أثارت المأساة التي وقعت الخميس في قطاع غزة حيث قُتل أكثر من 100 شخص، خلال توزيع مساعدات إنسانية في القطاع، ردود فعل دولية وتنديدا واسعا. وقد تضاربت التصريحات وروايات ملابسات وقوعها، إلا أنها تشمل إطلاق جنود إسرائيليين النار وتدافع الحشود. فما الذي نعرفه حتى الآن عن الحادثة؟
انقلبت عملية توزيع مساعدات إنسانية في شمال قطاع غزة الخميس إلى مأساة أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص في ظل تصريحات متضاربة وظروف لم يتم تحديدها بدقة، لكنها تشمل إطلاق جنود إسرائيليين النار وتدافع الحشود.
من جهتها، أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة أن نيران الجيش الإسرائيلي أدت الى مقتل أكثر من 100 شخص أثناء تجمعهم للحصول على المساعدات في شمال القطاع المحاصر. من جهته، أقر الجيش بوقوع عمليات إطلاق نار “محدودة”، مرجحا أن غالبية الضحايا قضوا جراء “الازدحام الشديد والدهس”.
في ما يلي ما نعرفه حتى الآن:
ماذا جرى؟
قال شاهد عيان في مدينة غزة لوكالة الأنباء الفرنسية إن الحادثة وقعت عندما هرع آلاف الفلسطينيين وهم في أمس الحاجة إلى الغذاء نحو شاحنات المساعدات عند دوار النابلسي الواقع على شارع الرشيد في غرب المدينة.
وأوضح الشاهد الذي طلب عدم نشر اسمه حرصا على سلامته “اقتربت شاحنات تنقل المساعدات من بعض دبابات الجيش التي كانت في المنطقة وانقض الحشد الذي يضم آلاف الأشخاص على الشاحنات”.
وتابع “أطلق الجنود النار على الحشد عندما اقترب الناس من الدبابات”.
كان علي عوض اشقير الذي ذهب لإحضار بعض الدقيق لأسرته التي تتضور جوعا ينتظر منذ ساعتين عندما وقعت الحادثة. وقال “في حوالي الساعة الرابعة فجرا بدأت الشاحنات بالوصول. وفور وصولها أطلق جيش الاحتلال قذائف المدفعية والرشاشات”.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إنه حصل في البداية تدافع بوجود “آلاف الأشخاص … أصيب وقُتل العشرات من الغزيين، بعضهم دهسته الشاحنات”. ثم تمكنت بعض شاحنات القافلة من مواصلة طريقها.
وتابع المسؤول في روايته أن “عشرات المدنيين هرعوا إلى الشاحنات واقتربوا من الدبابات والقوات القريبة منها”. وأضاف أن “الجنود أطلقوا طلقات تحذيرية في الهواء ثم أطلقوا النار باتجاه من شكلوا تهديدا ولم يبتعدوا”.
اقرأ أيضاغزة: من يحدد المسؤوليات عن المأساة؟
وأردف “أستطيع أن أقول إن ردنا كان محدودا، ونيراننا محدودة… لم يكن حدثا جللا من وجهة نظرنا”.
وأظهرت صور ملتقطة من الجو نشرها الجيش الإسرائيلي من قال إنهم عشرات من السكان يحيطون بشاحنات المساعدات في مدينة غزة. إلا أن هذه الصور التي نشرها الجيش تثير العديد من الأسئلة.
فهي لا تؤشر إلى ما حصل في بداية الحادث أو ختامه، كما أن بعض النقاط تبدو مغطاة بالأسود أو غير واضحة. وتظهر في منطقتين فيها، عربات عسكرية إسرائيلية متمركزة على مقربة من الطريق التي سلكتها قافلة المساعدات.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي الى الآن على طلب وكالة الأنباء الفرنسية إيضاح بعض النقاط.
كم سقط من قتلى؟
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة السبت على لسان المتحدث أشرف القدرة عن “ارتفاع حصيلة مجزرة شارع الرشيد التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي صباح الخميس إلى 118 شهيدا و760 إصابة”.
وأضاف “لا زال عشرات الإصابات في حالة الخطر مما قد يرفع عدد الشهداء في أي لحظة نتيجة عدم توفر الامكانيات الطبية لإنقاذ حياتهم”.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري تحدث مساء الخميس عن مقتل أو جرح “عشرات الغزيين”.
ومساء السبت، شدد هاغاري على أن الجيش قام بـ”تأمين” عملية توزيع المساعدات. وتابع “نحن قمنا بهذه العملية الإنسانية. لا أساس للزعم بأننا هاجمنا القافلة وآذينا الناس عمدا”.
من جهتها، أعلنت الأمم المتحدة أن فريقا تابعا لها زار الجمعة مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة الذي استقبل مئات الجرحى، وذلك غداة مطالبتها مع دول عدّة بإجراء تحقيق في هذه الحادثة.
وأظهرت صور لوكالة فرانس برس مشيعين متجمعين حول جثث سجيت بأكفان بيضاء في مستشفى الشفاء.
وأمضى موظفون في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف، ما يزيد عن ساعتين صباح الجمعة في المستشفى، وفق ما أوضح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة.
وقال ستيفان دوجاريك الجمعة إن “الشفاء استقبل أمس أكثر من 700 جريح، منهم 200 لا يزالون في المستشفى، ووقت هذه الزيارة أبلغهم موظفو المستشفى أنهم استقبلوا 70 جثة لأشخاص قتلوا أمس”.
ردود الفعل الدولية
أثار مقتل العشرات أثناء إيصال المساعدات سلسلة من الإدانات الدولية والدعوات المتجددة لوقف إطلاق النار.
وبدأت الولايات المتحدة السبت إنزال مساعدات إنسانية من الجو فوق قطاع غزة، غداة تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن أنه “علينا القيام بالمزيد، والولايات المتحدة ستقوم بالمزيد” حيال الوضع الإنساني في القطاع.
وأكد بايدن أن الولايات المتحدة، أبرز داعمي إسرائيل سياسيا وعسكريا، “ستصّر” على ضرورة سماح الدولة العبرية بدخول كميات إضافية من المساعدات. وأوضح “لا توجد أعذار لأن الحقيقة هي أن كمية المساعدات التي تدخل غزة بعيدة كل البعد عن الكمية الكافية. حياة الأبرياء على المحك، حياة الأطفال على المحك”.
وانتقد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في مقابلة مع صحيفة “لوموند” نشرت السبت السلطات الإسرائيلية معتبرا أنها مسؤولة عن منع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
مجاعة شبه حتمية
منذ عدة أشهر، تحذّر منظمات الإغاثة من حالة يأس تزداد حدة بين المدنيين في غزة، وقال مسؤول من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الاثنين إن انتشار المجاعة على نطاق واسع “يكاد يكون حتميا” إذا لم يتغير شيء.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 2,2 مليون شخص – هم الغالبية العظمى من سكان قطاع غزة – مهددون بالمجاعة، خاصة في المناطق الشمالية المحيطة بمدينة غزة.
ووفقا لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) دخلت ما يزيد قليلا عن 2300 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة في شباط/فبراير، وهو عدد يقل بنحو 50% عن المسجل في كانون الثاني/يناير.
وهذا أقل بكثير من 100 شاحنة يوميا في المتوسط، مقارنة مع نحو 500 شاحنة كانت تدخل يوميا قبل الحرب.
من نظم قافلة الخميس؟
قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القافلة التي ضمت 38 شاحنة دخلت إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، وحمولتها تعود إلى “شركات خاصة”.
من جهته، قال المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني “لم تشارك الأونروا ولا أي وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة في عملية التوزيع هذه”.
فرانس24/ أ ف ب
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.