مجلس الأمن يبحث الوضع في الشرق الأوسط، ومسؤول أممي يجدد الدعوة لوقف إنساني لإطلاق النار في غزة

مجلس الأمن يبحث الوضع في الشرق الأوسط، ومسؤول أممي يجدد الدعوة لوقف إنساني لإطلاق النار في غزة


بدعوة من دولة الإمارات العربية المتحدة، عقد مجلس الأمن، صباح يوم الجمعة، جلسة طارئة حول الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية.

وأفاد خالد خياري باستمرار العمليات البرية الإسرائيلية المكثفة والقتال بين القوات الإسرائيلية وحماس وغيرها من الفصائل في معظم المناطق. وتواصل حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل. ولا يزال المدنيون من كلا الجانبين، وخاصة في قطاع غزة، يتحملون وطأة هذا الصراع، حسبما قال.

ولمنع تكرار الحرب ودورة العنف التي لا نهاية لها، شدد خياري على ضرورة أن تتوقف الأعمال العدائية الحالية في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة بخطة لدفع الأطراف بشكل جاد نحو التوصل إلى حل تفاوضي.

وقال خياري إنه يتعين علينا استعادة الأفق السياسي والتحرك نحو الإمكانية الوحيدة القابلة للتطبيق لتحقيق مستقبل سلمي – وهو حل الدولتين، حيث تكون غزة جزءا لا يتجزأ من دولة فلسطينية مستقلة، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل، في سلام وأمن، على أساس على خطوط عام 1967 وتكون القدس عاصمة للدولتين، وذلك تماشيا مع قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي.

الوضع في الضفة الغربية

أما في الضفة الغربية المحتلة، فقد استمرت التوترات المتصاعدة بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينيين، واستمر العنف المكثف والقيود واسعة النطاق على الحركة. 

وقال خياري إن الأسابيع الأخيرة شهدت بعض العمليات الإسرائيلية الأكثر كثافة في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية. “وقع العديد من الضحايا الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة في سياق العمليات الإسرائيلية في المنطقة (أ)، بما في ذلك بعض الضحايا خلال اشتباكات مسلحة لاحقة”.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، قُتل 304 فلسطينيي، من بينهم 79 طفلا، في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. وقال إن عنف المستوطنين يظل مصدر قلق بالغ ويستمر بمستويات عالية. 

 

خطر امتداد الصراع إقليميا

وحذر المسؤول الأممي من أن خطر امتداد هذا الصراع على المستوى الإقليمي، لا يزال مرتفعا، مع عواقب مدمرة محتملة على المنطقة بأكملها. ونبه إلى أن التبادل اليومي المستمر لإطلاق النار عبر الخط الأزرق يشكل خطرا جسيما على الاستقرار الإقليمي. 

ومع تزايد خطر سوء التقدير ومزيد من التصعيد مع استمرار الصراع في غزة، قال الخياري إن من الأهمية بمكان أن تقوم جميع الأطراف الفاعلة على الفور بوقف التصعيد والعودة إلى وقف الأعمال العدائية.

من ناحية أخرى، أشار خياري إلى الهجمات على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا بشكل يومي، حيث تنفذ الولايات المتحدة بعض الضربات الجوية ضد الجماعات المشتبه في قيامها بهذه الأعمال في العراق وسوريا. كما وردت أنباء عن غارات جوية إسرائيلية داخل سوريا.

وقال خياري إن التهديد الحوثي المستمر للملاحة البحرية في البحر الأحمر يشكل مصدر قلق متزايد. “فهو يهدد بتفاقم التوترات الإقليمية، ومزيد من التصعيد، كما أن له عواقب سياسية واقتصادية وإنسانية خطيرة محتملة على الملايين في اليمن والمنطقة”.

وقال إن الأمم المتحدة تواصل تشجيع وقف التصعيد ووقف الهجمات والتهديدات حتى تتمكن حركة المرور عبر البحر الأحمر من العودة إلى حالتها الطبيعية وتجنب خطر جر اليمن إلى حرب إقليمية. وتؤكد الأمم المتحدة أهمية ضمان احترام القانون الدولي بالكامل فيما يتعلق بالملاحة البحرية.

وناشد جميع أعضاء المجتمع الدولي أن يبذلوا كل ما في وسعهم لاستخدام نفوذهم على الأطراف المعنية لمنع تصعيد الوضع في المنطقة.

“عملية مستقبلية تتعلم من أخطاء الماضي”

واستمع المجلس أيضا إلى إحاطة من نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي ونائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، مروان المعشر، والذي قال إن الأزمة في فلسطين وإسرائيل لا يمكن حلها “بالتمسك بالنماذج القديمة التي لم تنجح”. وقال إن جميع السيناريوهات التي طرحت حتى الآن غير واقعية لأنها تركز على اليوم التالي للحرب في غزة، بدلا من تقديم حلول ضمن حزمة شاملة تعالج السبب الجذري للمشكلة المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي.

وأكد السيد المعشر على أن الظروف الحالية لدى الأطراف المحورية – إسرائيل وفلسطين والولايات المتحدة – غير مواتية لإجراء عملية سياسية جادة. وعرض على المجلس رؤيته لعناصر النجاح لعملية مستقبلية تتعلم من أخطاء الماضي- بما في ذلك تحديد إطار زمني لإنهاء الاحتلال من بين العديد من العناصر الأخرى، التي ستجعل مسألة من يحكم غزة خطوة على طريق إنهاء الاحتلال بدلا من غاية في حد ذاتها.

وقال المعشر إن خيار السعي لعملية على غرار العمليات السابقة موجود، “لكنه سيفشل، مع استمرار العنف في تحديد عالم الفلسطينيين والإسرائيليين في المستقبل المنظور”. وأضاف: “إما أن يتم اتخاذ قرار جريء لإنهاء الصراع الآن، ومحاولة تفعيل حل الدولتين القابل للحياة مع الاستمرار رغم الصعوبة الكبيرة، أو سيتعين على العالم أن يتعامل، ليس فقط مع الاحتلال، ولكن مع مسألة الفصل العنصري الأكثر صعوبة. الخيار يعود لنا”.

مروان المعشر، نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي ونائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، متحدثا في مجلس الأمن.

 

المجلس النرويجي للاجئين

واستمع المجلس كذلك إلى إحاطة من إيتاي إبشتين، كبير مستشاري المجلس النرويجي للاجئين، والذي سلط الضوء على الملاحظات القانونية التي تدعم استجابة المجلس النرويجي للاجئين للأزمة الإنسانية. وقال: “بعضها يصور الانتهاكات الخطيرة التي تم ارتكابها وما زالت تحدث، والبعض الآخر يتعلق بالفظائع المتعمدة التي ينبغي أن يمنعها هذا المجلس الموقر”.

وأشار إلى أن جميع الأطراف – الجماعات الفلسطينية المسلحة وإسرائيل – أظهرت استهتارا بأعراف القانون الدولي، بما فيها القواعد الأساسية للقانون الإنساني الدولي. وشدد على أن المجلس النرويجي للاجئين أدان أعمال العنف الوحشية التي تشنها حماس ضد المدنيين الإسرائيليين، ويواصل الدعوة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن على الفور. كما يدعو إلى معاملة المعتقلين الفلسطينيين معاملة إنسانية، بما يتماشى مع القانون الدولي. 

وأضاف: “إن نفس اليقين القانوني يجب أن يعني أيضا وقف الهجوم الإسرائيلي (على غزة) قبل أن يودي بحياة المزيد من المدنيين، والعديد منهم من النساء والأطفال”.

إيتاي إبشتين، كبير مستشاري المجلس النرويجي للاجئين متحدثا إلى مجلس الأمن عبر الفيديو.

 

الإمارات

السفيرة لانا زكي نسيبة، الممثلة الدائمة لدولة الإمارات العربية لدى الأمم المتحدة، قالت إن الإحاطات التي استمع إليها أعضاء المجلس أكدت مدى أهمية الاجتماع. وتابعت: “في هذه الحرب الأخيرة ضمن هذا الصراع المستمر منذ عقود، من الواضح أننا على مفترق طرق”، مشيرة إلى أن أعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم الإمارات العربية المتحدة، “يتعين عليهم اتخاذ قرارات جريئة وربما غير مريحة”.

وحذرت من أن البديل هو “مشهد الجحيم” في غزة الممتد إلى الضفة الغربية، وإسرائيل، ولبنان، وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط. وأضافت: “لقد برهنت غزة في عام 2023 قدرة البشر الهائلة على إلحاق رعب لا يوصف ببشر آخرين”.

وأشارت إلى الوضع اليائس للمدنيين في القطاع وسط القصف المستمر من قبل القوات الإسرائيلية، والذي لا يعرض حياة الفلسطينيين فحسب، بل يعرض أيضا للخطر حياة الرهائن الإسرائيليين المتبقين في القطاع.

وقالت: “في مواجهة عمليات القتل والدمار هذه، أعدنا جميعا اكتشاف الحاجة الملحة لتحقيق حل الدولتين كوسيلة للمضي قدما بهدف الخروج من هذا المأزق”، وحثت على “اتخاذ إجراءات حاسمة” لإبقائه على المسار الصحيح.

السفيرة لانا زكي نسيبة، الممثلة الدائمة لدولة الإمارات العربية لدى الأمم المتحدة، متحدثة في الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الذي عقد بدعوة من بلادها.

 

فلسطين

متحدثا في الجلسة، قال نائب المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، السفير ماجد بامية إن قتل المدنيين الفلسطينيين ليس من الآثار الجانبية للحرب، مضيفا أن “الهجوم الإسرائيلي الذي يهدف إلى القتل الجماعي والعشوائي للمدنيين، والكارثة الإنسانية في غزة ليست نتيجة للحرب. إنها أداة تستخدمها إسرائيل للضغط على الناس وإجبارهم على الخروج”. 

وأوضح كذلك أن “المجاعة في طور التكوين ليست نتيجة غير مرغوب فيها للحرب، بل تجويع كأداة للحرب”. وأشار إلى أن القتل العشوائي والاعتقال الجماعي، وتصوير عملية إذلال الفلسطينيين والاختفاء القسري والاختطاف، وبعض عمليات الإعدام التي تهدف إلى ترويع الشعب الفلسطيني برمته، هي “اعتداء كامل” على 2.3 مليون فلسطيني محاصرين ويتعرضون للقصف والتهجير منذ أكثر من 80 يوما. 

وقال بامية إن “من تجرأ حتى الآن على إيجاد طريقة أو أخرى لتبرير ما يحدث في قطاع غزة، سيتعين عليه أن يتحمل العار إلى الأبد”. وأضاف أن من دعا إلى عدم الانتقام وعدم اللجوء إلى العنف، “يجب عليهم أن يدعموا جهودنا لتحقيق العدالة. وهذا هو الطريق الذي اخترناه. العدالة وليس الانتقام”، منبها إلى أنه حتى الآن “ما زال هذا المسار مسدودا في وجه الشعب الفلسطيني”. وأكد أنه إذا لم يتم استعادة الأمل ولم تَسُد الحرية، “فلن يستطيع أحد التنبؤ بالفصل التالي من هذه المأساة”.

نائب المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، السفير ماجد بامية متحدثا في مجلس الأمن.

 

إسرائيل

أعرب الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان في كلمته أمام الجلسة عن “الصدمة إزاء رغبة هذا المجلس في إضاعة وقته في التركيز على ظاهرة التطرف الهامشية هذه بينما تشتعل المنطقة بأكملها. والسبب الحقيقي لهذه النار المستعرة يحظى بالصمت التام هنا”.

وأشار أردان إلى أن القضية محل النقاش في مجلس الأمن هي “نتيجة للصراع، وليست السبب الجذري له”. وأفاد بأن العنف المتطرف ضد الفلسطينيين آخذ في التراجع في الضفة الغربية، مؤكدا أن بلاده تدين جميع أعمال العنف، ويتم اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة ذلك العنف، مضيفا “نحن نبذل قصارى جهدنا لتقديم جميع الجناة إلى العدالة”.

وقال أردان: “دعونا نتحدث عن الظاهرة المنتشرة التي تهدد الوضع في الضفة الغربية حقا؛ الإرهاب الفلسطيني”. وأضاف أنه “حينما يتم ارتكاب إرهاب فلسطيني ضد الإسرائيليين، فإن الأمم المتحدة إما تشوه أو تتجاهل الحقائق المتعلقة بضحايا الإرهاب الإسرائيليين”. 

وأكد أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية لها هدف واحد فقط وهو “إبطال قنابل الإرهاب الموقوتة”. وقال مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة إنه ليس هناك سوى حل واحد لإنهاء الحرب في غزة على الفور وهو أنه “يتعين على إرهابيي حماس تسليم أنفسهم، وإطلاق سراح جميع الرهائن. هذا هو الحل الوحيد”. 

الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان متحدثا في مجلس الأمن.

 

Share this content:


اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading