسات السياسية بالقاهرة رابحة سيف علام “هناك حالة من الاصطفاف المبدئي لكن هناك معسكرات مختلفة داخل العالم العربي وهي اختلافات لا يمكن محوها بين يوم وليلة”. وتابعت أن “الهدف الآن هو الاتفاق على حد أدنى يمكن تبنيه لحل الأزمة في غزة خصوصا أن هناك مصالح قومية لدول عربية أخرى مهددة مثل مصر والأردن”.
زيارة أولى منذ 2012 واجتماع مع ولي العهد…
ودعا إبراهيم رئيسي كذلك في كلمته أمام القادة العرب والمسلمين إلى “تسليح الفلسطينيين” في حال “استمرت الهجمات” في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وتعتبر هذه الزيارة الأولى لرئيس إيراني للسعودية منذ زيارة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد لحضور قمة لمنظمة التعاون الإسلامي أيضا في آب/أغسطس 2012.
وذكرت وسائل إعلام رسمية سعودية على منصة إكس أنه بالإضافة إلى الكلمة التي ألقاها أمام القمة، فقد عقد رئيسي اجتماعا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقبيل مغادرته طهران نحو الرياض السبت، قال رئيسي إن “الولايات المتحدة منعت وقف إطلاق النار في غزة وتوسع نطاق الحرب”.
ويذكر أن إيران تدعم حركة حماس وكذلك حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، ما يضعها في قلب المخاوف من احتمال توسع الحرب لتشمل دولا أخرى.
هذا، وأدى الصراع إلى اشتعال مواجهات يومية عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، كما أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن إطلاق “صواريخ بالستية” على جنوب إسرائيل.
ويقول محللون إن السعودية تخشى التعرض لهجمات، لا سيما وأنها تقيم علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، وكانت تجري محادثات لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل قبل اندلاع الحرب.
وأمام حلقة نقاش نظمها معهد دول الخليج العربية في واشنطن الأسبوع الماضي، قالت كيم غطاس، مؤلفة كتاب عن الخصومة الإيرانية السعودية، ، إن “السعوديين يأملون في أن يمنحهم عدم تطبيعهم العلاقات (مع إسرائيل) بعد، ووجود قناة تواصل مع الإيرانيين، بعض الحماية”.
وتابعت “أظن أن الإيرانيين يأملون في أن يوفّر لهم تواصلهم مع السعوديين والحفاظ على تلك القناة، بعض الحماية أيضا”.
يذكر أن الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي داخل الدولة العبرية أدى حسب إسرائيل إلى مقتل 1200 شخص وفق حصيلة جديدة وخطف 239 رهينة.
وبدورها، أدت حملة القصف العنيف والهجوم البري الإسرائيلي منذ ذلك التاريخ على قطاع غزة، إلى مقتل أكثر من 11078 شخصا بينهم أكثر من 4506 أطفال، حسب آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس الجمعة.
فرانس24/ أ ف ب
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.