رفضت إسرائيل الجمعة، في اليوم الثاني لجلسات الاستماع بمحكمة العدل الدولية، الاتهامات التي وجهتها إليها جنوب أفريقيا بأن العملية العسكرية التي تنفذها في قطاع غزة هي حملة “إبادة جماعية” تهدف للقضاء على السكان الفلسطينيين. ووصفت تل أبيب ما تقدمت به بريتوريا بأنه “قصة مشوهة بشكل صارخ”.
نشرت في:
6 دقائق
دعت إسرائيل القضاة في محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى رفض طلب جنوب أفريقيا المتعلق بوقف هجومها على قطاع غزة الفلسطيني، قائلة إن ذلك سيمنعها من الدفاع عن نفسها. كما رفضت إسرائيل اتهامها بارتكاب “إبادة” بحق الفلسطينيين ووصفت ما تقدمت به بريتوريا إلى المحكمة بأنه “تشويه للحقائق”.
وقالت جنوب أفريقيا إن الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي، الذي دمر مساحات واسعة من القطاع الساحلي الضيق وقتل أكثر من 23 ألف فلسطيني وفقا للسلطات الصحية في غزة، يهدف إلى “القضاء على السكان” في قطاع غزة.
“حقيقة مشوهة بشكل عميق”
وقال كبير المحامين المدافعين عن إسرائيل في المحكمة تال بيكر إن جنوب أفريقيا “قدّمت إلى المحكمة للأسف حقائق وصورة سردية وقانونية مشوّهة بشكل عميق”. وأضاف “كامل حججها يستند إلى وصف يتعمد إخراج الأمور من سياقها والتلاعب بحقيقة الأعمال القتالية الحالية”. وشدد على أن إسرائيل “لا تسعى لتدمير” الشعب الفلسطيني. وأكد بيكر “ما تسعى إليه إسرائيل من خلال عملياتها في غزة ليس تدمير الشعب بل حماية شعب، شعبها الذي يواجه هجمات على جبهات عدة”.
وأردف قائلا “إذا كانت هناك أعمال إبادة جماعية، فقد ارتُكبت ضد إسرائيل… حماس تسعى إلى إبادة إسرائيل”. وأضاف بيكر “المعاناة الشديدة للمدنيين، الإسرائيليين والفلسطينيين، هي أولا وقبل كل شيء نتيجة لاستراتيجية حماس”، وقال إن إسرائيل من حقها الدفاع عن نفسها. وتنفي حماس المزاعم الإسرائيلية بأن مقاتليها يختبئون بين المدنيين.
واستطرد قائلا “إسرائيل تخوض حربا دفاعية ضد حماس، وليس ضد الشعب الفلسطيني، حتى تضمن عدم نجاحها (الحركة)”، مضيفا أن “العنصر الأساسي في الإبادة الجماعية، هو النية لتدمير شعب كليا أو جزئيا، غير موجود على الإطلاق”.
ونظم مؤيدون للفلسطينيين مسيرة في لاهاي حاملين الأعلام ويعتزمون متابعة الإجراءات على شاشة عملاقة أمام قصر السلام. وبينما كان بيكر يتحدث رددوا هتافات تقول “كاذب! كاذب!”. كما ينظم مؤيدون لإسرائيل تجمعا منفصلا لأفراد عائلات الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
وقال بيكر إن من خلال مطالبة المحكمة بإصدار أمر بوقف العملية العسكرية في غزة، فإن “مقدمة الطلب تسعى إلى تقويض حق إسرائيل الأصيل في الدفاع عن نفسها… وتركها عاجزة عن الدفاع عن نفسها”. وأضاف “يجب رفض الطلب (المقدم من جنوب أفريقيا) لما يمثله من تشهير”.
وقالت إسرائيل إن جنوب أفريقيا تعمل كبوق لحركة حماس التي تسعى لتدمير إسرائيل وتعتبرها العديد من دول الغرب منظمة إرهابية. وتنفي جنوب أفريقيا هذا الاتهام. وقرارات محكمة العدل الدولية نهائية لا تقبل الاستئناف لكنها لا تملك وسائل لإنفاذ أحكامها.
“إجراءات موقتة”
وتريد جنوب أفريقيا أن تفرض محكمة العدل “إجراءات موقتة”، وهي أوامر قضائية عاجلة تطبّق فيما تنظر في جوهر القضية الأمر الذي قد يستغرق سنوات.
وتريد بريتوريا التي رفعت الدعوى في ديسمبر/كانون الأول أن يأمر قضاة المحكمة إسرائيل بالوقف “الفوري” لحملتها العسكرية على قطاع غزة التي باشرتها بعد هجوم حركة حماس غير المسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي خلف نحو 1140 قتيلا غالبيتهم من المدنيين بحسب تعداد لوكالة الأنباء الفرنسية استنادا إلى أرقام إسرائيلية.
اتفاقية منع جريمة “الإبادة” لعام 1948
وتعرف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي صدرت في أعقاب القتل الجماعي لليهود في المحرقة النازية، الإبادة الجماعية بأنها “أفعال مرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية”.
ومنذ أن بدأت إسرائيل حملتها العسكرية اضطر كل سكان القطاع تقريبا، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، إلى النزوح من منازلهم مرة واحدة على الأقل مما تسبب في كارثة إنسانية.
ولطالما دافعت جنوب أفريقيا بعد حقبة الفصل العنصري عن القضية الفلسطينية، وهي العلاقة التي تشكلت عندما رحبت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات بنضال المؤتمر الوطني الأفريقي ضد حكم الأقلية البيضاء.
ومن المتوقع أن تصدر المحكمة حكما بشأن إجراءات عاجلة محتملة هذا الشهر لكنها لن تصدر حكما في ذلك الوقت متعلق باتهامات الإبادة الجماعية إذ يمكن لتلك المسألة أن تستغرق سنوات.
الادعاءات “لا أساس لها”
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر “في الواقع يستمر الذين يهاجمون إسرائيل بعنف في الدعوة صراحة إلى القضاء على إسرائيل وقتل اليهود”. لكن واشنطن نأت بنفسها عن بعض الانتقادات الإسرائيلية الموجهة إلى جنوب أفريقيا.
فردا على سؤال حول اتهام إسرائيل لجنوب أفريقيا بأنها “الذراع القانونية” لحركة حماس، أكد فديانت باتيل الناطق الآخر باسم وزارة الخارجية الأمريكية لصحافيين “هذه ليست عبارة أستخدمها للكلام عن شركائنا الجنوب أفريقيين”. وأضاف باتيل “لكن مرة جديدة نستمر في اعتبار الادعاءات التي تفيد أن إسرائيل ترتكب إبادة، لا أساس لها”.
تركيا تزود المحكمة بالوثائق
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة إن تركيا تقدم وثائق لقضية رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية” ضد المدنيين الفلسطينيين.
وفي حديثه للصحافيين في إسطنبول، قال أردوغان إن تركيا ستواصل تقديم الوثائق، ومعظمها صور، حول الهجمات الإسرائيلية على غزة. وتابع “أعتقد أن إسرائيل ستتم إدانتها هناك. نحن نؤمن بعدالة محكمة العدل الدولية”.
فرانس24/ أ ف ب/ رويترز
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.