تعرضت آبامه شوناور، وهي شابة ألمانية من أصول إيرانية إلى موجة تعليقات مهينة وعنصرية ومعادية للنساء نهاية شهر فبراير/شباط الماضي بعد فوزها بلقب ملكة جمال ألمانيا. هذه المرأة البالغة 39 عاما والتي تعمل كمهندسة معمارية وأم لطفلين تروي لفرانس24 التحرش الذي واجهته على مواقع التواصل الاجتماعي ونضالها من أجل التنوع الثقافي.
نشرت في:
6 دقائق
لم تتوقع آبامه شوناور (39 عاما) التي تعمل كمهندسة معمارية وأم لطفلين أن تفوز بلقب ملكة جمال ألمانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.
فرغم المنافسة الشديدة التي واجهتها، إلا أن هذه الإيرانية التي هاجرت برفقة عائلتها إلى ألمانيا وهي في السادسة من عمرها، استطاعت أن تجتاز جميع مراحل المنافسة وتفوز في النهاية بلقب ملكة جمال ألمانيا أمام أكثر من مئة منافسة.
اقرأ أيضافرنسا: منظمة نسوية تدّعي على مسابقة ملكة الجمال بسبب “التمييز لاختيار المشاركات”
وفور الإعلان عن فوزها في قاعة “أوروبا بارك” في بلدة بادن فورتمبيرغ، قرب مدينة شتوتغارت بجنوب ألمانيا حيث جرت المنافسة، عبرت الشابة الألمانية عن فرحتها العارمة قائلة: “لا أستطيع تصديق ما حدث”.
لكن فرحة آبامه شوناور لم تدم طويلا، بل تحولت إلى كابوس بعدما تعرضت على مواقع التواصل الاجتماعي إلى السخرية والتنمر والتعليقات المهينة بسبب سنها المتقدم وأصولها الإيرانية وجسدها.
وجدير بالذكر أن الشابة الألمانية ليست الوحيدة التي تعرضت للتنمر والهجمات العنصرية. بل سبق مثلا لملكة جمال اليابان أن تعرضت إلى انتقادات لاذعة بسبب أصولها الأوكرانية. وقبلها بأيام تعرضت ملكة جمال فرنسا لحملة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب قصة شعرها.
وانتشرت تعليقات مسيئة كثيرة على شبكة الإنترنت من بينها “ألتقي يوميا بملكة جمال ألمانيا مثل هذه في قسم الفواكه والخضار بالمراكز التجارية” أو “بعد ملكة جمال البرتغال المتحولة جنسيا وملكة اليابان ذات الأصول الأوكرانية، ها نحن لدينا ملكة جمال ألمانية من أصول إيرانية. إنه عالم اللعنة”.
“إظهار معنى المرأة القوية”
لا تريد آبامه شوناور منح الحملة التي تتعرض لها منذ انتخابها ملكة جمال ألمانيا، أهمية كبرى حيث تقول في تصريح لفرانس24: “غالبية التعليقات التي تلقيتها إيجابية. الناس عبروا لي عن حبهم. ممكن أن أتفهم الانتقادات. لكنها عندما تأتي من شخص يجلس وراء حاسوبه في الخفاء بدون أن ينشر اسمه الحقيقي ولا صورته، فماذا أستطيع أن أقول له في هذه الحالة”.
اقرأ أيضاالمغرب العربي: تصاعد للعنصرية؟
هذا، ومنذ 2019 تغيرت بشكل كبير قواعد انتخاب ملكة جمال ألمانيا. فهيئة التحكيم أصبحت لا تأخذ بعين الاعتبار عنصر الجمال الجسدي فقط، بل باتت تهتم أيضا بشخصية المتنافسات والتزاماتهن في الحياة.
والدليل على هذا التغيير هو أنه تم السماح لكل من تمارة شواب، وهي امرأة تعيش بقلب اصطناعي وكريستينا ماجريوسكي المصابة بشلل للمشاركة في المسابقة.
هذه التغييرات هي التي سمحت أيضا لآبامه شوناور أن تشارك في المسابقة. “عندما أنجبت قبل سنتين، أحسست بأنه من واجبي أن أبين لابنتي ماذا يعني مفهوم المرأة القوية. وعندما رأيت نساء إيرانيات ينزلن إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهن، ذهلت بشجاعتهن. أما أنا فأعيش في حرية تامة بألمانيا ولدي صوت. لذا قلت في نفسي يجب أن أقوم بشيء ما”.
“يجب أن لا ننسى أبدا جذورنا”
ولدت آبامه شوناور في طهران بعام 1985. هذه المهندسة المعمارية لا تفلت فرصة للحديث عن بلدها الأصلي. غادرت إيران وذهبت برفقة عائلتها إلى ألمانيا وعمرها لم يكن يتجاوز ست سنوات.
في البداية كانت المعيشة في ألمانيا صعبة للغاية بالنسبة لها ولعائلتها. “في البداية، استقرينا في شقة تتسع لأربعة أشخاص. لم نكن نتحدث اللغة الألمانية. في إيران والدي كان يعمل بالتجارة ووالدتي أستاذة في مادة الرياضيات. كنا نعيش في ظروف حسنة، لكنهما قررا بيع كل شيء لنعيش أنا وأختي في ألمانيا بحرية”.
المعمارية الشابة فخورة بهويتها المزدوجة. والداها علموها أن تحب بلدها الأم وتحترم البلد الذي استضافها أيضا، أي ألمانيا. “كانا يقولان دائما بأن الاندماج في المجتمع الألماني أمر مهم للغاية. يجب أن لا ننسى أبدا جذورنا لكن يجب أيضا أن نعلم بأننا نحن ضيوف في هذا البلد الجديد”. وأضافت: “عندما تغير البلد، من المهم جدا أن توازن بين ثقافتك الأصلية وثقافة البلد الذي تعيش فيه لكي تكون سعيدا”.
وغداة الاحتجاجات التي نظمت في إيران بعد مقتل الشابة مهسا أميني في 2022 بسبب عدم ارتداءها الحجاب، أسست آبامه شوناور جمعية محلية للدفاع عن النساء الإيرانيات اللواتي يعانين من القمع. سمتها “شيرزان”.
وصرحت في هذا الشأن: “ننظم فعاليات ثقافية التي تسمح لنا بالحديث عن الأشياء الإيجابية ولكيلا ننسى ماذا يجري حاليا في إيران. النساء هن الأقوى ويتسمن بشجاعة كبيرة”.
تخطط ملكة جمال ألمانيا الجديدة توظيف سمعتها من أجل تسليط الضوء على النساء الإيرانيات. وبالرغم من عدم امتلاكها الوقت الكافي للقيام بكل ما تريده، إلا أنها لا تنوي وقف عملها في مجال الهندسة المعمارية ولا تغيير حياتها الخاصة: “سأكون المعمارية وملكة جمال ألمانيا والأم أيضا في نفس الوقت”.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.