وفي بيان صادر عن المفوضية وقرأه المتحدث باسمها جيريمي لورانس في المؤتمر الصحفي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، قالت المفوضية إنه منذ 12 تموز/يوليو، قُتل 503 فلسطينيين، معظمهم في وسط قطاع غزة، وفقا لما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.
وأضاف أن 3 حوادث أسفرت عن إصابات جماعية، وقعت في 13 و14 تموز/يوليو في منطقة المواصي في خان يونس ومخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة وفي مدرسة تابعة للأونروا في النصيرات، وأدت إلى مقتل أكثر من 124 شخصا وإصابة مئات آخرين بجروح.
وأعقبت هذه الهجمات غارات أخرى في 15 و16 تموز/يوليو استهدفت مدرسة تابعة للأونروا في الرمال بمدينة غزة، ومدرسة أخرى تابعة للوكالة في مخيم النصيرات وسط القطاع، وشارعا في منطقة المواصي في خان يونس، ما أسفر عن مقتل 59 فلسطينيا وإصابة 76 آخرين على الأقل.
ما من مكان آمن في غزة
وأضافت المفوضية في بيانها أن أمر الإخلاء الذي أصدرته إسرائيل في 9 تموز/يوليو – وهو من بين أكبر الأوامر التي أصدرتها منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر – أجبر الأسر على الاختيار من جديد بين أمرين مستحيلين؛ إما البقاء وسط أعمال عدائية نشطة، أو المخاطرة والهروب إلى مناطق لا تزال عرضة للاعتداءات وبالكاد تتوفر فيها أي مساحة أو خدمات.
وشددت على أنه ما من مكان آمن للناس في غزة، لا الطرق ولا الملاجئ ولا المستشفيات ولا ما تسمى بالمناطق الإنسانية المعلنة من جانب واحد.
ونبه مكتب حقوق الإنسان إلى أن خلق هذه الظروف أدى إلى تفكيك نسيج المجتمع في غزة، وهو أمر كان متوقعا تماما، ما وضع الناس في مواجهة بعضهم البعض وفي صراع من أجل البقاء، وأدى إلى تمزيق المجتمعات المحلية.
وكررت دعوة المفوض السامي لحقوق الإنسان للإنهاء الفوري للعنف، مشددة على ضرورة وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن. وقالت المفوضية في بيانها إن إعادة إعمار غزة يجب أن تبدأ، ويجب إنهاء الاحتلال وتحقيق مبدأ المحاسبة، كما يجب أن يصبح حل الدولتين المتفق عليه دوليا حقيقة واقعة.
نازحون فقدوا كل شيء
أجيث سونغاي، مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة تحدث في المؤتمر الصحفي عن زيارته لقطاع غزة الذي عاد منه أمس الخميس، قائلا “أشعر بالألم عندما أذكر أن الصورة هناك أسوأ حتى مما كانت عليه عندما انضممت إلى المؤتمر الصحفي قبل أكثر من شهر بقليل. إن أهل غزة يعانون بشدة. إنهم حقا يائسون”.
وأفاد بأن الناس يتنقلون من الشمال إلى الجنوب، مرة أخرى، على الرغم من أنهم يقومون بهذه الرحلة وهم يدركون أنها محفوفة بالمخاطر. وقال إنه شاهد أثناء تنقله “عربة يجرها حمار ملطخة بالدماء محملة بممتلكات شخصية. لقد تم تركها أيضا. وليس من الواضح لماذا ومن نفذ هذه الهجمات”.
وعن نزوح الناس من مدينة غزة إلى وسط القطاع، أوضح سونغاي أنه لاحظ أن العديد من المستجيبين الإنسانيين، بما في ذلك الجهات الفاعلة في مجال الحماية، يقدمون خدمات عاجلة للسكان المنهكين والمصابين بصدمات نفسية متكررة في مراكز الاستقبال على طريقي الرشيد وصلاح الدين.
وأضاف “كان معظم الناس يتنقلون على عربات تجرها الحمير والخيول، حاملين أعلاما بيضاء. وقال كثيرون إنهم فقدوا كل شيء بسبب القصف الإسرائيلي، بما في ذلك منازلهم. وقالت امرأة مسنة فرت من مدينة غزة في 11 تموز/يوليو إن القوات الإسرائيلية اعتقلت زوجها عند نقطة تفتيش في طريقه إلى دير البلح. ولم تكن لديها أي فكرة عن مصيره”.
“الفوضى تنتشر”
مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة قال كذلك “نشهد أيضا نتيجة تفكيك إسرائيل للقدرات المحلية للحفاظ على النظام العام والسلامة في غزة”.
وأفاد بأن مكتبه وثق عمليات قتل غير قانونية مزعومة لأفراد من الشرطة المحلية والعاملين في المجال الإنساني، وخنق الإمدادات التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، محذرا من أن “الفوضى تنتشر”. ولفت إلى أنه في العديد من ملاجئ النازحين المؤقتة، يكافح الناس للحصول على الحد الأدنى من الضروريات اليومية.
وأضاف “تظل الخيام المصنوعة من الأغطية البلاستيكية التي رأيناها في المراحل الأولى من الصراع هي الحماية الوحيدة من العوامل الجوية لآلاف الفلسطينيين، بعد قرابة 10 أشهر من التصعيد”.
وأوضح أن بعض التعليم غير الرسمي بدأ تحت القماش المشمع والأغطية البلاستيكية في الحرارة الشديدة، مشددا على أنه يجب رعاية ودعم هذه الجهود الناشئة لتوفير حق الأطفال في التعليم.
انتحار نساء
وأكد سانغاي أن الكيانات الإنسانية وحقوق الإنسان تقوم بعمل لا يصدق في ظل ظروف مستحيلة، في حين تحاول جاهدة ضمان احترام التنوع والشمول. وأشار إلى أن منظمات غير حكومية محلية تدعم مخيما للنازحين حيث تضع الشمول في قلب استجابتها، وتأخذ بعين الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل كامل.
ونبه إلى أن هذه المنظمات تؤكد أن التحديات التي تنتظرها هائلة، بما في ذلك النقص المزمن في الأجهزة المساعدة والتمويل.
ونقل عن إحدى المنظمات غير الحكومية أنه في حين يبدو الحديث عن “اليوم التالي” و”إزالة الأنقاض” بعيدا وغير مجدٍ، إلا أنه يمنحهم الأمل في أن تنتهي هذه الحرب وأن تتم إعادة إعمار غزة على أساس حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال.
وتحدث المسؤول الأممي كذلك عن مشاركة منظمات لحقوق المرأة معلومات حول العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك في الاحتجاز الإسرائيلي، والتي أكدت أنه لا يوجد مجال للحديث عن هذا بينما تستمر الحرب.
وأضاف “سمعت روايات عن نساء انتحرن بسبب ظروفهن المعيشية اليائسة والتدهور الرهيب في صحتهن العقلية”.
تحديات هائلة
وشدد مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة على أن الهجمات المستمرة من قبل إسرائيل، والقواعد الإدارية التي تفرضها السلطات الإسرائيلية والتي تعيق دخول وتسليم الضروريات اليومية، ورفض التصاريح، والبيئة المعادية بسبب الحرب وانهيار النظام المدني، تثير تحديات هائلة لأي استجابة إنسانية ذات مغزى للاحتياجات الهائلة للشعب وتوفير أي حماية.
وقال سانغاي “أثناء السفر عبر إسرائيل، رأيت ملصقات على طول الطرق، ورسائل للإفراج عن الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة”.
Share this content:
اكتشاف المزيد من موقع دار طيبة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.