بعد البرازيل وجزر الإنتيل الفرنسية، تواجه جزيرة غويانا، بدورها ارتفاعا مقلقا في عدد الإصابات بوباء حمى الضنك والذي يقدر بنحو 800 أسبوعيا منذ بداية 2024. وفي انتظار إيجاد لقاح فعال، تحاول سلطات هذه الجزيرة الواقعة في أقاليم ما وراء البحار الفرنسية، التقليل من آثار وإصابات هذه العدوى الفيروسية التي تنتقل من البعوض إلى البشر عبر وسائل عدة، فضلا عن فتح أقسام للطوارئ مخصصة لاستقبال المصابين.
نشرت في:
6 دقائق
تصف منظمة الصحة العالمية وباء حمى الضنك على أنه عدوى فيروسية تنتقل من البعوض إلى البشر عند تعرضهم للسعات البعوض الحامل لهذا العدوى.
وتضيف هذه المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن نصف سكان العالم معرضون لهذا الوباء. وفي مقدمتهم أولئك الذين يسكنون في المناطق التي تتسم بمناخات مدارية وشبه مدارية على غرار جزيرة غويانا الفرنسية التي تسجل منذ بداية 2024، 800 حالة جديدة أسبوعيا وفق السلطات الطبية. فيما وصل العدد الإجمالي للإصابات إلى حوالي 5800 حالة منذ بداية هذه السنة في هذه الجزيرة التي تضم 300 ألف نسمة.
وقال فلاهولت أنطوان، مدير معهد الصحة العامة في كلية الطب بجامعة جنيف لفرانس24 “لم نشهد هذا الكم الهائل من العدوى منذ عشرين عاما. لقد تجاوزنا عتبة الوباء في جزر الأنتيل ومعظم أنحاء الكاريبي. أما في جزيرة غويانا، فهذا الوضع جديد نوعا ما”.
اقرأ أيضابعوضة النمر… تهديد للصحة العامة في فرنسا؟
وفي تقريرها الأخير، أوضحت الوكالة الجهوية للصحة بفرنسا أن 253 شخصا على الأقل تم إدخالهم إلى المستشفى في مطلع فبراير/شباط الحالي ووضع 10 منهم تحت “العناية المركزة”. مضيفة أن “10 أشخاص يعتقد بأنهم أصيبوا بمرض حمى الضنك توفوا”.
وللحد من هذا الوباء، عززت الوكالة أقسام الطوارئ بمستشفى كيان الرئيسي الواقع في العاصمة والمخصص لمعالجة المصابين بحمى الضنك.
ويبقى تأثير هذا الوباء على النظام الصحي في جزيرة غويانا “محدودا”. والدليل أن وتيرة العمل في قسم الطوارئ بمستشفى “كورو” و”كيان” لم ترتفع سوى بـ8 إلى 10 بالمائة.
فيروس عنيف يعقد حياة المصابين بفقر الدم المنجلي
من ناحيته، كتب معهد باستور الطبي على موقعه “غالبية المصابين بحمى الضنك يعانون من أعراض خفيفة وفي بعض الأحيان لا يملكون أي عرض” مضيفا أن “في الحالات السهلة، المصاب قد يعاني من حمى عالية وصداع في الرأس، إضافة إلى الغثيان والتقيؤ لمدة أسبوع تقريبا”.
بالمقابل، في الحالات الخطيرة، هذا الوباء الذي ينمو في المناطق الاستوائية يمكن أن يسبب نزيفا دمويا يؤدي إلى الموت، لاسيما لدى الأشخاص المصابين بفقر الدم المنجلي (تشوه في كريات الدم الحمراء يعقد عملية تجلط الدم لوقف النزيف).
وقالت نرسيس إلنغا، طبيبة ومسؤولة قسم فقر الدم المنجلي في المركز الطبي بكيان “وباء حمى الضنك ليس خطيرا. في بعض الأحيان نطلق عليه اسم الإنفلونزا الاستوائية. لكن يمكن أن يتطور بشكل خطير عند بعض المصابين”.
فيما أشار المعهد الجهوي للصحة من جانبه إلى أن “10 بالمائة من سكان غويانا يحملون بداخلهم هذا الجين الوراثي الذي ينقل العدوى”.
بعوض “منزلي” في الحدائق
جدير بالذكر أن وباء حمى الضنك شائع في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. فهو ينتشر كل 3 إلى 5 سنوات ويدوم حوالي سنة إلى 18شهرا.
ويساعد التغير المناخي على ارتفاع حدة الوباء ونموه، وفق منظمة الصحة العالمية. ففي جزيرة غويانا مثلا، فصل الأمطار يساعد على نمو الوباء بسبب المياه الراكدة.
اقرأ أيضاانتشار بعوضة النمر الآسيوي في أكثر من نصف الأراضي الفرنسية بما فيها باريس
وتنتقل عدوى حمى الضنك من شخص إلى آخر عبر “بعوض النمر”. وهو “بعوض لا يتنقل كثيرا ومحيطه لا يتعدى مائة متر، حسب أنطوان فلاهولت، مدير معهد الصحة العامة في كلية الطب بجامعة جنيف الذي يصف هذا البعوض “بالأليف كونه يعيش قرب المنازل”.
وقال: “بشكل عام، نربي هذا البعوض في حدائقنا وبالضبط تحت أواني الزهور. لذا يجب دائما تجفيف المياه المتواجدة تحت أواني الزهور لمنع ركودها وتخفيف ري النباتات لمنع جلب هذا النوع من البعوض”.
ولمنع تنامي هذا الوباء، تم تأسيس خلية تضم مصالح الدولة الفرنسية ومجالس إقليمية في غويانا في 6 فبراير/شباط حسب ما أعلنه محافظ غويانا أنطوان بوسييه.
هذا الأخير أصدر مرسوما يقضي بنزع كل السيارات المعطلة المتواجدة على أرصفة الشوارع كونها تشكل “بيئة حاضنة لحمى الضنك وتساعدها على النمو بسرعة”.
كما قررت هذه الخلية رفع “حجم الإمكانيات البشرية والمعدات الطبية” بالجزيرة لمحاربة الوباء. وغالبا ما تتم هذه العملية ليلا لأن السائل الكيماوي الذي يتم استخدامه يمكن أن يسبب مشاكل صحية للسكان.
من جهة أخرى، أوصى معهد باستور باستخدام المبيدات الحشرية بكميات صغيرة لقتل البعوض، موضحا أن “التكثيف في استخدام هذه المادة سيساعد البعوض على التأقلم معها وبالتالي تفقد من فعاليتها”.
لقاح برازيلي “واعد”
وعلى الرغم من عدم توفر علاجات خاصة ضد وباء حمى الضنك، إلا أنه تم تطوير بعض اللقاحات، لكن لم تعترف بها السلطات الفرنسية بعد.
فعلى سبيل المثال، طور مختبر صانوفي “لقاحا لم توصِ السلطات الطبية الفرنسية باستخدامه لأنه تبين بأنه غير ناجع وصعب الاستخدام ويخلف أعراض جانبية” حسب أنطوان فلاهولت.
في البرازيل حيث يأوي 395103 مصابين بحمى الضنك توفي منهم 53، تم إطلاق حملة تطعيم واسعة ومجانية منذ 9 فبراير/شباط.
ويعد الأطفال ما بين 10 إلى 11 عاما من المستفيدين الأوائل. ويتوقع تعميم الحملة إلى ذوي 14 عاما لأن من مزايا هذا اللقاح أنه يمكن استعماله لكل أنواع أمراض الضنك.
وتقام حاليا تجارب على لقاح آخر، وهو اللقاح البرازيلي “بوتانتان” لمعرفة درجة فعاليته العلاجية. وحسب الطبيب أنطوان فلاهولت، أظهرت التجارب الأولى التي شملت 16,235 شخصا في البرازيل خلال عام 2016 تعافي حوالي 90 بالمائة من المصابين بشكل كبير.
وتخص هذه النسبة الأشخاص الذين تتعدى أعمارهم 18 عاما، مقابل 77,8 بالمائة لدى الأطفال الذين يتجاوز سنهم 7 سنوات. لكن على الرغم من النجاح الذي حققه هذا اللقاح، إلا أنه لن يكون متوفرا في الأسواق قبل 2025.
بهار ماكويي
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.