ماذا نعرف عن “كتائب حزب الله” العراقية المتهمة بقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن؟

ماذا نعرف عن “كتائب حزب الله” العراقية المتهمة بقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن؟


وجهت واشنطن الاتهام للميليشيات العراقية “كتائب حزب الله” بضلوعها في هجوم على قاعدة أمريكية في الأردن أسفر عن مقتل ثلاثة من جنودها وإصابة أربعين آخرين في 28 يناير/كانون الثاني الماضي. تعد هذه الميليشيات ذراعا من أذرع النفوذ الإيراني في العراق ولا تمتثل لسلطة الحكومة العراقية التي من المفترض أنها القيمة عليها نظريا.

نشرت في:

7 دقائق

وصلت الهجمات على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط إلى مستوى غير مسبوق منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والحرب التي تلت ذلك في غزة.

منذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، عانى الجنود الأمريكيون وجنود التحالف المناهض للجهاديين من 165 هجوما عبر الضربات بالمسيرات وإطلاق الصواريخ على مواقعهم في العراق وسوريا. لكن هذه الهجمات لم تسفر عن أية خسائر في الأرواح لدى الجانب الأمريكي.

لكن الهجوم الأخير الذي وقع الأحد 28 يناير/كانون الثاني الماضي، الذي قتل خلاله ثلاثة جنود أمريكيين، وأصيب نحو أربعين آخرين في قاعدة لوجستية – “البرج 22” – الواقعة في الأردن على الحدود مع سوريا، كان نقطة تحول مفصلية.

وهو هجوم غير مسبوق منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، كما يرى ديفيد ريغوليه روس، الباحث المساعد في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، “ويعد بلا شك تجاوزًا للخطوط الحمر”. والدليل على ذلك هو أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد وعد بالرد عليه، قائلا مساء يوم الهجوم : “المسؤولون عنه سيدفعون الثمن، في الزمان والمكان اللذين نحددهما”.

وفيما نفت إيران أي تورط لها في الغارة القاتلة. ومع ذلك، وفقا لسابرينا سينغ، المتحدثة باسم البنتاغون التي تحدثت في اليوم التالي، فإن هذا الهجوم يحمل “بصمة كتائب حزب الله”، ويتطابق مع طريقة عملها.

 

اقرأ أيضابايدن يعلن اتخاذ قرار بشأن الرد على مقتل جنود أمريكيين في الأردن وإيران تتوعد

 

وهو الاتهام ذاته الذي وجهه البيت الأبيض مرجحا أن جماعات “المقاومة الإسلامية في العراق” هي من تقف وراء الهجوم. هذا التجمع “يشمل” كتائب حزب الله، كما علق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، خلال مؤتمر صحفي، موضحا أن الهجوم المميت “يحمل بالتأكيد بصمة” هذه المجموعة المسلحة الموالية لإيران.

الطاعة المطلقة للمرشد الأعلى الإيراني

إن كتائب حزب الله – وينبغي عدم الخلط بينها وبين حزب الله اللبناني – هي واحدة من الميليشيات العراقية “الأكثر ارتباطا بإيران”، كما يوضح ديفيد ريغوليه روس. “فهم يتبعون مبدأ ولاية الفقيه”، ما يعني أنهم يعترفون بالمرشد الأعلى الإيراني كمرجع أعلى لهم”.

في عام 2020 خلال ضربة أمريكية في بغداد، قتل الرئيس السابق “لكتائب حزب الله”  أبو مهدي المهندس، الذي كان اليد اليمنى للجنرال الإيراني القوي قاسم سليماني في العراق.

كربلاء، خلال مراسم جنازة في 29 ديسمبر/كانون الأول 2020. يحمل أحد أفراد الحشد الشعبي صورة القائد أبو مهدي المهندس الذي قتل في غارة أمريكية.
© أ ف ب/أرشيف

 

صنفت واشنطن كتائب حزب الله كمجموعة “إرهابية” واستهدفتها بعقوبات. وفي الأسابيع الأخيرة كانت تلك الكتائب عرضة للضربات الأمريكية في العراق، إضافة إلى “النجباء”، وهي ميليشيا أخرى معادية بشدة للولايات المتحدة.

معظم الهجمات التي استهدفت الأمريكيين في الأشهر الأخيرة تبنتها حركة “المقاومة الإسلامية في العراق”، والتي تشكل كتائب حزب الله والنجباء جزءا منها. وأعلنت هذه الحركة المكونة من الجماعات المسلحة الموالية لإيران أن هجماتها تأتي دعمًا للفلسطينيين.

لكن مطلبهم الأول والرئيس هو رحيل ما يقرب من 2500 جندي أمريكي لا يزالون منتشرين في العراق كجزء من التحالف الذي يقاتل تنظيم “الدولة الإسلامية”. ونظرا للسياق المتفجر، بدأت الحكومة العراقية مفاوضات مع واشنطن بشأن جدول الانسحاب من البلاد.

حلفاء قدماء لواشنطن في التحالف المناهض للجهاديين

لا شك في أن “كتائب حزب الله “هي الأكثر نفوذا ضمن مجموعات “المقاومة الإسلامية في العراق”. فهي تنتمي أيضا إلى مجموعة الحشد الشعبي، المؤلفة من القوات شبه العسكرية العراقية السابقة الموالية لإيران، والتي “تلعب فيها الكتائب دورا قياديا”، كما يوضح ديفيد ريغوليه روس. ويتضح الأمر أكثر عندما نعلم أن أبو فدك المحمداوي، الرئيس الحالي “لكتائب حزب الله”، هو أيضا رئيس أركان الحشد الشعبي.

لقد ظهر الحشد الشعبي في يونيو/حزيران 2014 من أجل دعم القوات العراقية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”. وجنبا إلى جنب مع التحالف المناهض للجهاديين بقيادة واشنطن، ساهم الحشد في تحقيق الهزيمة التي ألحقها العراق بتنظيم “الدولة الإسلامية” في عام 2017.

“كان هناك تحالف موضوعي ضد تنظيم الدولة الإسلامية بين أعضاء هذا الائتلاف، ومن بينهم الأمريكيون، من جهة وبين ميليشيات الحشد من جهة أخرى. فقد قاتل الاثنان في المعسكر نفسه، أحدهما على البر والآخر في الجو. لكن بعد عام 2017، استعادت هذه الجماعات جوهرها الموالي لإيران، وبالتالي معاداة أمريكا”، كما يقول ديفيد ريغوليه روس.

يضم الحشد اليوم عشرات المجموعات وأكثر من 160 ألف عضو، وفقا لتقديرات اطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية. في حين تقدر وحدة البحث المعمق “معهد واشنطن” الأمريكية بأن عضويتها قد تصل إلى 230 ألف عضو. لكن لا السلطات العراقية ولا الحشد الشعبي يعلنان عن عدد عناصرها.

أما بخصوص “كتائب حزب الله”، لا يزال العدد الدقيق لعناصرها مجهولا. وفقا لديفيد ريغوليه روس، تتراوح الأرقام بين 3 آلاف و30 ألفا، لأن بعض رجال الميليشيات هم في وضع الاحتياط.

“السلطات الحكومية ليس لها سيطرة على هذه الجماعات”

في مواجهة تزايد الهجمات على القوات الأمريكية في الأسابيع الأخيرة، تشعر الحكومة العراقية بأنها عالقة في تبادل إطلاق النار هذا بين الطرفين. فهذه الحكومة وصلت إلى السلطة بفضل ائتلاف من الأحزاب الشيعية الموالية لإيران وأغلبية برلمانية تتضمن الحشد الشعبي الذي يمتلك عددا من النواب في البرلمان منذ عام 2018.

ومن الناحية النظرية، فإن الحشد ومكوناته بما في ذلك “كتائب حزب الله” هو جزء من القوات النظامية في البلاد، بموجب قانون صدر في عام 2016. “لكنها إلى حد كبير مسألة شكلية. لأنه في الواقع، لا تملك السلطات الحكومية أية سيطرة فعلية على هذه المجموعات. فهي تستفيد من هامش واسع للحكم الذاتي. وهو الأمر الذي يمثل أيضا معضلة لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني”، كما يوضح ديفيد ريغوليه روس.

بعد تهديدات الرئيس الأمريكي، الذي وعد بتنفيذ أعمال انتقامية “كبيرة”، وأشار إلى أنه سيحمل إيران “المسؤولية” عن تزويد الكتائب بالأسلحة اللازمة للهجوم الذي قتل الجنود الأمريكيين، أعلنت “كتائب حزب الله” في 30 يناير/كانون الثاني الماضي “تعليق” عملياتها العسكرية ضد القوات الأمريكية.

وأصدرت المجموعة بيانا وقعه الأمين العام أبو حسين الحميداوي، قالت فيه “نعلن تعليق عملياتنا العسكرية والأمنية ضد قوات الاحتلال، لتجنيب الحكومة العراقية أي إحراج”. وجاء ذكر الحكومة العراقية فقط من أجل الشكليات. لأنه في الكواليس، تدخلت إيران بلا شك لتهدئة اللعبة، مدركة أن هناك الآن خطر التصعيد غير المنضبط مع الأمريكيين.

النص الفرنسي: بهار ماكويي | النص العربي: حسين عمارة

Share this content:


اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading