وفي بيان أصدرته اليوم الخميس، قالت مقررة الأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة* إن “وتيرة هذا العنف وشدة انتشاره إلى بقية الأرض المحتلة تؤكد أنه لا يوجد فلسطيني آمن تحت السيطرة الإسرائيلية المطلقة”.
وقالت المقررة الخاصة إن إسرائيل منعتها مرة أخرى بشكل تعسفي من الوصول إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، مما أجبرها على تقديم تقرير عن حالة الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال من الدول المجاورة.
وأشارت ألبانيز إلى أن زيارتها أظهرت أن الوضع في غزة أسوأ مما تم تقييمه في السابق، مع ما يترتب على ذلك من آثار خطيرة ومتعددة المستويات على المدى الطويل.
وأوضحت أن معظم الضحايا الذين التقت بهم تعرضوا لإصابات كارثية، وشهدوا مقتل أفراد من عائلاتهم وعانوا من آثار التدمير الإسرائيلي للبنية التحتية الصحية في غزة، حتى بعد 26 كانون الثاني/يناير 2024، عندما أصدرت محكمة العدل الدولية حكما يأمر إسرائيل باتخاذ كل ما بوسعها لمنع جميع الأعمال التي تتضمنها المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة.
انكسار ودمار
وقالت مقررة الأمم المتحدة إن المرضى الذين وصلوا في وقت سابق إلى مصر وهم يعانون في المقام الأول من أعراض مرتبطة بإصابات المتفجرات والحرب، ينضم إليهم الآن المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة أو سوء التغذية، وخاصة الأطفال، الناجم عن “الكارثة الإنسانية المتعمدة” التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
وأضافت “تُظهر الصور التي التقطت قبل ثمانية أشهر فقط الطفل حامد البالغ من العمر 8 سنوات وخدوده ممتلئة، وقد أصبح الآن نحيلا ويقضي أيامه في آلام مبرحة بسبب التهاب البنكرياس الذي نشأ خلال الظروف القاسية للحصار”.
وقالت إن أولئك الذين غادروا غزة يخرجون منكسرين ومدمرين بسبب “ذنب الناجين” والصدمة الشديدة، مضيفة أنه “على بعد 50 كيلومترا فقط من قطاع غزة، تقبع المساعدات والسلع الحيوية التي تحافظ على الحياة، بما في ذلك معدات تحلية المياه، والإسعافات الأولية، وإسطوانات الأكسجين والمراحيض المحمولة – التي يدفع ثمنها دافعو الضرائب في جميع أنحاء العالم، في المستودعات، ويُمنع دخولها إلى غزة بحجة احتمال استخدامها من قِبل المقاتلين”.
ونبهت الخبيرة المستقلة إلى أن الإجراءات الإنسانية المطبقة حتى الآن بما فيها عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات والممرات البحرية، هي مجرد مُسكـّن لما هو مطلوب بشدة ومستحق قانونا، مشددة على أن هذه الإجراءات غير كافية على الإطلاق للتخفيف من الكارثة الإنسانية التي خلقها الهجوم الإسرائيلي.
وقال ألبانيز “في هذه المرحلة، تراجعت إسرائيل عن التزاماتها الدولية إلى درجة تستدعي الدعوة لفرض عقوبات”.
أهمية الأونروا
وقالت المقررة الخاصة إن زيارتها أكدت مدى أهمية تفويض وكـالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) للفلسطينيين والشعوب في جميع أنحاء المنطقة مع فرار الفلسطينيين مرة أخرى التماسا للأمان.
وقالت ألبانيز “لا يمكن للبلدان المحيطة أن تستوعب وحدها تأثير الممارسات الإسرائيلية الضارة المتمثلة في القتل والتهجير من غزة”. ودعت إلى تعميم سلسلة توريد من الدعم من خلال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مشيرة إلى أن “هذا سيخفف المسؤولية عن مصر والشعب المصري”.
وجددت الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، “وإنهاء السيطرة الإسرائيلية غير القانونية على غزة والأرض الفلسطينية المحتلة”، وإلى وجود وقائي لضمان السلام والاستقرار في المنطقة.
وشددت على أنه من المهم للغاية أن تتحمل الأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن العمليات الإنسانية وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2720.
الضفة الغربية والقدس الشرقية
وقالت الخبيرة الحقوقية المستقلة “إن الفظائع التي شاهدها الناس في غزة لا توصف”. وأشارت إلى أن زيارتها تؤكد أيضا أن الاهتمام بالوضع المتدهور في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية قد انقضى.
وأضافت أن التقارير تفيد على نطاق واسع بتزايد القيود والانتهاكات والاعتقال التعسفي والقتل خارج نطاق القضاء على أيدي الجنود الإسرائيليين والمستوطنين المسلحين على حد سواء.
وقالت إن “السياسات الإسرائيلية التي تطال الأرض الفلسطينية المحتلة تعرض بلا شك الوجود الفلسطيني على أرضه للخطر. يجب أن يركز المجتمع الدولي على التداعيات الأكثر ترجيحا، وهو التطهير العرقي للفلسطينيين. ويجب على الدول أن تفعل كل ما في وسعها لمنع ذلك”.
وقالت ألبانيز إنها خاضت التجربة المفجعة المتمثلة في الاجتماع مع الفلسطينيين من غزة وتسجيل شهاداتهم، وهي على ثقة من أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ستعمل على إنهاء المذبحة وضمان المساءلة.
وختمت بيانها بالقول إنه “يجب على الدول أن تصر على وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار وفرض عقوبات على إسرائيل لتجنب طامة إضافية”.
ومن المقرر أن تصدر ألبانيز تقريرا عن زيارتها للمنطقة في وقت لاحق.
*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهي جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم. |
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.