مظاهرات مناهضة لحماس مؤخرا في جنوب غزة… خبر كاذب تداولته الحكومة الإسرائيلية

مظاهرات مناهضة لحماس مؤخرا في جنوب غزة… خبر كاذب تداولته الحكومة الإسرائيلية


“الشعب يريد إسقاط حماس” هذا ما تداولته في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري حسابات رسمية على منصة إكس (تويتر سابقا) تابعة لدولة إسرائيل ووزارة الخارجية زعمت فيها بخروج مظاهرات مناهضة لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في جنوب قطاع غزة ونشرت مقطع فيديو لهذه الاحتجاجات. ولكن التسجيل المصور يعود إلى فترة ما قبل الحرب وبالتحديد في شهر تموز/ يوليو 2023، عندما تظاهر عدد كبير من المدنيين تنديدا بسوء ظروف العيش في عدة مدن بالقطاع المحاصر.

نشرت في:

8 دقائق

عملية التحقق في سطور

  • أكدت حسابات رسمية تابعة لدولة إسرائيل على منصة إكس (تويتر سابقا) بأن مظاهرات خرجت مؤخرا للتنديد بحركة حماس في شوارع بجنوب قطاع غزة وذلك في تغريدات نشرت في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري وتم حذفها في وقت لاحق.

  • يظهر مقطع الفيديو -الذي ما يزال متداولا- في الحقيقة مشاهد التقطت في 20 تموز/ يوليو 2023 مثلما يقول صاحب الفيديو لفريق تحرير مراقبون فرانس24.

  • كما أن عناصر مرئية أخرى على غرار العلم الذي يرفع شعارات هذه المظاهرات تشير إلى أن التسجيل المصور قد التقط بالفعل قبل الحرب بين إسرائيل وحماس التي اندلعت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

  • كما أن المشهد المصور لم يلتقط في جنوب قطاع غزة بل في شماله وهو ما تؤكده تنسيقية تحديد المواقع الجغرافية “جيو كونفيرمد GeoConfirmed” ولم يعثر فريق تحرير مراقبون على مؤشرات تشير إلى وجود هذه المظاهرة مؤخرا.

عملية التحقق بالتفصيل

منذ يوم 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، ادعت عدت حسابات على منصة إكس وتطبيق تيك توك بأن مظاهرات مناهضة لحركة المقاومة الإسلامية حماس خرجت في جنوب قطاع غزة وقد تم تداول مقطع فيديو لهذه الاحتجاجات. وتم تداول هذه التسجيل المصور من داعمين لإسرائيل ولكن أيضا من حسابين تابعين لحكومة الدولة العبرية.

“انظروا إلى المشاهد التي تحدث في جنوب قطاع غزة حيث خرج رجال برايات بيضاء رافعين شعارات مناهضة لحماس” هذا ما كتبته حسابات رسمية تابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية وحساب دولة إسرائيل الرسمي في منشورات على منصة إكس في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.

صورة مثبتة من تغريدة على حساب دولة إسرائيل الرسمي على منصة إكس في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 ينقل مقطع فيديو لمظاهرات في غزة تعود في الحقيقة لشهر تموز/ يوليو 2023. وتم حذف هذه المنشورات بين يومي 25 و26 من هذا الشهر. مراقبون

في هذا التسجيل المصور الذي لا يتجاوز طوله عشرين ثانية، يمكن لنا أن نرى عشرات المتظاهرين وهو يصرخون “الشعب يريد إسقاط حماس”، وقد رفع عدد كبير منه رايات كتب على أحدها “بدنا نعيش”.

مقطع فيديو التقط في تموز/ يوليو بشمال قطاع غزة

منذ 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، تواصل حسابات على منصة إكس وتطبيق تيك توك في تداول نفس مقطع الفيديو. فيما قامت الحسابات الرسمية التابعة للدولة العبرية بحذف منشوراتها ولكن ما يزال الاطلاع على التغريدات ممكنا بالاعتماد على روابط حفظت في الأرشيف. كما أن الفيديو لا يزال منشورا على حساب سفارة اسرائيل في فرنسا على فيس بوك.

في الساعات التي تلت نشر هذه المقاطع المصورة، سرت الشكوك بين مستخدمي الإنترنت حول حقيقة هذه الصور.

وأخطرنا مراقبنا في غزة مدحت حجاج في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري بأن فكرة خروج مظاهرة في حد ذاتها ضد حركة حماس ”ليست مطروحة البتة في السياق الحالي”.

ويؤكد مراقبنا أنه لا أحد من معارفه سمع بخروج مثل هذه المظاهرة. وبعد عملية بحث على الإنترنت، لم يعثر فريق تحرير مراقبون على أي معلومات بشأن مظاهرات خرجت مؤخرا في غزة.

في الواقع، لم يتم التقاط مقطع الفيديو في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري في جنوب غزة، بل في شهر تموز/ يوليو الماضي في مخيم جباليا بشمال القطاع.

وأشارت تنسيقية تحديد المواقع الجغرافية “جيو كونفيرمد “GeoConfirmed إلى أن التسجيل المصور تم التقاطه بالقرب من مكاتب الإدارة المحلية لمجلس جباليا. أي في الجزء الشمالي من القطاع وليس في الجنوب عكس ما أكدته حسابات رسمية لدولة إسرائيل على منصة إكس.

وفي اتصال مع فريق تحرير مراقبون فرانس24، أكد صاحب الفيديو وهو من سكان غزة واسمه أحمد العطلة بأنه هو من صوّر هذا التسجيل في نهاية تموز/ يوليو 2023. ويصف مستخدم الإنترنت هذا الذي ما يزال اسم حسابه (Ahmad_Elotla) ظاهرا حتى الآن في مقاطع الفيديو المتداولة على الإنترنت، نفسه بأنه مصور فوتوغرافي من قطاع غزة.

ويؤكد أحمد العطلة أنه تم تصوير مقطع الفيديو خلال مظاهرات خرجت في عدة مدن بالقطاع يوم 30 تموز/ يوليو الماضي. وهو تأكيد يتطابق مع صورة من الشاشة أرسلها لنا هذا الأخير تظهر معطيات تسجيل الفيديو.

صورة من الشاشة من بيانات مقطع الفيديو الذي سجله أحمد العطلة من هاتفه وتشير إلى أن مقطع الفيديو التقط في يوم السبت 30 تموز/ يوليو 2023 عند الساعة 11 و25 دقيقة صباحا.
صورة من الشاشة من بيانات مقطع الفيديو الذي سجله أحمد العطلة من هاتفه وتشير إلى أن مقطع الفيديو التقط في يوم السبت 30 تموز/ يوليو 2023 عند الساعة 11 و25 دقيقة صباحا. مراقبون

“الفيديو تم تصويره قبل الحرب بفترة قليلة لمظاهرات ضد غلاء الأسعار والحصار وليس له أي علاقة بالحرب ولم يتم تصويره خلال الحرب” هذا ما أكده أحمد العطلة لفريق التحرير وفي مقطع فيديو نشره على حسابه في تطبيق تيك توك يوم 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.

وبالرغم من أنه من الممكن التلاعب ببيانات تاريخ التقاط تسجيل مصور، فإن التاريخ الظاهر على الصورة المثبتة من هاتف أحمد العطلة تتطابق مع تاريخ خروج مظاهرات في عدة مدن من قطاع غزة بينها مخيم جباليا.

وكانت عدة وسائل إعلام بينها وكالة أسوشيتد برس وصحيفة نيويورك تايمز قد تحدثت في تلك الفترة عن مظاهرات غير مسبوقة في قطاع غزة احتجاجا على ظروف العيش الصعبة ونقص إمدادات الكهرباء.

وفي مقالات أخرى، على غرار قناة “آي 24 نيوز” الإسرائيلية ومقاطع فيديو على تطبيق تيك توك نرى صورا لهذه المظاهرات في مخيم جباليا.

“بدّنا نعيش”

خلال هذه المظاهرات، التي بدأت يوم 30 تموز/ يوليو واستمرت لبضعة أيام، رفع المتظاهرون شعار “بدّنا نعيش”.

كما أن بعض مستخدمي الإنترنت أشاروا إلى أن مخيم جباليا تعرض للقصف من الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب بين حماس وإسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ولم تعد شوارعه تشبه صور المنطقة في مقطع الفيديو الملتقط في تموز/ يوليو الماضي.

ومع أن عدة صور تثبت أن جزءا كبيرا من مخيم جباليا للاجئين تحول إلى أنقاض بسبب القصف الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لم يتمكن فريق تحرير مراقبون من التأكد من وضع هذه المنطقة بعد مشاهدة صور من الأقمار الاصطناعية مؤخرا ملتقطة للمكان الذي صور فيه الفيديو وبالتحديد بلدية جباليا.

ولا تظهر الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية التابعة لشركة بلانيت قبل الحرب (في 4 حزيران/ يونيو الماضي) وفي 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري أي بعد أكثر من شهر على بداية القصف الإسرائيلي أي دمار في المنطقة التي التقط فيه مقطع الفيديو محل النقاش. 

صور ملتقطة من أقمار اصطناعية تابعة لشركة بلانيت في 4 حزيران/ يونيو 2023 (على اليسار) وأخرى صورت في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري (على اليمين).
صور ملتقطة من أقمار اصطناعية تابعة لشركة بلانيت في 4 حزيران/ يونيو 2023 (على اليسار) وأخرى صورت في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري (على اليمين). ومن خلال مقارنة هاتين الصورتين، لا نلاحظ أي فوارق كبيرة بين المباني وهو ما يعني أن الأضرار التي تسبب بها القصف الإسرائيلي لم تشمل المنطقة الظاهرة في مقطع الفيديو (باللون الأحمر). شركة بلانيت لابس بي بي سي/ تركيب فريق تحرير مراقبون

تخبّط سببه تاريخ نشر مقطع الفيديو

يعود التخبط الذي رافق حقيقة هذا المقطع المصور بالأساس إلى أن أحمد العطلة نشر هذا التسجيل على حسابه في تطبيق تيك توك في يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري أي بعد نحو ثلاثة أشهر من حدوث المظاهرات.

وأكد المصوّر المقيم في غزة لفريق تحرير مراقبون أنه نشر هذا المقطع المصور عن طريق الخطأ وقد قام بحذفه في وقت لاحق (تم حفظه في الأرشيف عبر هذا الرابط).

Share this content:


اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading