تحذير أممي من خطر تفاقم العنف في السودان ودعوة لمجلس الأمن لمضاعفة جهوده لوقف الحرب

تحذير أممي من خطر تفاقم العنف في السودان ودعوة لمجلس الأمن لمضاعفة جهوده لوقف الحرب


وعقد مجلس الأمن جلسة صباح اليوم الثلاثاء بحث خلالها الوضع في السودان واستمع إلى إحاطتين من مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للأمم لشؤون أفريقيا مارثا بوبي، ومديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إيديم وسورنو.

وقالت مارثا بوبي “إن محنة الشعب السوداني تتطلب اهتمامنا العاجل وإجراءاتنا الحاسمة”، مؤكدة الحاجة إلى وقف إطلاق النار في الفاشر الآن لمنع وقوع المزيد من الفظائع، وحماية البنية التحتية الحيوية، وتخفيف معاناة المدنيين. وقالت إن القرار 2736 الذي اعتمده مجلس الأمن الأسبوع الماضي يمثل إشارة مهمة من المجلس بأن تصعيد المواجهة العسكرية يجب أن يتوقف.

وشددت على أن الوقت قد حان للأطراف المتحاربة لتجنيب الشعب السوداني المزيد من المعاناة، والجلوس إلى طاولة المفاوضات للمناقشة بحسن نية. وشجعت الأطراف على الاستفادة الكاملة من المساعي الحميدة التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة لتعزيز التفاعلات البناءة التي يمكن أن تساعدها على اتخاذ خطوات نحو أفق السلام. 

ومع استمرار تدفق الأسلحة المتطورة في تأجيج الحرب، دعت السيدة بوبي جميع الجهات الخارجية المعنية إلى التصرف بمسؤولية واستخدام نفوذها على الأطراف المتحاربة لتعزيز جهود السلام. 

 

جهود الوساطة تراوح مكانها

جهود الوساطة لم تنجح حتى الآن في تأمين وقف إطلاق النار أو إجراء حوار مباشر مستدام بين الأطراف، وفقا لمساعدة الأمين العام، معربة عن أسفها لعدم وجود أي مؤشر على أن المناقشات المهمة التي جرت في إطار منصة جدة ستستأنف قريبا.

ودعت الأطراف إلى تبني الحوار، والكف عن لعبة الاتهامات بالمسؤولية المدمرة، والبحث عن كل فرصة للسلام. وأكدت على ضرورة ألا “نكون متفرجين سلبيين”، مشيرة إلى أن الحل التفاوضي يظل هو السبيل الوحيد للخروج من هذا الصراع.

وقالت إن المبعوث الشخصي للأمين العام، السيد رمطان لعمامرة قام بزيارات إلى المنطقة في أيار/مايو وأوائل حزيران/يونيو، أجرى خلالها مباحثات مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان وغيره من كبار قادة القوات المسلحة السودانية وأعضاء المجلس السيادي السوداني في بورتسودان، وكذلك مع وفد رفيع المستوى أوفده قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو إلى نيروبي.

وأضافت مارثا بوبي أن المبعوث الأممي حث الأطراف على تجنب إلحاق الضرر بالمدنيين خلال جميع العمليات العسكرية، وحثها على الاتفاق على وقف محلي لإطلاق النار في الفاشر، مشددا على ضرورة ضمان سلامة المدنيين.

وأشارت إلى أن السيد لعمامرة يواصل العمل على تعزيز مسعى الوساطة المنسقة، والعمل جنبا إلى جنب مع الدول الأعضاء والشركاء الإقليميين، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وجامعة الدول العربية، لدفع جهود السلام.

إيديم ووسورنو، مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، تقدم إحاطة أمام مجلس الأمن بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.

 

تحذير من تكرار فظائع الجنينة في الفاشر

مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إيديم وسورنو ركزت في إحاطتها على أربع نقاط مهمة هي الخسائر الفادحة التي خلفها الصراع على المدنيين في الفاشر وغيرها من بؤر الصراع الساخنة في البلاد؛ الأزمة الإنسانية المتفاقمة؛ الوضع الحالي لوصول المساعدات الإنسانية وتمويل عملية المساعدات؛ والحاجة الماسة لوقف القتال.

وقالت إن المدنيين في السودان عاشوا كابوسا خلال أربعة عشر شهرا من الصراع، مشيرة إلى أن سكان مدينة الفاشر يقعون في مركز النزاع حاليا، منبهة إلى أن حياة 800 ألف شخص من النساء والأطفال والرجال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة أصبحت على المحك في خضم استمرار العنف والمعاناة.

وفقا لمنظمة أطباء بلا حدود، أصيب أكثر من 1,300 شخص بجراح في الفاشر خلال الفترة بين أيار/مايو وحزيران/يونيو. فيما نزح ما لا يقل عن 130,000 شخص منذ نيسان/ أبريل، معظمهم جنوبا إلى أجزاء أخرى من دارفور وغربا إلى تشاد.

وقالت إن الهجوم المؤسف على المستشفى الجنوبي في الفاشر يوم 8 حزيران/يونيو هو أحدث مثال على الدمار الذي طال الرعاية الصحية في السودان، مشيرة إلى أن أكثر من 80 بالمائة من المستشفيات والعيادات لا تعمل حاليا في بعض المناطق الأكثر تضررا.

وحذرت من أنه بدون اتخاذ إجراء حاسم الآن، فإننا نجازف بأن نشهد تكرارا للفظائع التي ارتُكبت في الجنينة خلال العام الماضي. ومضت قائلة: “على مدى الأسابيع الستة الماضية، طالبنا مرارا وتكرارا بحماية المدنيين ووقف هذا العنف الشرس. وقد فعل هذا المجلس الشيء نفسه الأسبوع الماضي في قراره رقم 2736”.

وأكدت إيديم وسورنو على ضرورة عدم تجاهل هذه الدعوات، وحثت مجلس الأمن على بذل قصارى جهده – واستخدام كل الوسائل المتاحة له – للدفع باتجاه تنفيذ القرار ووقف هذه المأساة المميتة التي تتكشف فصولها أكثر فأكثر.

أطفال في أحد معسكرات النازحين في الفاشر، شمال دارفور-السودان.

© UNICEF/Mohamed Zakaria

 

العنف ضد النساء والأطفال

وقالت إيديم وسورنو إن أعمال العنف في الفاشر ليست سوى قمة جبل الجليد. مشيرة إلى المعاناة الإنسانية في السودان بلغت مستوى لا يطاق بعد مرور 430 يوما منذ اندلاع هذا الصراع.

العنف الجنسي المرتبط بالنزاع لا يزال متفشيا في السودان، فقد تلقى صندوق الأمم المتحدة للسكان تقارير عن تعرض النساء والفتيات للاغتصاب وتعرضهن لأشكال أخرى من العنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء خروجهن من منازلهن بحثا عن الطعام. “وفقا لتقارير المنظمات المحلية التي تقودها النساء، فإن معدلات الانتحار بين الناجيات آخذة في الارتفاع وتتقلص إمكانية الوصول إلى خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي”.

وتطرقت وسورنو أيضا إلى تقرير الأمين العام السنوي حول الأطفال والنزاعات المسلحة، والذي أفاد بأن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في السودان زادت بنسبة مذهلة بلغت 480 بالمائة.

العاملون في المجال الإنساني لم يسلموا أيضا من العنف. فقد قُتل ستة من عمال الإغاثة، جميعهم مواطنون سودانيون، خلال الأسابيع الستة الماضية. وبذلك يرتفع العدد الإجمالي لعمال الإغاثة الذين قتلوا إلى 24 شخصا منذ بدء الحرب، وفقا للمسؤولة الأممية.

مزرعة دواجن مهجورة في مدني تحولت إلى مأوى للنازحين الفارين من الحرب في الخرطوم.

 

المجاعة باتت وشيكة 

وبالإضافة إلى الخسائر المباشرة التي لحقت بالمدنيين، أفادت إيديم وسورنو بتفاقم الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد، محذرة من أن “المجاعة وشيكة”، حيث يواجه ما يقرب من 5 ملايين شخص مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، ويعيش تسعة من كل عشرة من هؤلاء الأشخاص في المناطق المتضررة من النزاع في ولايات دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم.

ويواجه أكثر من مليوني شخص في 41 منطقة من مناطق الجوع الساخنة، خطر الانزلاق إلى جوع كارثي في ​​الأسابيع المقبلة.

ثلاثة مطالب رئيسية

وسلطت المسؤولة الأممية الضوء على ثلاثة مطالب رئيسية هي: 

أولا، حماية المدنيين والبنية التحتية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة؛ 

ثانيا، ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وبشكل مستدام وموسع إلى الأشخاص المحتاجين؛ 

ثالثا، زيادة التمويل لعملية المساعدات الإنسانية.

يعيش اللاجئون السودانيون في ملاجئ مؤقتة في بلدة أدري الحدودية بعد فرارهم إلى تشاد بسبب العنف والجوع.

 

حرب على النساء

كما تحدثت في جلسة مجلس الأمن الدكتورة لمياء عبد الغفار ممثلة لجمعية تنظيم الأسرة السودانية، مشيرة إلى أن الحرب “سلبت الكثير من أبناء شعبي سلامتهم وحقوقهم وسبل عيشهم. واليوم، قُتل أكثر من 16 ألف شخص، وتشرد ما يقرب من 10 ملايين، ويواجه 18 مليونا انعدام الأمن الغذائي الحاد”.

ووصفت الحرب في السودان بأنها “حرب على النساء”، اللائي قالت إنهن يشكلن الأهداف الرئيسية للعنف القائم على النوع الاجتماعي، ويشكلن أغلبية النازحين والمتضررين من الجوع. 

Share this content:


اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading