رغم فشلها الذريع في الانتخابات التمهيدية التي جرت في ولاية كارولينا الجنوبية التي حكمتها من 2011 إلى 2017، إلا أن نيكي هايلي، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة، ترفض مغادرة السباق وترك المجال واسعا أمام دونالد ترامب. هذا الأخير عزز حظوظه بتمثيل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أمام الديمقراطي جو بايدن في نهاية هذا العام. فما هي طبيعة المناورة السياسية لنيكي هايلي؟ وهل وضعت صوب عينيها انتخابات 2028؟
نشرت في:
7 دقائق
لا تملك أي حظ بالفوز بالانتخابات التمهيدية لدى الحزب الجمهوري. لكن نيكي هايلي فضلت البقاء في السباق رغم فشلها الذريع في الانتخابات التي جرت في ولاية كارولينا الجنوبية في 24 فبراير/شباط.
وتعد هذه الهزيمة أكثر قساوة كون هايلي حكمت هذه الولاية بين 2011 و2017. ورغم هذا الانكسار السياسي المرير، إلا أن سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة لم تفقد الأمل بعد، إذ أكدت السبت الماضي أنها “لن تترك ساحة المعركة”. لكن إلى متى وكيف ستواصل النضال؟
بعد ولايات ميشيغان وإيداهو وداكوتا الشمالية وميسوري، تتجه الأنظار إلى 5 مارس /آذار المقبل حيث ستجري انتخابات “الثلاثاء الكبير” “في صفوف الحزب الجمهوري وبمشاركة حوالي 20 ولاية بهدف اختيار مرشح الحزب الذي سينافس جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة نهاية العام الجاري.
ويتوقع أن يكون هذا الموعد الانتخابي التمهيدي فرصة لدونالد ترامب لتعميق الفارق بينه وبين منافسته نيكي هايلي التي رفضت ترك المجال أمام الرئيس الأمريكي السابق أملا منها أن يمنعه القضاء في نهاية المطاف من الترشح.
اقرأ أيضاشبح العبودية.. يطارد المرشحة اليمينية للانتخابات الرئاسية الأمريكية نيكي هايلي
وتتفق غالبية المحللين بأنه من الصعب لنيكي هايلي قلب الطاولة على دونالد ترامب. لذا السؤال المطروح لماذا تصر على خوض غمار الانتخابات التمهيدية؟
السبب الأول هو أن نيكي هايلي لديها الإمكانات المالية التي تمكنها من البقاء في المسابقة في الانتخابات التمهيدية.
فلقد جمعت حوالي 11 مليون دولار في بداية السنة الحالية، إضافة إلى 12 مليون دولار أخرى تم جمعها من قبل اللجنة المشرفة على تنظيم الحملة الانتخابية لصالحها. (إجمالي الأموال التي تم جمعها تقدر بنحو 23 مليون دولار)، وهي مبالغ مالية أكبر بكثير من تلك التي جمعها دونالد ترامب. (نحو 16 مليون دولار. 8.8 مليون جمعها منذ بداية السنة الحالية و7.3 مليون جمعتها اللجنة المكلفة بتنظيم حملته الانتخابية).
خطة بديلة
عدة أسئلة لاتزال مطروحة، من بينها لماذا تستمر في السباق رغم إدراكها بعدم امتلاك حظوظ كبيرة بالفوز؟ وهل ستواصل جلب الأموال اللازمة لمواصلة الحملة الانتخابية؟ وما هو موقف الأشخاص الذين يدعمونها ماليا؟
بعض الداعمين يرون بأن هايلي يمكن أن تكون الحل البديل في حال توفي دونالد ترامب (الرئيس الأمريكي السابق يبلغ من العمر 77 عاما) أو حكم القضاء الأمريكي عليه بالسجن بسبب الكم الهائل من التهم التي يواجهها (91 تهمة).
اقرأ أيضاالنائبة الجمهورية نيكي هايلي تعلن ترشحها لخوض سباق الرئاسة الأمريكية 2024
أما الداعمون الآخرون، فيرون بأنه من الضروري مساندة نيكي هايلي كونها الأقدر لخلافة دونالد ترامب بعد 2028 وبالتالي من الضروري تهيئة الأرضية من الآن لتحقيق هذا المبتغى.
وشرحت نيكي هايلي سبب تعنتها في المشاركة في الانتخابات التمهيدية رغم إدراكها بعدم امتلاك أي حظ بالفوز، فقالت بأنها لا “تبحث عن منصب في إدارة ترامب المقبلة” مقارنة بمرشحين آخرين. والدليل على ذلك هي رفعها من سقف الانتقادات التي وجهتها للرئيس الأمريكي السابق.
هذا الأخير أصبح لا يتحملها ولا يفلت فرصة لكي ينتقدها بشدة في جميع مهرجاناته الانتخابية، فمثلا قال عنها بأنها تملك “دماغ عصفور”. لكن نيكي هايلي ردت عدة مرات بأنها لا تخشى “عقاب دونالد ترامب و”لا أشعر بحاجة إلى تقبيل الخاتم لأن مستقبلي المهني ليس مصدر قلق بالنسبة لي”.
“لسنا في روسيا”
وفي مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، شرحت نيكي هايلي بأن بقاءها في السباق هو مسألة “مبدأ” مضيفة بأننا “لسنا في روسيا، وبالتالي لا يمكن ترك شخص يأتي ويجمع 99 بالمائة من الأصوات في الولايات العشرين التي سيتم التصويت فيها” في “الثلاثاء الكبير”.
وردا عن سؤال يتعلق بحظوظها “شبه المنعدمة” في الفوز، أجابت هايلي: “عوضًا عن طرح هذا السؤال، لماذا لا تطرحون سؤالا حول دونالد ترامبالذي قد يفوز بالانتخابات رغم أنه قضى سنة كاملة في المحاكم؟”.
ووفق هذه المرشحة، فهناك إمكانية أن تصدر العدالة الأمريكية حكما ضد الرئيس الأمريكي السابق قبل “الثلاثاء الكبير” المصادف ليوم 5 مارس/آذار المقبل.
لكن هايلي نسيت في الحقيقة أن الدستور الأمريكي لا يمنع ترامب من تولي منصب الرئيس حتى في حال صدر حكم قضائي في حقه.
ترامب يفوز أمام نيكي هايلي في كارولينا الجنوبية
على أية حال، لا تريد نيكي هايلي ترك المجال لترامب وحده. ففي الخطاب الذي ألقته في 20 فبراير/شباط، قالت بأنها ” ستكافح ” كونها تدرك بأنها “عادلة”. وأضافت: “لا اعتقد أن دونالد ترامب سيفوز على جو بايدن”، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تحتاج إلى “مرشح أفضل”.
حرب عديمة الجدوى
ورغم عنادها بمنافسة ترامب في الانتخابات التمهيدية، إلا أن نيكي هايلي أكدت أنها ستسانده في نهاية المطاف في حال كان المرشح الذي سيمثل الحزب الجمهوري ضد الديمقراطي جو بايدن.
ويطرح موقف هايلي الانتخابي سؤالا أوسع ويتعلق بطبيعة الحزب الجمهوري. فالمرشحة الثائرة مستعدة للدخول في “الخط” عندما تنتهي الانتخابات التمهيدية لأنها لا تزال تعتقد أن لديها دورا تستطيع أن تلعبه في هذا الحزب. أكثر من ذلك، فهي ترى بأنها قادرة على قيادة حزبها إلى الفوز في 2028 كما يعتقد داعموها.
ووفق كيفين مادين، وهو محلل سياسي أمريكي تابع للحزب الجمهوري، فالحملة الانتخابية التي تقوم بها نيكي هايلي ساعدتها في البروز على المستوى المحلي والوطني وكسب تعاطف الأمريكيين فضلا عن تحسين صورتها وبناء شبكة واسعة من العلاقات، لا سيما مع الداعمين الذين قد يساعدونها ماليا في حال رشحت نفسها للبيت الأبيض في 2028.
لكن في الحقيقة، هذا الحسابات خاطئة نوعا ما كون لا يوجد لغاية الآن أي عنصر يدل بأنه في حال توفي دونالد ترامب أو انتهت ولايته الرئاسية، أن الناخبين سيتذكرون اسم نيكي هايلي وسيصوتون لصالحها. والدليل على ذلك أن العديد من الذين اتبعوا نفس الاستراتيجية فشلوا. فهل فعلا ستخطئ حسابات هايلي؟
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.