تعتبر منظمة المطبخ المركزي العالمي الخيرية غير الحكومية من أبرز الجهات الفاعلة في مجال توفير وتوزيع المساعدات الغذائية لسكان غزة المهددين بمجاعة وشيكة. لكن هذه المنظمة ومقرها واشنطن، لا تكتفي بدعم سكان القطاع الفلسطيني المحاصر وحسب، بل توفر المعونة الغذائية للنازحين في لبنان وإسرائيل.
وزعت منظمة المطبخ المركزي العالمي مئات الأطنان من المساعدات الغذائية على سكان غزة، كانت محملة على متن سفينة تابعة لمنظمة الإنقاذ والإغاثة الإسبانية “أوبن آرمز” ووصلت القطاع الفلسطيني المحاصر الجمعة.
تأتي هذه المعونات الغذائية فيما تتعالى الدعوات العالمية من أجل تخفيف معاناة 2,4 مليون من المدنيين المهددين بالمجاعة في غزة، حسبما تؤكده الأمم المتحدة التي قالت إن أكثر من نصف مليون منهم هم على “حافة المجاعة” فعلا.
جوزيب بوريل: “إسرائيل تتسبب في المجاعة”
وتطالب المنظمة الدولية بشكل متواصل إسرائيل بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع عن طريق الممرات البرية، وهي تحديدا معبر رفح على الحدود مع مصر ومعبر كرم أبو سالم الخاضع لسيطرة تل أبيب.
اقرأ أيضاما هو مشروع ميناء غزة الذي أعلن عنه بايدن وهل سيكون بديلا لمعبر رفح البري؟
وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية أن المغرب قد أرسل الثلاثاء الماضي 40 طنا من المساعدات نُقلت من مطار تل أبيب عبر معبر كرم أبو سالم وسُلمت للهلال الأحمر الفلسطيني. لكن ما زالت هذه الكميات شحيحة ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات القطاع.
والإثنين، قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن إسرائيل تتسبب في حدوث مجاعة بغزة وتستخدم التجويع سلاحا في الحرب. وقال بوريل خلال افتتاح مؤتمر ببروكسل حول المساعدات الإنسانية للقطاع: “في غزة لم نعد على شفا المجاعة، نحن في حالة مجاعة يعاني منها آلاف الأشخاص”. وأضاف: “هذا غير مقبول. المجاعة تستخدم سلاح حرب. إسرائيل تتسبب في المجاعة”.
وفيما شردت الحرب معظم السكان ودفعهم الدمار إلى النزوح جنوبا، تحذر وكالات الإغاثة من أن نحو 300 ألف ممن بقوا في شمال القطاع هم الأكثر معاناة من الجوع ونقص الماء وسوء التغذية، كما يصعب الوصول إليهم.
اقرأ أيضاالمجاعة في غزة: “لم يبق شيء يأكله الفلسطينيون” في شمال القطاع
والإثنين، قالت الأمم المتحدة في بيان، إن المجاعة باتت وشيكة في القسم الشمالي من غزة، مشيرة إلى أن هذه المأساة الإنسانية ستحدث في الفترة ما بين الوقت الحالي وشهر أيار/مايو.
في ظل هذه الظروف الإنسانية المأساوية، والتي وصفها ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين، بأنها “كابوس” يشكل “أزمة إنسانية”، يأتي دور منظمات الإغاثة في تقديم أكبر قدر ممكن من المعونة الغذائية للسكان، لتفادي خطر المجاعة الوشيك.
{{ scope.counterText }}
© {{ scope.credits }}
{{ scope.counterText }}
تأسيس المنظمة.. من الطبخ إلى الإغاثة
من أبرز تلك المنظمات، المطبخ المركزي العالمي أو “وورلد سنترال كيتشن” ومقرها واشنطن، وهي منظمة خيرية غير حكومية تعمل على توزيع المساعدات الغذائية لكافة الأشخاص المنكوبين في العالم.
وترجع فكرة تأسيس المنظمة إلى عام 2010، حيث كان الطباخ الإسباني الأمريكي الشيف خوسيه أندريس، يريد توظيف معارفه ومواهبه في مجال الطبخ لمساعدة المنكوبين إثر زلزال هايتي المدمر. وأثناء قيامه بالطهي مع العائلات النازحة، خطرت له ولزوجته باتريشيا فكرة تأسيس المطبخ المركزي العالمي.
ووفقا لبيان منشور على موقعها الإلكتروني، فقد أطلقت المنظمة لاحقا مهمات إنسانية أخرى، بما في ذلك إثر إعصار هارفي العنيف الذي ضرب ولاية تكساس الأمريكية في 2017، وبعد إعصار ماريا في بورتوريكو، “حيث ساهم الشيف خوسيه رفقة العديد من الطهاة في فريقه بالمساعدة الميدانية للمنكوبين من خلال إعداد وتوزيع وجبات الطعام”.
وهكذا، بادرت المنظمة إلى استكمال هذه المهمات من خلال تقديم المعونات الغذائية والمساعدات للمنكوبين إثر كافة أشكال الكوارث بما فيها الطبيعية مثل الأعاصير وحرائق الغابات وأمواج التسونامي والانفجارات البركانية في ربوع العالم.
كما تمكنت من بناء خبرات سمحت لفريقها بالاستجابة لأزمات أخرى من ذلك: “توفير الوجبات الغذائية للاجئين الذين يصلون إلى حدود الولايات المتحدة بعد فرارهم من العنف والفقر المدقع، وللأسر الفنزويلية التي تفتقر إلى إمكانية الوصول إلى الغذاء في أحيائها، وموظفي المستشفيات” خلال جائحة فيروس كورونا، ولاحقا للعائلات الأوكرانية في ظل الغزو الروسي.
“رصيف بحري في غزة لإنزال المساعدات”
لمعرفة المزيد حول مهمات منظمة المطبخ المركزي العالمي الجارية في غزة، قالت المتحدثة باسمها كلوي ماتا كرين في تصريحات لفرانس24، إن السفينة الأولى التابعة لمنظمة “أوبن آرمز” والتي وصلت القطاع الجمعة قادمة من قبرص، قامت بإنزال حوالي 200 طن من الطعام على رصيف المراكب الصغيرة الذي قامت المنظمة ببنائه في شاطئ بغزة.
كما صرحت محاورتنا: “لقد قدمنا أكثر من 37 مليون وجبة، وأرسلنا أكثر من 1500 شاحنة، وافتتحنا أكثر من 60 مطبخا مجتمعيا في كافة أنحاء غزة. وعن طريق الجو، نوفر المساعدات الغذائية التي يقوم الجيش الأردني بإنزالها خلال شهر رمضان المبارك”. كما أردفت: “وعن طريق الممرات البرية أيضا، نواصل إرسال الشاحنات المعبأة في مستودعاتنا بالقاهرة إلى مواقع التوزيع في غزة”.
شحن المساعدات الإنسانية الموجهة لغزة على متن طائرات الجيش الأردني
{{ scope.counterText }}
© {{ scope.credits }}
{{ scope.counterText }}
ومنذ بداية الحرب، نشر المطبخ المركزي العالمي فرقا في غزة وتولى بناء هذا الرصيف البحري المؤقت لتفريغ حمولات المساعدات التي يتم نقلها بحرا. وأفاد شهود عيان بأن جرافات وآليات هندسية من شركات خاصة فلسطينية وبالتنسيق مع منظمات دولية، نقلت كتلا اسمنتية من ميناء الصيادين بخان يونس إلى شاطئ البيدر بمنطقة الشيخ عجلين في غزة. وأفادوا عن أعمال تمهيد لاستقبال المساعدات، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير سابق الأربعاء الماضي.
ونشر كريستيان تريبرت المتخصص بالتحقيقات المرئية في صحيفة نيويورك تايمز، ثلاث صور للأقمار الاصطناعية تظهر أشغال الإنجاز لموقع الرصيف، والذي يتواجد على بعد حوالي ثلاثة أميال ونصف جنوب غرب مدينة غزة. تم التقاط تلك الصور حسبما قال تريبرت على حسابه في منصة إكس، بتاريخ 11 و12 و13 مارس/آذار.
سفينة ثانية ومطالب بفتح مزيد من الممرات الإنسانية
كما قالت كلوي ماتا كرين إن “المطبخ المركزي العالمي يقوم حاليا بتجهيز سفينة ثانية بحمولة 240 طنا من المساعدات الغذائية والإنسانية، للإبحار لاحقا إلى غزة انطلاقا من ميناء لارنكا بقبرص”.
وأضافت المتحدثة بأن هذه المساعدات الإنسانية هي عبارة عن “فاصوليا وجزر وتونة معلبة وحمص وذرة معلبة وأرز مسلوق ودقيق وزيت وملح” إلى جانب “حمولة خاصة تبلغ 120 كيلوغراما من التمور الطازجة التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة لسكان غزة”.
المطبخ المركزي العالمي يقوم بتجهيز سفينة ثانية بحمولة 240 طنا من المساعدات الغذائية والإنسانية، للإبحار إلى #غزة انطلاقا من ميناء لارنكا في #قبرص. فيديو من @WCKitchen pic.twitter.com/PegcKLS4Dg
— Amine ZERROUATI أمين زرواطي (@AmineZERROUATI) March 18, 2024
لكن لم توضح ماتا كرين الموعد الذي ستتمكن فيه السفينة الثانية من الإبحار نحو القطاع الفلسطيني. لافتة إلى أنه تم دعم هذه المهمة بـ “رافعتين شوكيتين وآلة رافعة للمساعدة في عمليات التسليم البحري المستقبلية إلى غزة”. وقالت إنه سيتم إرفاقها بثمانية من عمال تشغيل الآلات وتفريغ المساعدات الغذائية.
في نفس السياق، أشارت المتحدثة باسم منظمة “وورلد سنترال كيتشن” إلى أن عملية “سفينة” كما يطلق عليها، والمخصصة لقطاع غزة، تجري بالتعاون مع الإمارات ومنظمة “أوبن آرمز”. ولفتت إلى أنها تدعو منذ بداية الحرب في السابع أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى “فتح المزيد من نقاط الوصول إلى غزة أمام المساعدات الإنسانية”.
عملية شحن سفينة المساعدات الإنسانية الثانية في ميناء لارنكا القبرصي
{{ scope.counterText }}
© {{ scope.credits }}
{{ scope.counterText }}
مساعدات للنازحين في غزة ولبنان وإسرائيل
لكن منظمة المطبخ المركزي العالمي لا تقوم بإرسال المساعدات الغذائية إلى سكان قطاع غزة وحسب، بل تشمل المهمات الإنسانية الجارية منذ تفجر النزاع، النازحين من جنوب لبنان وفي داخل إسرائيل.
اقرأ أيضاكيف تعتزم سفينة “أوبن آرمز” إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة؟
وحسب بيان في موقعها الإلكتروني، تقول إنها قد تمكنت من دخول إلى غزة رغم القيود الإسرائيلية على إيصال المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى أن فرقها تمكنت من إنشاء مطبخ ميداني في رفح، وإنشاء شبكة من المطابخ المجتمعية في أنحاء غزة، بالتزامن مع إرسالها مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية.
أحد مراكز منظمة المطبخ المركزي العالمي في قطاع غزة
{{ scope.counterText }}
© {{ scope.credits }}
{{ scope.counterText }}
أما في لبنان، فهي توضح بأن “التوترات والأعمال العدائية على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية” والتي أدت إلى “نزوح حوالي 100 ألف شخص”، دفعتها بالتعاون مع شركائها في هذا البلد، إلى التحرك من أجل تقديم “آلاف الوجبات الساخنة يوميا، مع التركيز على النكهات اللبنانية اللذيذة”. وفي نفس الوقت، لفتت المنظمة إلى أنها ساهمت في إعانة المنكوبين من “الكوارث الطبيعية التي شهدها لبنان مؤخرا حيث دمرت فيضانات عنيفة في شمال البلاد منازل وطرق”.
WCK partners in Lebanon are providing nearly 5,000 meals to families displaced by conflict along the Israeli border. In the southern town of Marwaniyeh, we are supporting dozens of families who have been sheltering at the abandoned Hotel Montana for months. #ChefsForThePeople pic.twitter.com/Z31MmfjLxN
— World Central Kitchen (@WCKitchen) March 14, 2024
وبالنسبة إلى إسرائيل، فقد تعاونت فرق المطبخ المركزي العالمي WCK مع المطاعم المحلية وقدمت وجبات الطعام للأشخاص الذين نزحوا من منازلهم بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول والقصف الذي أعقبه على طول الحدود مع القطاع.
توزيع المعونات الغذائية على النازحين الإسرائيليين
{{ scope.counterText }}
© {{ scope.credits }}
{{ scope.counterText }}
كما أشارت أيضا في نفس البيان: “مع عودة الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم، قمنا بتوصيل وجبات طازجة ومغذية إلى المستشفيات التي خضعوا فيها للفحوصات قبل أن يتم جمع شملهم مع عائلاتهم”. وأكدت أنه ورغم تراجع الحاجة إلى مهامها في الدولة العبرية، فهي تحتفظ بـ “شبكة كبيرة من المطاعم والشركاء المحليين المستعدين لدعم العائلات إذا كانت هناك حاجة مرة أخرى”.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.