طالبت نقابات الأطباء وإدارات المستشفيات في فرنسا بتسوية عاجلة لأوضاع الأطباء الأجانب الممارسين في البلد والمتخرّجين من جامعات من خارج الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد انتهاء آلية توظيف استثنائية خاصة بهم مؤخرا، وسط تحذيرات من أن البلاد “لا غنى لها عنهم” وأن “النظام الصحي سينهار” من دونهم.
نشرت في:
5 دقائق
دعت نقابات الأطباء وإدارات المستشفيات الفرنسية بإلحاح إلى تسوية أوضاع الأطباء الأجانب الممارسين في البلد والمتخرّجين من جامعات من خارج الاتحاد الأوروبي بصورة عاجلة، إثر انتهاء آلية التوظيف الخاصة بهم، حيث “لا غنى عنهم” و”من دونهم، سينهار النظام الصحي”.
ومنذ أكثر من 20 عاما، تستعين مراكز الاستشفاء في فرنسا بأطباء أجانب من خارج التكتل بسبب النقص الحاد في كوادرها الطبية. ويُقدر عددهم اليوم بين 4 و5 آلاف، حسب عدّة نقابات. وقد ارتفعت أعدادهم خلال جائحة فيروس كورونا حيث كانت المستشفيات ترزح تحت وطأة الضغوطات.
وغالبا ما يتولّى هؤلاء الأطباء “الحائزون شهادات من خارج الاتحاد الأوروبي” ويتمّ التعاقد معهم بعقود قصيرة الأمد قابلة للتجديد ومنخفضة الأجور، نفس المهام التي يؤديها الأطباء المخضرمون. ومن حقّهم أن يأملوا “ترخيصا للممارسة الكاملة” بناء على نتائج امتحان انتقائي يُعرف بـ “إي في سي” (EVC) ودراسة ملفاتهم.
أما بالنسبة للذين لم يجتازوا الامتحان، فقد اعتُمد نظام استثنائي سمح خلال فترة طويلة للمستشفيات بالاستعانة بخدماتهم مقابل ما بين 1500 و2200 يورو في الشهر. لكن في 31 ديسمبر/كانون الأول انتهى العمل بهذا النظام الذي مُدّدت صلاحيته عدة مرات. وبات يتعذر راهنا تجديد عقودهم.
“2000 طبيب معدمي الحال والبعض بلا وثائق”
تقول ميا (38 عاما) التي لم ترغب في الكشف عن هويتها وقدمت من مدغشقر في 2020: “قالوا لنا إنه إذا لم ننجح في امتحانات إي في سي هذه السنة، فقد انتهى الأمر بالنسبة لنا. غير أن المناصب الشاغرة قليلة جدا. ونحن نتنافس مع أشخاص مسجلين في الخارج أمامهم سنة للاستعداد. أما أنا، فينبغي لي العمل 70 ساعة أسبوعيا في قسم الطوارئ”.
وتفيد تقديرات بشغور 2700 منصب لما بين 10 آلاف و20 ألف مرشح.
وتردف الطبيبة العمومية التي تزاول في ضاحية باريس وقد أُشيد بعملها خلال الأزمة الصحية وهي باتت اليوم من دون تصريح إقامة: “رسبت، بالرغم من الأصداء الممتازة التي أتلّقاها وأنا أصل الليل بالنهار في نوبات عملي”.
وبات حوالي “ألفي طبيب معدمي الحال”، والبعض منهم يفتقر حتى إلى الوثائق الرسمية اللازمة، بحسب حليم بنسعيدي ممثّل نقابة “IPADECC” المعنية بالدفاع عن هؤلاء الأطباء. ويتطابق هذا العدد مع تقديرات نقابات أخرى.
وحازت أمل (اسم مستعار) البالغة من العمر 31 عاما شهادة الطب العام في الجزائر وحصلت على الجنسية الفرنسية وهي تدرس الطب النفسي في المرحلة الثالثة وتعمل في منطقة سين سان دوني الفقيرة في ضواحي باريس منذ ثلاث سنوات. لكنها لم تُعتبر أهلا للتسجيل في امتحانات “إي في سي”. تقول الشابة: “أقدم استشارات في طب النفس وأتولى نوبات عمل. وأصبحت أعمل بلا عقد اليوم”.
“من دونهم، ينهار النظام الصحي”
في بعض المناطق، “تعتمد المستشفيات على خدمات هؤلاء الأطباء بالكامل تقريبا وهم يبقون في وظائفهم بدون الأوراق القانونية اللازمة. فلا خيار آخر أمام الإدارات”، بحسب ما يقول حسين سال رئيس قسم الطوارئ في مستشفى مونتروي (سين سان دوني). وهو يؤكد: “من دونهم، ينهار النظام الصحي”.
بعد إصلاح أطلق مؤخرا، بات تعيين الناجحين في الامتحان التنافسي من صلاحيات خدمات الدولة وهو “لم يعد يتناسب بتاتا مع حاجاتنا”، بحسب سال الذي وقع مع 220 طبيبا رسالة نشرت في أسبوعية “لو بوان”. وهو يكشف: “طلبت ملء 10 مناصب شاغرة ولم أحصل سوى على نصف المطلوب، ومن بينهم طبيب طوارئ واحد. ولن يكون في وسعي إذن تغطية نوبات العمل بالكامل، لذا سأضطر إلى إغلاق قسم الطوارئ جزئيا”.
وفي قسم الطوارئ في مستشفى دولافونتين في سان دوني قرب استاد فرنسا، “ثلاثة أطباء تخرجوا من فرنسا من أصل حوالي ثلاثين”، على ما يخبر رئيس القسم ماتياس وارغون. وهو يقول: “إذا لم أحصل على العدد المرجو، سوف أغلق أقله في الليل. والألعاب الأولمبية ستجري من دوني”، في إشارة إلى دورة الألعاب الأولمبية المقبلة المزمع تنظيمها في باريس من 26 يوليو/تموز إلى 11 أغسطس/آب.
هذا، وتعهّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء خلال مؤتمر متلفز بـ “تسوية أوضاع عدد من الأطباء الأجانب”، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. ولم تعط وزارة الصحة أي توضيحات إضافية في اتصال من وكالة الأنباء الفرنسية.
من جانبه، دعا اتحاد من النقابات إلى النظر في ملف كل طبيب على حدة في لجنة خاصة من دون امتحان تنافسي، فمن الضروري التحقق من مؤهلاتهم وأيضا توفير “إقامة دائمة” لهم تليق بمكانتهم.
فرانس24/ أ ف ب
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.