بعدما اعتبر اليمين المتطرف إصداره في 19 ديسمبر/كانون الأول 2023 “انتصارًا أيديولوجيًا”، سيتخذ المجلس الدستوري الفرنسي الخميس قراره بشأن مشروع قانون مثير للجدل والانقسامات حول الهجرة. ويتضمن هذا القانون العديد من التدابير الخلافية، مثل تشديد الوصول إلى المزايا الاجتماعية، وتحديد حصة الهجرة أو إعادة العمل ببند “جريمة الإقامة غير القانونية”. وهو ما أطلق العديد من المظاهرات الاحتجاجية عليه من تيار اليسار وأثار انقساما حتى في معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته التي تقدمت بمشروع القانون.
نشرت في:
4 دقائق
سيصدر المجلس الدستوري الفرنسي الخميس بأعضائه التسعة قراره بشأن مشروع قانون الهجرة الذي أثار انقسامات في معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون ولغطا مجتمعيا واسعًا، فيما اعتبره اليمين المتطرف “انتصارًا أيديولوجيًا”.
اعتمد البرلمان هذا النص في 19 كانون الأول/ديسمبر وهو يقلّص الإعانات الاجتماعية للأجانب، ويحدّد الحصص الخاصة بالهجرة، ويعيد النظر في قانون الحصول على الجنسية تلقائيا بمجرد الولادة في فرنسا، ويعيد العمل بـ”تجريم الإقامة غير الشرعية”.
وسيقرر الأعضاء التسعة في المجلس المسؤول عن الحكم على مدى دستورية القوانين، ما إذا كانوا سيرفضون النص بمجمله أو جزءًا منه أم لا.
باعتراف وزير الداخلية جيرالد دارمانان، تتعارض الكثير من الأحكام في هذا النص “بشكل واضح مع الدستور” ويأمل البعض داخل السلطة التنفيذية علنًا في رفض جزء من بنوده. ويرى خبراء أنه يمكن إبطال عشرات التدابير في النص المثير للجدل.
مع ذلك، دافع الرئيس إيمانويل ماكرون عن النص الذي شُددت أحكامه إلى حد كبير بموجب تسوية مع اليمين وتم اعتماده مع تصويت حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) لصالحه.
وفي 20 كانون الأول/ديسمبر، اعتبر ماكرون في مقابلة تلفزيونية غداة التصويت أن هذا القانون هو “الدرع التي نفتقر إليها”، مقرًّا بأن بعض البنود “لا ترضي” البعض ورافضًا فكرة تكريس “مبدأ الأفضلية الوطنية”.
من جهته، اعتبر حزب التجمع الوطني أن اعتماد النص يشكّل “انتصارًا أيديولوجيًا” له.
غير أنّ هذا القانون أدّى إلى إحداث شرخ في المعسكر الرئاسي ودفع وزير الصحة أوريليان روسو إلى الاستقالة.
ورغم العاصفة التي أحدثها القانون، فضّلت الحكومة التوصل إلى اتفاق مع اليمين وتجنّب فشل ذريع في الجمعية العامة حيث لا يمكنها الاعتماد إلّا على أغلبية نسبية، وذلك قبل أشهر من الانتخابات الأوروبية التي يُتوقع أن يفوز فيها اليمين المتطرف.
وقرر ماكرون إحالة الأمر إلى المجلس الدستوري، وكلّفه فعليًا بدور الحكم السياسي حول نص مثير للجدل أدى إلى خروج عشرات آلاف المعارضين إلى الشارع الأحد.
“وضع سياسي معقّد”
غير أن هذه الاستراتيجية لم تلقَ إعجاب الجميع. فاعتبر رئيس المجلس الدستوري لوران فابيوس الذي سبق أن شغل منصب رئيس الوزراء في فرنسا، أن المجلس “ليس غرفة استئناف لاختيارات البرلمان”.
وقال أحد النواب الـ27 من المعسكر الرئاسي الذين صوتوا ضدّ القانون إن وظيفة المجلس ليست “إصلاح هفواتنا”.
وفوجئ بعض الخبراء في القانون الدستوري برؤية الحكومة تتعهد بتمرير نص تعرف أن بعض أجزائه تخالف للدستور.
ويقول الخبير في القانون الدستوري جان-فيليب دوروزييه “هذه ليست المرة الأولى التي تحتفظ فيها حكومة ببنود مثيرة للجدل لتمريره في التصويت، لكنها المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن هذه الاستراتيجية والاعتراف بها على هذا النحو”.
ومن المتوقع أن يصدر القرار بعيد الرابعة من بعد ظهر الخميس (15:30 بتوقيت غرينتش) وأن يكون قرارًا طويلًا في ما يتعلق بالنص الذي انتقل من 27 إلى 86 مادة بعد المفاوضات التي جرت بشأنه.
ويفرض أحد الإجراءات الأكثر إثارة للجدل على غير الأوروبيين حدًا أدنى لفترة الإقامة المطلوبة للاستفادة من المزايا الاجتماعية بما فيها المساعدات العائلية والتي حددت بخمسة أعوام بالنسبة لمن لا يعملون مقابل 30 شهرًا للباقين.
ويضمّ النص كذلك تشديدًا لشروط لمّ شمل الأسرة مثل تمديد مدة الإقامة المطلوبة من 18 إلى 24 شهرًا، ما يعتبره المعارضون انتهاكًا للحق في حياة عائلية طبيعية.
وترى الخبيرة في القانون الدستوري شارلين بيزينا أن المجلس الدستوري “يجد نفسه في وضع سياسي معقّد … إذ يعلم أنه إذا رفض الكثير من البنود فسيخدم بذلك المعسكر الرئاسي. بالتالي فإن قراره سيكون سياسيًا للغاية حتى وإن حكم فقط على دستورية القوانين”.
فرانس24/ أ ف ب
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.